• Sunday, 25 August 2024
logo

البارزاني – عبدي .. مقاربات متقاربة للمسألة الكوردية في سوريا

البارزاني – عبدي .. مقاربات متقاربة للمسألة الكوردية في سوريا
حسين عمر



التصريحات الأخيرة للسيّدين نيجيرفان البارزاني، رئيس إقليم كوردستان، ومظلوم عبدي، القائد العامّ لقوات سوريا الديمقراطية، ولنفس الوسيلة الإعلامية (موقع المونيتور الأمريكي)، بشأن الوضع في غرب كوردستان، لم تكن متقاربة زمنياً فحسب، بل كانت متقاربة في الرؤية إلى العديد من جوانب القضية الكوردية في سوريا كضرورة وحدة الصف الكوردي ومسألة التفاوض مع الحكومة السورية لإيجاد حلّ لا بدّ أن تبدي الحكومة السورية استجابة للتوصّل إليه، وكذلك تحييد القضية الكوردية في سوريا عن المؤثّرات التي تضعها تحت الضغط الإقليمي.

خلاصة تصريحات رئيس إقليم كوردستان:

قال الرئيس نيجيرفان البارزاني لموقع المونيتور: «من حيث المبدأ نعتقد أن مسألة الكورد في سوريا يجب أن تُحلّ داخل حدود سوريا، أعتقد أن الحكومة السورية يجب أن تكون أكثر استعداداً مما هو عليه الآن، فالكورد في سوريا هم جزء من سوريا». مضيفاً : «نصيحتنا في الماضي والحاضر والمستقبل هي أن يجد الكورد السوريون وسيلة للوصول إلى اتفاق مع النظام، كما أخبرتهم مراراً وتكراراً أن يقطعوا علاقاتهم مع حزب العمال الكوردستاني في قنديل».

وأردف الرئيس نيجيرفان البارزاني : «بالنسبة لنا في كوردستان العراق، كلما شعرنا بفرصة لمساعدة إخواننا وأخواتنا في روجآفا والكورد في أماكن أخرى على حل مشكلاتهم بسلام داخل البلدان التي يعيشون فيها، يسعدنا دائماً القيام بذلك».

كما أشاد الرئيس نيجيرفان البارزاني بتضحيات الكورد في سوريا، قائلاً : «أودّ أيضاً أن أغتنم هذه الفرصة لأحيي إخوتي وأخواتي في روجآفا على تضحياتهم العظيمة على خط المواجهة في الحرب ضد الدولة الإسلامية، على شجاعتهم وتفانيهم، إن العدد الكبير من الإصابات التي لحقت بهم لم تكن فقط للدفاع عن أنفسهم وسوريا ولكن للدفاع عن الإنسانية ولهذا نحن مدينون لهم بشكر كبير، ويجب أن يكون، هناك حماية دستورية لحقوقهم كلها في إطار سوريا موحدة، يجب أن يكونوا مواطنين متساوين وأن يعبروا عن أنفسهم بحرية ككورد».

خلاصة تصريحات قائد (قسد):

قال مظلوم عبدي، قائد (قسد) لنفس الموقع : « لقد بذلنا قصارى جهدنا لإصلاح مشاكلنا مع تركيا. كقوات سوريا الديمقراطية، وكوحدات حماية الشعب، أجرينا محادثات مباشرة مع تركيا في الماضي، ونحن مستعدون للقيام بذلك مرة أخرى. فنحن ننشد السلام».


وأردف عبدي « هذا لا يعني أن تركيا مسؤولة عن حل القضية الكوردية في سوريا أو أننا مسؤولون عن حل القضية الكوردية في تركيا. لقد قلنا مراراً أننا لسنا طرفًا في الصراع داخل تركيا. المسألة الكوردية هنا هي مسألة سورية داخلية. ويمكننا المساهمة في حلها بمساعدة جميع البلدان المعنية بالشأن السوري، بما في ذلك تركيا. لكن في النهاية، يجب التفاوض على ذلك مع الحكومة في دمشق. كلنا سوريون وأنا واثق من أننا نستطيع ذلك».


وتحدّث عبدي عن جهود التقارب بين الأطراف الكوردية، قائلاً : «إن عملية جديدة بدأت لإنهاء الخلافات بين القوى في غرب كوردستان» وأضاف: «لا بدّ من وجود ممثلين لكل الأحزاب السياسية لكورد سوريا في (قسد)، ولا يمكن أن يقتصر تمثيل الكورد في المفاوضات مع دمشق على حزب الاتحاد الديمقراطي، وعلى هذا الأساس اجتمعنا مع كل الأحزاب ومنها المجلس الوطني الكوردي حيث أكدت جميع الأطراف استعدادها لذلك».


