• Sunday, 25 August 2024
logo

وعجز الإنسان

وعجز الإنسان
علاء الدين الا رشي



يد الله ترتب ما خربته إرادات البشر على كافة الأصعدة... فالتلوث البيئي الذي صنعه الإنسان بدأ يتقلص ويخف بعد إغلاق المصانع الكبرىك والحكومات بدأت تستشعر مسؤوليتها بعد أن كفرت بمقولة (العدل أساس الملك)...

ها هو يواجه العالم اليوم حرباً معلنة لفيروس غير منظور لكن قتلاه مرئيون. إنه الفيروس الذي غير خارطة الأحداث الجارية، وأقام خلخلة في النظام العالمي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والديني، ومازال هذا الفيروس في بهرجة وعتو وعلو يحرث تربة الراهن ويعمد إلى تشكيلات ذهنية ونفسية وتصورية متباينة وهو يمضي كنار تأكل من تمسه من إفريقيا إلى آسيا ومن أوروبا إلى أمريكا ومن الصين حيث ولد إلى كل أنحاء العالم وانتقل كورونا إلى كافة القارات وهو ينمو في خمس عشرة دولة، حيث يدق ناقوس الخطر ويشهد العالم التهديد الفيروسي القاتل في أشكاله المتجددة التي فرضت إعلان حالة الطوارئ الصحية الدولية.

ولد كورونا من رحم الاقتصاد العالمي الجديد في الصين وتحديداً في (مدينة ووهان) بعد مضي خمس عشرة سنة على ظهور فيروس (سارس) ومن قبله (إنفلونزا الطيور) و(إنفلونزا الخنازير)، ثم فيروس (إيبولا) الذي اجتاح أفريقيا الغربية قبل سنوات.

خطورة هذا الفيروس هو ميلاده في عالم تحكمه مافيا الاتصال التي أتقنت تغريب الروح، وفي عالم يحارب الفضائل والعبادة ويرى أن تقدم الأوطان منوط بازدراء الأديان وفي تجهمه في وجه المقدس، وخطورة ميلاد هذا الفيروس تكمن في كون لوحة شاشة وتقنيات تكنولوجية باتت مرتبطة بكل أجزاء الحياة من البطاقة البنكية إلى الجوال الذكي، وهذا ما جعل التداعيات كبيرة، وخاصة في تغيير عقلية الناس وبنية المجتمعات.

على الرغم من بساطة تعريف هذا الفيروس وأنه "فيروسات يمكن أن تتسبب في مجموعة من الاعتلالات في البشر، تتراوح ما بين نزلة البرد العادية وبين المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة". فيروسات تحاصر (الإنسان الإله) الذي تم تأطير وعيه بأنه (الفرد الصمد) الذي يحمل في يده العالم بأسره ويطلع في ثوان ومن جواله الذكي على كل صغيرة وكبيرة وأنه لا حاجة له لأي بعد أخلاقي أو قيمي أو مقدس أو عاطفة. لكن هذا الإله الإنسان حتى هذه اللحظة عاجز عن مجابهة هذا الفيروس على الرغم من أن الإنسان افترش الأرض والسماء وجلس على كرسي ذاته وحارب كل قيم وعم على شيطنة المقدس وتسليع المرأة وسن ما يصادم خلقته ونشأته. إنها لمفارقة أن تلغي الأديان والفلسفات وهم الإنسان بأنه مركز الكون، ليعيد التزوير السياسي و التطور العلمي نفس الوهم وبدرجة أخطر إلى الداخل الإنساني المنعزل عن الروح والذي بنى عالمه الافتراضي وغرق فيه ورفض روحانية الغيب وأنس بسعادة الشيء فدمره الشيء وقهر روحه في أول مواجهة بين الإنسان وبين الفيروس

كل ما في وسعنا أن نقوله متى يتصالح الإنسان مع القيم ومع ذاته ومع الكون... متى يتواضع ويعترف أنه السبب في هلاك نفسه...متى يتصالحُ الفكر؟

متى يتصالحُ الفكرُ مع اللهِ الذي سواه؟! متى يتواضعُ العصرُ ويستهدي بنورِ الله؟! متى يتواضعُ الإنسان لربِ الكون جل علاه؟! إذا ما أدمنَ النسيان فإنَّ اللهَ قد ينساه ويترُكَهُ مع الدنيا فقير الروحِ والوجدانِ فيحيى إنما يحيى بلا هدفٍ ولا عنوان.

متى يتوقفُ الإنسان عن الإمعانِ في التيه؟! وهل يرجو سوى الرحمن من الظلماتِ يهديه. إذا بالعلم قد سَكِرَا، فإن الصحو مطلوب لأنّا لم نزل بشرَا علينا الموتُ مكتوبُ.

متى يتوقفُ الإنسان عن الطغيانِ والشر؟!











روداو
Top