• Sunday, 25 August 2024
logo

كوردستان.. نوروز العراق

كوردستان.. نوروز العراق
معد فياض




لو تأملنا خارطة العراق الجغرافية لوجدنا أن إقليم كوردستان بقمم جباله الشامخة يكون، تشكيلياً، صورة تاج مهيب وكبير فوق رأس البلد.. ولو تعمقنا في الشكل أكثر لوجدنا، أيضاً، أن هذه الجبال تكون مشهداً يشبه النسر وهو يرفع رأسه عالياً بينما يضم جناحاه خارطة العراق في إشارة رمزية لحمايته للأمة العراقية.

إذا كان هذا هو التكوين الصوري، أو الجغرافي لإقليم كوردستان، فإن الحقائق التاريخية تؤكد تمسك كورد العراق بأرضهم والدفاع عنها وعدم التفريط بها ومواجهة أعتى القوات العسكرية التي حاربتهم بأقوى وأحدث الأسلحة، بما فيها الأسلحة الكيمياوية، وأعدمت منهم الآلاف ولم يستطيعوا هزم إرادتهم.

في حديث صحفي سابق لي مع زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مسعود االبارزاني، الرئيس السابق لإقليم كوردستان، وهو جزء مهم من تاريخ الثورة الكوردية، قال: "نحن عراقيون أصلاء.. وسكان هذه الأرض قبل غيرنا، نحن هنا منذ خمسة آلاف عام".

وبالرغم من الاستفتاء الذي كان قد أجراه الرئيس البارزاني لتأكيد حقهم في تأسيس دولتهم المستقلة، وليس للانفصال راهناً عن العراق، ولأسباب تتعلق بالممارسات اللاديموقراطية التي انتهجتها الحكومة الاتحادية ببغداد والتي تريد تهميش وإضعاف الكورد، فإن تصرفات وممارسات الزعيم البارزاني برهنت وتبرهن انتماءهم الأصيل للعراق وحرصهم على حماية العراقيين.

تأكيدات عراقية الزعماء السياسيين الكورد، البارزانيين خاصة، والانتماء للشعب العراقي، وبأنهم جزء مهم من هذا البلد والشعب يبرهنها رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان البارزاني وهو يدافع عن العراقيين المتظاهرين في ساحات الاعتصامات وأحقية وشرعية مطالبهم من خلال تصريحاته التي أدلى بها في منتدى دافوس العالمي، ومن خلال مواقفه العملية راهناً حيث دعمه المستمر لهم.

نيجيرفان البارزاني يؤكد عراقيته من خلال إصراره على خدمة العراق وإعادة بنائه من موقع تنفيذي متقدم في بغداد، عاصمة كل العراقيين، فهو يرى، وحسب حوار صحفي سابق لي معه "بأني عراقي وحسب الدستور من حقي أن أرشح نفسي لرئاسة وزراء العراق لخدمة العراق وشعبه وإعادة بنائه".

وأرى أن العراق سيكون محظوظاً لو تحقق ذلك بعيداً عن سياسة المحاصصات الدينية والطائفية والقومية. كما يتوقع العديد من المراقبين السياسيين العراقيين وغيرهم أن يكون لرئيس إقليم كوردستان العراق موقع متميز في بغداد خلال الفترة القريبة القادمة، وسوف يقدم الكثير من الانجازات اعتماداً على تجاربه وإنجازاته الناجحة في الإقليم.

إقليم كوردستان تحول إلى مفخرة العراق والعراقيين بمختلف أطيافهم القومية والدينية، كما أن الشعب الكوردي عبّر بإخلاص عن انتمائه للعراق من خلال احتضانهم بكرم ومحبة لأشقائهم العراقيين من مختلف المحافظات في ظل أصعب الظروف، وحتى في الظروف الطبيعية، ففي أحاديثي هنا في أربيل، عاصمة الإقليم، مع سواق سيارات التاكسي أو في المقاهي أجد حرصاً كبيراً منهم على بقية مناطق العراق وخاصة بغداد، بالرغم من أن الغالبية منهم لم يزوروا أية مدينة عراقية خارج الإقليم، وعندما أسألهم عن سبب هذا الحرص ينبرون وبإصرار: "بغداد عاصمتنا..عاصمة كل العراقيين ونحن من هذا البلد".

إقليم كوردستان هو الجزء الجميل في العراق، بشعبه وطبيعته الجغرافية وبحقول النرجس التي تلون اليوم جبال ووديان كوردستان حيث فصل الربيع وموعد أعياد نوروز التي حرم فايروس كورونا الاحتفالات الشعبية به، إذ كانت أربيل والسليمانية ودهوك وبراريها تزدحم بمئات الآلاف من المحتفلين المحليين والقادمين من خارج العراق.

اليوم، وبالرغم من انحسار الاحتفالات االشعبية بأعياد نوروز، فإن الإقليم وبأهله صار نوروز وبهجة جميع العراقيين، صار نوروز العراق كله، هنا تسمع كل اللهجات العراقية وترصد كل ألوان الطيف العراقي وفسيفسائه.









روداو
Top