• Sunday, 25 August 2024
logo

إلغاء الطائفية السياسية من النفوس قبل النصوص

إلغاء الطائفية السياسية من النفوس قبل النصوص
سولاف كاكائي

تتكرر هذه العبارة من قبل النشطاء والسياسيين اللبنانيين في محاولة لإلغاء الطائفية السياسية التي أبتلت بها البلاد منذ أنتهاء الحرب الأهلية بتوقيع ما يعرف بوثيقة الوفاق الوطني (أو أتفاق الطائف) في 30 أيلول 1989، والمصادقة عليها من قبل مجلس النواب في 5 تشرين الثاني من العام نفسه، إضافة إلى التعديل الدستوري الذي منحها المشروعية القانونية.

فتقاسم السلطة بين الأطراف المتنازعة في الحرب الأهلية التي دامت 15 عاماً (منذ 1975) الذي تضمنتها الوثيقة كانت السبيل الوحيد لايقاف نزيف الاقتتال والتناحر الداخلي بتقسيم المناصب السيادية (رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة و رئاسة مجلس النواب) بين المكونات الثلاث الرئيسية (المسيحيين، السنّة ، الشيعة).

إلاّ أنه تقسيم مؤقت كما ورد في نص (الفقرة أولاً2ز من الميثاق): إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية، وذلك بتشكيل هيئة وطنية مهمتها دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية، وإلغاء قاعدة التمثيل الطائفي وأعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة والمصالح المستقلة.

لذلك تتعالى الأصوات بضرورة تفعيل تلك الفقرة من الميثاق المتعلقة بآلية إلغاء الطائفية السياسية واعتماد المواطنة اللبنانية في كل مرة تتعرض فيها البلاد إلى أزمة دستورية تشل المؤسسات، وخاصة في العام 2014 بسبب شغور منصب رئاسة الجمهورية وعدم الاتفاق حول أنتخاب رئيس جديد للبلاد لصعوبة التوافق بسبب أسلوب المحاصصة الطائفية الذي يحتم أن يكون من ضمن الطائفة المسيحية والمارونية حصراً، فلو لم يكن هذا العرف الدستوري موجوداً، لكان بالامكان تولّي المنصب من قبل أي مواطن لبناني مهما كانت طائفته، درزياً كان أم علوياً أو أرمنياً أو أرثوذكسياً أم سنياً أم شيعياً.....
من هنا، أصبح (إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص) شعاراً ينادى به، على أعتبار أنه حتى لو تمّ تفعيل نص وثيقة الوفاق الوطني المتعلقة بإلغاء الطائفية السياسية، فإن الأخيرة متجذرة في نفوس الشعب اللبناني.

عليه، يرون ضرورة إقتلاع الطائفية وتداعياتها السلبية من نفوس الفرد اللبناني الطائفي قبل الشروع بإلغاء نظام المحاصصة الطائفية لتكوين لحمة وطنية تضم الشعب اللبناني كمواطنين وليس كشخص طائفي ينتمي للمذهب الفلاني أو الطائفة الفلانية.

ومع ذلك، لم تنجح المحاولات لالغاء الطائفية السياسية في لبنان لأن السياسيين فضلوا استمرار الأزمة الدستورية والحكومة الغير مكتملة على إلغاء نظام المحاصصة الطائفية وتوحيد اللبنانيين كمواطنين.

والأمر نفسه يتكرر في العراق، بنظامه الطائفي منذ 2003 لكن دون وجود نص دستوري أو قانوني يشير إلى توزيع المناصب السيادية بين المكونات الثلاث الرئيسية من الكورد والشيعة والسنة، لاستناده إلى عرف دستوري، وبالأخص فيما يتعلق بمنصب رئاسة الحكومة التي أصبحت حكراً على المكون الشيعي (حصل في كانون الثاني من العام 2005 أول تبادل لمنصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب بين المكونين الكوردي والسني).

وتشير البوادر إلى أن نظام المحاصصة الطائفية العراقي مؤبد، لعدم وجود نص يشير إلى إلغاءه والاستعاضة عنه بنظام يعتمد الكفاءة والمواطنة بعيداً عن الانتماءات المذهبية والطائفية، فهو فهو أسلوب متجذر في النفوس لعدم استناده إلى نص.

أضف لذلك لا زالت الكتل السياسية تعجز عن الاتفاق على مرشح لمنصب رئاسة الحكومة، وإصرارها على أن يكون من ضمن الطائفة الشيعية، رغم التأكيد على أن المرشح سيتولى المنصب مؤقتاً لحين إجراء أنتخابات نيابية، كما حصل في ظل المرشح المكلف مصطفى الكاظمي (نيسان 2020).

فإذا كانت الأزمة الصحية التي تجتاح العالم في فيروس الكورونا، والفراغ الدستوري في العراق في ظل حكومة تصريف أعمال (منذ أستقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي كانون الأول 2019) والأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين وملفات الفساد التي تعمل على تبديد ثروات الدولة واستنزاف مواردها لا تستدعي التغاضي عن المحاصصة الطائفية في هذه الحكومة المؤقتة، فمتى يمكن التوصل إلى تحقيق المواطنة والديمقراطية واعتماد الكفاءات وغيرها من الشعارات التي تتغنى بها الكتل السياسية إبان الحملات الانتخابية!!!!!




روداو
Top