• Sunday, 25 August 2024
logo

جريمة قطع رواتب موظفي إقليم كوردستان

جريمة قطع رواتب موظفي إقليم كوردستان
عبدالستار رمضان



أيّاً كانت الاسباب والتبريرات والحجج التي يمكن ان تقدمها الحكومة العراقية لتبرير قرارها الاخير بقطع رواتب الموظفين في اقليم كوردستان، فانه لا يمكن ان يُقنع مئات الآلاف من الموظفين العراقيين في اقليم كوردستان بمختلف وظائفهم ودرجاتهم، والذين يعانون كما يعاني أغلب الناس في العراق والعالم اجمع بسب وباء كورونا وحظر التجول الذي يعرف الجميع آثاره ونتائجه.

وبدلاً من ان تقوم الحكومة العراقية بتقديم منحة لابناء الشعب العراقي ومن ضمنهم سكان الاقليم، كما فعلت الكثير من الدول مثل تركيا ودول الخليج وكندا التي قدمت شيكا بمبلغ الفي دولار لكل من يتصل بارقام معينة ليدخل في حسابه كمساعدة وتعويض عن الاذى والضرر النفسي والاجتماعي الذي سببته جائحة كورونا، بدلاً من ذلك تقوم بايقاف تحويل مبالغ الرواتب الى موظفي الاقليم والتي هي اساساً متأخرة والموظفين لم يستلموا اي راتب من رواتب عام 2020.

ان التفاعلات الكثيرة والآثارالخطيرة لقرارقطع الرواتب وفي هذا الوقت بالذات حيث كورونا وقدوم شهر رمضان المبارك، يجعلها ليست قضية قطع رواتب او عمل اداري او حكومي جراء اجتهاد شخصي او خطأ وظيفي يمكن فيما بعد تبريره، بل ان هذا العمل هو جريمة بكل القوانين والشرائع السماوية والارضية، وهو يذكر العراقيين بالحصار الجائر الذي عاشوه في التسعينات، وحصار النظام السابق لاقليم كوردستان والذي كان حصاراً مزدوجاً وقاسياً.

قطع رواتب موظفي الاقليم قضية قديمة ومتجددة منذ سنوات وقد تحولت الى معادلة سياسية وحسابية ودستورية وقانونية معقدة بين الحكومة العراقية وحكومة الاقليم، ولكل طرف اسبابه ومبرراته التي يقدمها، لكن من المهم والواجب الدستوري والقانوني الملقى على الحكومة الاتحادية العراقية ان لا تجعل ارزاق ورواتب الموظفين ورقة مساومة اوضغط تستخدمها عند كل ازمة او مشكلة داخلية او خارجية.

هذه المعادلة المعقدة طرفها الاول سياسي يظهر ويؤثر بشكل كبير بفعل القوى السياسية المهيمنة على القرار السياسي في العراق، والتي تستخدم الرواتب ورقة ضغط كلما كانت هناك مفاوضات تشكيل حكومة او اقرارقوانين معينة لصالحها، من اجل التأثير ولي الاذرع وفرض الارادات على الاقليم، وتتكرر في كل مرة وقد جربها اغلب رؤساء الحكومة السابقين وكلهم فشلوا كما فشل من سبقهم في حكم الدولة العراقية.

اما الطرف الآخر في هذه المعادلة او القضية فانه لا يمكن اغفال او تجاهل العامل الاقتصادي بسبب تراجع اسعار النفط وازمة كورونا العالمية، والتي يمكن تفهم اي اجراءات حكومية وفي اي بلد بالعالم لو تمت وطبقت بعدالة ومساواة على جميع الموظفين في العراق.

كما ان على حكومة الاقليم ان لا تعطي الذرائع بالاصرار والعناد على الاحتفاظ او الحصول على وزارة معينة او منصب ما، لان وزارة المالية او اي منصب في بغداد واي شخصية مهما كانت قيمتها او عنوانها فان مصالح وارزاق وحياة الناس اهم واكبر منها، ويجب ان لا يكون ذلك سببا لقطع ورواتب الموظفين التي هي ليست حق خاص ولمصلحة الموظفين فقط بل هي قضية عامة وتشغل وتحرك عجلة الاقتصاد والحياة لكل الناس.

تجويع مواطني إقليم كوردستان او تجويع اي مواطن في اي مكان في العراق امر مرفوض وسياسة خاطئة وتشكل جريمة يجب ان يتحرك الادعاء العام والقضاء في العراق واقليم كوردستان من اجل التحقيق فيها ومعاقبة كل من يثبت مسؤوليته حسب احكام الدستور والقانون.




روداو
Top