• Sunday, 25 August 2024
logo

نيجيرفان بارزاني.. والحكومة العراقية

نيجيرفان بارزاني.. والحكومة العراقية
معد فياض



تضع بعض الأحزاب السياسية العراقيل في طريق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في عملية استكمال تشكيلته الحكومية، وهم فعلوا ذلك أساساً خلال عملية تشكيل الحكومة أصلاً بهدف ابتزازه لنيل المزيد من الامتيازات غير المشروعة وعلى حساب بقية الأحزاب أو الكتل البرلمانية وفي مقدمتهم الكورد.

واليوم يخوض الكاظمي معركته بهدوء مع هذه الأحزاب لتسمية الوزراء السبعة والمضي قدماً من أجل تحقيق برنامجه الحكومي، وحسب مقرب من الكاظمي فإن الأحزاب الكوردية، وفي مقدمتهم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بزعامة الرئيس مسعود بارزاني، هو الأكثر تعاوناً مع رئيس الحكومة من أجل استكمال تشكيلته الوزارية.

وإذا ما تتبعنا الأحداث منذ البداية، وأعني هنا بداية ترشيح الكاظمي لتسميته رئيساً للوزراء، فسنجد أن أول الداعمين له، وبقوة، كان، وما يزال، رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، الذي كان قد أصدر بياناً بتأييد ترشيح الكاظمي قبل أن ييأس سلفه عدنان الزرفي من تمكنه من تشكيل الحكومة ومن ثم استقالته من هذا التكليف.

لقد حسم نيجيرفان بارزاني السجالات التي كانت تدور في كواليس الأحزاب والكتل السياسية ببغداد عندما أعلن وبصراحة تأييده ودعمه لتكليف الكاظمي، هذا التأييد الذي اعتبر رسالة واضحة وصريحة لبقية الأحزاب العراقية بأن إقليم كوردستان مع هذا التكليف ويجب أن يمضي، مما دفع ببقية الأحزاب السنية والشيعية المترددة إلى إعلان موقفها بتأييد الكاظمي ومفاتحة رئيس الجمهورية برهم صالح للمضي بهذا التكليف دستورياً.

ثم جاءت المرحلة الثانية، الأكثر تعقيداً وصعوبة، وهي رفع الألغام من أمام طريق الكاظمي ليمضي بتوزيع الحقائب الوزارية، وكان عليه أن يوازن بين من يختاره لاعتقاده بأنه سينجح في تنفيذ برنامجه الحكومي الوطني الطموح، وبين محاولة إرضاء هذه الكتلة النيابية أو تلك دون المساس بأوليات برنامجه ووعوده لتحقيق مطالب الشعب العراقي من جهة، والشروع بمهمته لتنفيذ هذا البرنامج.

ووسط مصاعب هذه العملية، أي تسمية الوزراء بما يرضي الشعب وبما يلبي طموحات رئيس الوزراء، وبما يقنع الكتل النيابية للموافقة على التشكيلة من أجل منحها الثقة قبيل نهاية الفترة الدستورية، برز أيضاً الدور المهم والداعم لنيجيرفان بارزاني بعدم وضع العراقيل من قبل الكتلة الكوردستانية في طريق الكاظمي والتضحية ببعض الاستحقاقات الدستورية المشروعة لإقليم كوردستان، لكن دون أن يكون ذلك على حساب مصلحة الشعب الكوردي، وكانت أولى هذه التضحيات هي التنازل عن وزارة، وبدلاً من أن يكون نصيب إقليم كوردستان أربع وزارات، حسب الاستحقاق الدستوري، وافقت قيادة إقليم كوردستان على أن يكون نصيبها ثلاث وزارات بينها وزارة سيادية، وهي وزارة المالية التي كانت للكورد في الحكومة السابقة.

وأيضاً جاء من يريد وضع العصي في عجلة الكاظمي، متخذاً من الكورد وسيلة لعرقلة مسيرته، وذلك بالمطالبة بوزارة المالية مقابل منح الإقليم وزارة الخارجية، معتقدين أن قيادة الإقليم سوف ترفض هذا الطلب وتعيق طريق رئيس الوزراء المكلف، وقتذاك، لكن قيادة الإقليم، الحزب الديمقراطي الكوردستاني خاصة، عبرت عن حرصها المخلص على مصلحة البلد والشعب العراقي بما فيهم الكورد باعتبارهم الشركاء الحقيقيين في الوطن، كونهم يمثلون الأغلبية الثانية بعد العرب في العراق، دون المساس بحقوق بقية المكونات، فسحبوا البساط ممن أراد الاصطياد بالمياه العكرة، ووافقوا على التنازل عن وزارة المالية مقابل الحصول على وزارة الخارجية التي تمثل وجه العراق عربياً وعالمياً، لا سيما وأن للكورد، وخاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، تجربة ناجحة على مدى سنوات بقيادة وزارة الخارجية عندما كان وزيرها السياسي العراقي هوشيار زيباري.

لقد برهن السياسيون الكورد، ومنذ 2003 وحتى اليوم، بأنهم بيضة القبان في السياسة العراقية وأساس التوازن فيها من أجل مصلحة العراق والعراقيين، واضعين في أول سلم أولوياتهم إنجاح العملية السياسية وفق الدستور العراقي وسيادة النظام الديمقراطي، بالرغم مما شاب العملية السياسية من نكران لجميل الكورد وتضحياتهم وتنازلاتهم من قبل بعض الأحزاب التي حكمت العراق، وفي كل مرة يخرج السياسيون الكورد منتصرين بمواقفهم النبيلة من أجل العراق وإقليم كوردستان.

إن دعم رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني للكاظمي منذ البداية جاء نتيجة دراية ودراسة وخبرة ومعرفة وقراءة مستقبلية دقيقة لمخاطر المرحلة التي يمر بها العراق، وأن البلد إذا بقي بلا حكومة أصيلة سيذهب إلى الهاوية، وأن الكاظمي هو الشخص المناسب لحكم العراق في هذه المرحلة، كونه لا ينحدر من حزب سياسي إسلامي وغير طائفي، وله علاقات متينة مع قادة الإقليم، ولا يميز بين عربي أو كوردي أو تركماني، أو بين مسلم أو غير مسلم، وكانت، كالعادة، نظرة رئيس الإقليم صائبة للغاية.




روداو
Top