• Sunday, 25 August 2024
logo

الدور العراقي للرئيس نيجيرفان بارزاني

الدور العراقي للرئيس نيجيرفان بارزاني
معد فياض



كان أول لقاء لي مع نيجيرفان بارزاني عام 2004، لغرض حوار صحفي، كانت سمعته قد انتشرت عراقياً وعربياً وعالمياً، باعتباره رئيس وزراء شاب وطموح وذكي وشجاع. وكانت هذه هي الزيارة الاولى لي لأربيل بعد سنوات طويلة، ويومها كانت المباني تنمو تواً مثل حقل أشجار في المدينة، ولم يكن فيها سوى فندق واحد ذي خمس نجوم (شيراتون أو أربيل الدولي)، الذي يستضيف الزوار والوفود من خارج العراق.

استقبلني رئيس الوزراء الشاب، نيجيرفان بارزاني بروحه المرحة وابتسامته لاغياً الشكليات الرسمية، منفتحاً على كل الأسئلة بلا تردد، تحدث عن مشاريعه الطموحة لإعمار إقليم كوردستان كله وليس أربيل فقط، وعن قانون الاستثمار الذي فتح الأبواب أمام المستثمر المحلي والعربي، مؤكداً أن الاقليم سيكون نموذجا عراقيا متطورا. كان يتحدث باعتباره مواطنا كورديا عراقيا حريصا على العراق كله وليس لاقليم فحسب. منذ ذاك ارتبطت بعلاقة صداقة مشرفة مع شخص افتخر بصداقته، فذات مرة قلت له"نحن أخوة"، فرد علي" نحن اصدقاء..الاخ يختاره الله لك وانت مجبر على تقبله، لكن الصديق نحن نختاره"، ولم يقبل ان اناديه الا بلقب"كاكا" وليس دولة الرئيس، وحدث ذات مرة في مؤتمر صحفي له مع توني بلير عندما كان رئيسا لوزراء بريطانيا، في مقره (10 داوونغ ستريت) وسط لندن، ورفع يدي لاسئله، فقال" نعم كاكا معد"، فعلق بلير مبتسما" ستسأل بالكوردي ام بالعربي؟ فاجبت بل بالانكليزي" وضحكنا.

ذات مرة استقبلني وحيّاني بلغة عربية جيدة، ابتسمت وقلت له: "لغتك العربية متطورة"، سأل" حقا"، قلت له بالتأكيد، وانا اعرف لماذا تتعلم العربية، فسال عن السبب، قلت لانك تنوي الترشيح لرئاسة وزراء العراق. قال: "هذا من حقي..أنا مواطن عراقي والدستور يمنحني هذا الحق"، قلت: "العراقيون سيكونوا سعداء لو بالفعل رشحتم لهذا المنصب وسينتخبوك". وقتها كانت بذور المشاريع التي زرعها نيجيرفان بارزاني في ارض اقليم كوردستان قد أثمرت، مئات الشركات العراقية والعربية والعالمية فتحت لها وكالات وفروع ومقرات في اربيل، العمارات علت ببنائها، مطار اربيل الدولي الجديد الذي بني في عهده (نيجيرفان)، الذي صنف كواحد من اكبر ثلاث مطارات في المنطقة يستقبل عشرات الرحلات الدولية وبخدمات متميزة، ناهيك عن الشوارع والأحياء والمجمعات السكنية الحديثة التي انتشرت في عاصمة الاقليم، وثمة فنادق دولية راقية وفخمة فتحت ابوابها للزائرين، بينما حقول النفط بدأت بالانتاج والتصدير وصارت كبرى شركات النفط العالمية تتنافس على الحصول على امتيازات التنقيب والحفر والانتاج.

شعرت، انا العراقي المقيم في بريطانيا وقتذاك، بالفخر بهذا الاقليم الحضاري المتطور الذي يزدهر بفضل افكار وطموحات رئيس وزراء شاب وبامكانيات اقتصادية محدودة، ومنذ ذاك الوقت تساءلت: ماذا سيكون وضع العراق كله لو ان نيجيرفان بارزاني صار رئيسا لوزراء العراق وتوفرت له الامكانيات البشرية العراقية الخلاقة والاقتصادية الجبارة؟ وكان نيجيرفان باستمرار يؤكد على ان ما يحدث في الاقليم من تطور وتقدم هو بفضل فريق من المتخصصين الذين يساعدوه بتنفيذ افكاره ومشاريعه ولا يستأثر بالنجاح لنفسه.

الاهم من هذا كله هو اني كنت اسمع من سواق سيارات الاجرة (التكسيات) والمواطنين الكورد في المقاهي او الاسواق تأييدهم ومديحهم لرئيس الوزراء الشاب(آنذاك) الذي غير حياة الناس اقتصاديا وحضاريا واجتماعيا.

الامر لم يقتصر على اربيل، فقد تجولت في الاقليم من حلبجة حتى العمادية، وشاهدت بام عيني التطورات العمرانية والحضارية في عموم اقليم كوردستان وشعبه بمختلف قومياتهم واديانهم وطوائفهم.

اليوم، إذ يمر عام على تسلم نيجيرفان بارزاني مسؤولية رئاسة إقليم كوردستان، خلفا للزعيم مسعود بارزاني، الذي تحقق حلم كورد العراق في عهده بقيام اقليم كوردي شبه مستقل، اقليم قوي وآمن ومستقر، بل ان كبار رؤساء وزعماء العالم كانوا قد استقبلوا وتعاملوا مع الرئيس مسعود بارزاني كرئيس دولة وليس رئيسا لاقليم، احتراما وتقديرا لمنجزاته التاريخية منذ ان كان مقاتلا في البيشمركة الى جانب والده الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني، يبرهن الرئيس نيجيرفان بارزاني بانه جدير بتسلم راية الرئاسة والحفاظ على مبادئ البارزانيين منطلقا من عقيدتهم السمحة بالمضي بسفينة الاقليم الى امام رغم كل الصعاب التي واجهتهم وتواجههم، منصورا بتاييد شعبهم والوقوف معهم من أجل خير الاقليم.

ولا غرابة في ذلك، فالرئيس نيجيرفان يستمد عزيمته وقوته ومحبة شعبه له من تاريخه النضالي، فهو حفيد زعيم خالد ونجل مقاتل ومناضل شجاع، إدريس بارزاني، ويتسلح بروح الجبل متطلعا الى افق غير محدود من اجل تحقيق طموحات كورد العراق المشروعة مع الحفاظ على مصالح جميع العراقيين.

لم يكن اقليم كوردستان في يوم ما حكراً على الكورد، بل برهن البارزانيون بأن الاقليم ملك لكل العراقيين، وهذا ما نشهده اليوم حيث تحول الاقليم الى بيت آمن ومستقر لكل العراقيين بكل قومياتهم واديانهم وطوائفهم، وصار من الطبيعي والضرورة الحتمية تقتضي ان يكون للرئيس نيجيرفان بارزاني، صاحب الانجازات الكبيرة، دورا مهما وبارزا في الوضع العراقي ككل، وهذا ما يتمناه العراقيون قريباً.






روداو
Top