• Sunday, 25 August 2024
logo

برلمان.. آخر زمان

برلمان.. آخر زمان
معد فياض



لا أعرف لماذا يتصور اعضاء وقادة الكتل البرلمانية ان الشعب العراقي ساذج وضعيف ويصدق كل الاعيبهم واساليب النصب والاحتيال التي يمارسونها مع العراقيين. لعل أكبر كذبه يسوقونها النواب علينا هي ادعاءاتهم بانهم "ممثلون عن االشعب العراقي"، نعرف ان االذنب الذي اقترفه العراقيون هو انتخابهم لشلة من الفاسدين وايالهم الى مبنى البرلمان. فقد ملرس هؤلاء النواب شتى انواع الاحتيال على السذج والمغيبين لاخذ اصواتهم بذريعة الدين والمذهب والعشيرة.

لكن عندما اراد المغيبون والذين خدعهم رجال الدين وشيوخ العشائر ووعود الفاسدين واموال السراق وقوة الميلشيات المسلحة، تصحيح المسار وقاطعوا الانتخابات الاخيرة، ومن شارك في الانتخابات صوت لمن يعتقده نزيها، تم تزوير اصواتهم، وحرق صناديق الاقتراع، واغراق بعضها في المخازن تحت الارض، وجاءت التائج حسب المثل العراقي" تريد غزال، أخذ ارنب.. تريد أرنب، أخذ ارنب"، فقد اصر الفاسدون على توطيد اقداممهم في البرلمان وقرروا عدم مغادرته رافعين شعار زعيم حزب الدعوة، نوري المالكي "ما ننطيها".

لم يشرع االبرلمان العراقي منذ تاسيسه حتى اليوم سوى القوانين التي تمنح الامتيازات لاعضائه ولفئات تضمن بقائهم على مقاعدهم باعتبارهم قاعدتهم الانتخابية، وفي مقدمة ذلك قانون السجناء السياسيين والرفحاويين، ولم يكتف بذلك بل وقف ضد مقترحات لقوانين هي لصالح الشعب. اما ما يتعلق بملفات الفساد، فقد حمى، وما يزال، البرلمان العراقي جميع الفاسدين، مع ان جميع النواب يعرفون بملفات الفساد والمتورطين بها، كما صمت عن وحاسبة المتسببين بجرائم احتلال تنظيم داعش الارهابي ومقتل الالاف من العراقيين وفي مقدمتهم ضحايا قاعدة سبايكر.

المشكلة هي ان قادة الكتل البرلمانية، وخاصة قيادات واعضاء احزاب وتيارات الاسلام السياسي والميلشيات المسلحة يظهرون في الاعلام وهم يدافعون عن النزاهة معلنين حربهم ضد الفساد وضرورة ان يكون يحصر السلاح بيد الدولة ومدافعين عن حقوق الشعب الذين هم سراقه، معتقدين ان العراقيين يصدقون الاعيبهم واكاذيبهم.

وجاءت ثورة تشرين العام الماضي التي انتفض فيها جميع العراقيين وفي كل المحافظات العراقية ضد فساد البرلمانيين والحكومة لتعلن امام الملأ براءة العراقيين منهم، وكان عليهم الشعور بالخجل والاستقالة بدلا من تمسكهم بمناصبهم رغم انف الشعب الذي يدعون بتمثيله.

ومنذ أشهر ورغم الازمات الصحية بسبب جائحة كورونا، والمالية والامنية والسياسية، وأعضاء برلمان آخر زمان تستريح في مقرات اقامتها داخل وخارج العراق وكانهم يعيشون في كوكب آخر بعيداً عن كوكب العراق وعن الشعب العراقي دون الاحساس باية مسؤولية قانونية او شرعية او أنسانية، مع انهم يتقاضون رواتب وامتيازات خيالية.

اليوم تاتينا أخبار البرلمان التي تؤكد سخريتها من الشعب العراقي، مبشرة ايانا بان النواب سوف يجتمعون غدا لمناقشة مقترح الاستدانة من المصارف المحلية او الخارجية لمعالجة الازمة المالية، مع ان مجلس النواب لو شرع قانون استرداد المبالغ المسروقة من قبل قادة الاحزاب وكتل الاسلام السياسي السنية والشيعية، والغاء امتيازات رفحاذ التي تكلف خزينة البلد 102 مليار دينار شهرياً، ورواتب الفضائيين والميلشيات التي تزيد عن 12 مليار دولار، حسب معلومات صندوق النقد الدولي، والسيطرة على واردات الموانئ والمعابر الحدودية التي تزيد عن 22 مليار دينار شهريا، لما احتاج العراق لاية قروض من اي مصرف.

من جملة انباء برلمان آخر زمان، هي ممارسة قادة كتله لعبة التحالفات، وهي عملية اعادة تدوير تقسيمات اعضائه لتبدو العملية وكانهم حريصون على اوضاع الشعب العراقي، ومن هذه الاكاذيب عي الاعلان عن انبثاق تحالف سياسي نيابي جديد يهدف الى تمرير القوانين داخل مجلس النواب، حسبما أعلت اليوم عضو الهيئة السياسية لجبهة الإنقاذ والتنمية، خالد الدبوني.

وقال الدبوني لشبكة رووداو الإعلامية إن تحالفاً جديداً ينطلق اليوم بعد اجتماع في منزل رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم ومجموعة نواب ومن مختلف الكتل السياسية، مبيناً أنهم "وجدوا أنه من الضروري انبثاق تحالف سياسي نيابي، يمكن من خلاله تمرير القوانين داخل مجلس النواب".


وأضاف أن "التحالف الجديد سيضم تيار الحكمة وائتلاف النصر، وكتلة كفاءات وكتلة إرادة، وقد تلتحق بهم كتلة السند الوطنية، التي يترأسها النائب أحمد الاسدي".
واذا تاملنا اسماء الشخوص والكتل المشاركة في هذا التحالف سوف نكتشف بانهم ذاتهم الذين تسببوا بخراب العراق وسرقة امواله، والسؤال هنا لماذا لم يقوموا هؤلاء المتحالفين من قبل بما اسموه "تمرير القوانين داخل مجلس النواب"؟ هل كانوا غافلين عن مهماتهم الاساسية، ام انهم يريدون تحسين صورتهم عن طريق تصدير اكاذيب جديدة للشعب العراقي الذي يعرفهم ويعرف اساليبهم جيدا.






روداو
Top