• Sunday, 25 August 2024
logo

العراق فاقد للسيادة وفريسة للدول المحيطة

العراق فاقد للسيادة وفريسة للدول المحيطة
جواد كاظم ملكشاهي




يقول الفيلسوف وعالم الأجتماع الألماني جورج يلينك أن الدولة ذات السيادة لا يمكن أن تخضع لإرادة أعلى من إرادتها لأنها تفقد بذلك كيانها واعتبارها،ولذلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية لا تزال تجعل من احترام السيادة الوطنية قاعدة اساسية منصوص عليها في ميثاق الامم المتحدة.
كون العراق وفقا للقانون الدولي دولة مستقلة له حدود معترف به دوليا وجغرافية سياسية محددة وعضو في منظمة الأمم المتحدة لذلك لابد ان يحترم سيادة الدول وبالأخص المجاورة منها وبالمقابل على دول العالم وخصوصا الجوار منها احترام استقلال وسيادة العراق طبقا للقانون الدولي والمعاهدات الدولية.
ان سيادة الدول تعتمد او ترتكز على عدة عناصر ,اهمها قوة واقتدار الحكومة التي تديرالدولة بأعتبارها المسؤولة عن جميع مفاصل البلد السياسية والأقتصادية والأمنية وغيرها، بناء على ذلك اذا تم خرق سيادة الدولة فتكون احد اسبابها الرئيسة هي ضعف الحكومة و وجود فجوة بين مكونات وطبقات الشعب لأسباب عدة.
العراق ومنذ تأسيسه وليومنا هذا كان ومايزال يعاني من مشاكل مع دول الجوار والمحيطة بسبب موقعه الجغرافي والتداخل الحدودي والقدرات البشرية والأقتصادية التي يمتاز بها ولذلك هو في صراع ازلي مع تلك الدول وحسب الظروف التي تتحكم بطبيعة العلاقة معها.
بعد التغيير الذي حصل بالعراق في 2003 وتفكك مؤسسات الدولة ومنظومتها الدفاعية والأمنية ونظرا لمصالح الدول الكبرى و المجاورة والمحيطة اصبح ساحة للصراع الأقليمي والدولي وفقد استقلاليته وسيادته بشكل كامل واصبحت الحدود والاراض العراقية مفتوحة على مصراعيها لمن هب ودب من الدول والاجهزة المخابراتية والمنظمات الارهابية المرتبطة بذات الدول.
فقدان الوحدة الوطنية وحدوث فجوة كبيرة قومية وطائفية بين المكونات العراقية بسبب سياسات الطبقة الحاكمة وارتباطها بالقوى الأقليمية واجندتها وتصارعها على المكاسب والمغانم كانت احدى الاسباب الرئيسة الأخرى للفوضى الذي يعانيه العراق في التعامل مع ضبط الحدود و خرق سيادته.
على سبيل المثال القوى السياسية الشيعية المرتبطة بالأجندة الأيرانية في العراق والمنطقة التي كانت لها الدور الاكبرفي ادارة البلاد طبقا للدستور والنظام الجديد والتي تعتمد بقائها على مدى قوة وفاعلية ايران في الهيمنة على اوضاع العراق و المنطقة، اصبحت خاضعة تماما للنفوذ الأيراني لتحتمي به من المخاطر والتهديدات التي تواجهها من الأطراف الأخرى؟
المكون السني ايضا وبسبب الهيمنة الأيرانية على مقدرات العراق وخوفه على مستقبله من النفوذ الايراني المتنمر لم يكن امامه خيار اخر الا الأرتماء في احضان الأنظمة العربية المتصارعة مع ايران واصبحت جزءا من اجندات تلك الدول في العراق للحفاظ على مستقبلها ووجودها كمكون فاعل في الساحة العراقية.
اما المكون الكوردي ونتيجة لتجزئة ارضه طبقا لمعاهدة سايكس بيكو بين دول المنطقة وتكالب كل من ايران وتركيا وسوريا والعراق عليه لأبقائه تحت احتلالهم وعدم افساح المجال له لينال حريته وبناء كيانه المستقل على ارضه،لم يبق امامه خيار سوى بناء علاقات مع الدول الكبرى المتواجدة في المنطقة وربط مصالحه معهم لحماية نفسه من التهديد والمخاطر التي تواجهه من دول المنطقة ،خاصة انه خاض حروب دموية ضد تلك الأنظمة للحفاظ على وجوده وتعرض لجرائم الأبادة الجماعية واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا كضريبة لمطالبته بالحرية والسيادة على ارضه.
اما المكون التركماني الذي يعد من بقايا الأحتلال العثماني للمنطقة والعراق والذي استمر لقرابة 400 عام انقسم طائفيا بين الارتباط بالسياسة التركية ، والأيرانية في المنطقة للأحتماء بهما وضمان مصالحه ،وكل هذا والعراق ليس بأمكانه من القيام بأي ردة فعل ضد تلك الدول و لم يحصد منها شيء سوى الحروب والأقتتال الداخلي ونزيف الدم وتبديد ثرواته والذهاب نحو المجهول.
التضارب بين مصالح القوى السياسية الممثلة للمكونات الثلاث الرئيسة وارتباطها بالقوى المتصارعة في العراق والمنطقة جعل من العراق محافظة متكونة من عدة اقضية تابعة لهيمنة هذه الدولة وتلك وبذلك فقد العراق سيادته واستقلاله واصبح حدوده واراضيه مباحة و فريسة لدول الجوار والقوى الخارجية.
لذلك نرى ايران التي تعد العراق ضيعة لها تصدر مامقداره 12 مليار دولار من البضائع والكهرباء والمنتجات النفطية المكررة له ،ولها حضور عسكري وامني كبير تتحكم بكل صغيرة وكبيرة و تركيا مستفيدة من العراق اقتصاديا بمليارات الدولارات سنويا وتعطي لنفسها حق اجتياز الحدود متى ما شاءت واقتضت مصلحتها.
سوريا هي الأخرى كانت في بداية التغيير2003 ترسل يوميا المخخات لقتل المدنيين العزل رغم تعاملها التجاري مع العراق بمليارات الدولارات والأردن يحصل يوميا على مئات الألاف من براميل النفط بسعر رمزي مع الأحتفاظ بتبادله التجاري والسعودية التي لايخفى على احد دورها في ضعضعة الاوضاع الامنية في العراق من خلال دعم الجماعات الارهابية والكويت الدويلة الصغيرة هي الأخرى استغلت الأوضاع بعد 2003 وقضمت مناطق حيوية من ميناء الفاو بعد ان حملت العراق عشرات المليارات من الدولارات خسائر عن الاحتلال الصدامي لبلده طبقا للقرارات الدولية.
عليه العراق لم يعد لديه سيادة واستقلال وارض ومياه وسماء محمية نتيجة فشل الأحزاب والقوى السياسية التي وصلت للسلطة للنهب والسلب وسرقة المال العام وينبغي لنا عدم اتهام الأخرين بخرق السيادة وتحميل القوى السياسية العراقية مسؤولية ما يجري في البلاد.





باسنيوز
Top