وأشاد عبدي بدور الرئيسين مسعود البارزاني و الرئيس نيجيرفان البارزاني بشأن التقارب بين الأطراف الكوردية وعبّر عن اعتقاده بقدرة إقليم كوردستان على أداء دور إيجابي بهذا الشأن، قائلاً : «لقد تحدثت مع أخي نيجيرفان البارزاني، رئيس إقليم كوردستان، حول هذا الموضوع (موضوع وحدة القوى الكوردية)، ولقد وافق على تقديم المساعدة، كما أدلى أخي مسعود البارزاني بتصريحات إيجابية بهذا الشأن».


بمقارنة عميقة بين تصريحات الرجلين، نرى أنّ ثمّة تقارباً كبيراً في الرؤية إلى جوانب جوهرية في القضية الكوردية في سوريا.



البارزاني – ترامب والكورد في سوريا:

كان لافتاً، بل مثيراً لدهشة البعض أن يستهلّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حديثه مع الرئيس نيجيرفان البارزاني، خلال لقائهما في دافوس، عن غرب كوردستان ويُسهب فيه.


والحقيقة إذا كان ذلك يُدلّل على أهمية غرب كوردستان في السياسة الأمريكية في هذه المرحلة وحجم ما تمثّله من ضغط داخلي على الرئيس ترامب شخصياً بسبب اتّهامه من قبل الطبقة السياسية الأمريكية وقطاع واسع من الرأي العام الأمريكي بالتفريط بالمصالح الأمريكية من خلال قراره بالانسحاب من سوريا ومنحه الضوء الأخضر لتركيا باجتياح غرب كوردستان واحتلال أجزاء منه، فإنّ حديثه كان في بعدٍ آخر منه رسالة إلى الرئيس نيجيرفان البارزاني بشأن دوره ودور إقليم كوردستان في المسألة الكوردية في سوريا ومباركة هذا الدور من قبل ترامب شخصياً ودعم شخصي من قبله للرئيس نيجيرفان البارزاني في قيادة هذا الدور، وكذلك رسالة إلى قيادة غرب كوردستان بنفس المنحى.


خاصّة وأنّ قيادة إقليم كوردستان كانت حاضرة وبقوّة في الجهود والاتصالات الدولية والإقليمية إبّان مرحلة القرار الأمريكي بالانسحاب وما تلا ذلك من خطر على غرب كوردستان، سواءً عبر الزيارات التي قام بها لافروف وجيمس جيفري إلى كوردستان أو الاتصالات المتواصلة مع نائب الرئيس الأمريكي وغيرها من القادة المعنيين بشؤون المنطقة، وبذلت قيادة الإقليم كلّ ما بوسعها من أجل تحجيم الأضرار وتقليل المخاطر على غرب كوردستان.


أعتقد أنّ ما أشرنا إليه من تقارب في الرؤى بين السيّدين البارزاني وعبدي يحتاج إلى أن يتحوّل إلى صيغة من العمل المشترك على هذا المسار.


والرئيس نيجيرفان البارزاني، بما يتمتّع به من مكانة لدى صنّاع القرار الدولي والإقليمي بشأن المنطقة، ومصداقية لدى الأطراف المعنية، وكفاءة دبلوماسية تعتمد على منطق الحوار في حلّ المسائل مهما كانت شائكة ومعقّدة، وكذلك قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بما يحظى به من احترام في الأوساط الدولية لدوره القيادي في دحر داعش، وكذلك لدى معظم الأطراف الكوردية المتخاصمة لطرحه نفسه وسيطاً بينها للتوصّل إلى صيغة تفاهم، علاوة على العلاقة الودية التي تربط الرجلين، حسب تصريحاتهما، وكذلك الأوساط المقرّبة منهما، يستطيعان أن يحقّقان هذه الصيغة للعمل المشترك بما يحقّق توافق جميع الأطراف على مشروعٍ سياسيٍّ مشترك قائم على الخصوصية الكوردية في سوريا، واستراتيجية عمل مشتركة من أجل المساهمة في حلّ الأزمة السورية عموماً وتأمين الحقوق المشروعة للشعب الكوردي في سوريا.



ويمكن للرئيس نيجيرفان البارزاني، بدعم روسي ورضا أمريكي، أن يفتح أبواب حوار جادّ بين الجانب الكوردي في سوريا ودمشق. وهذا الحوار، بل وحتى التوصّل إلى اتفاقٍ مع الحكومة السورية لا يتعارض مع انخراط الكورد في مسار جنيف الدولي للحلّ الشامل في سوريا.


فهو مسارٌ دولي تشارك فيه الحكومة والمعارضة السوريتين وينبغي على الكورد أن يساهموا فيه بفعالية الأمر الذي سيتحقّق على نحوٍ أفضل فيما إذا كانت الحركة الكوردية موحّدة الصفوف والمشروع.


كما أنّه سيساهم في تخفيف حدّة الضغوط والمخاطر الإقليمية على الكورد في سوريا، خاصّة من قبل تركيا. يزيد هذا الأمر أهمية وجود جهود دولية، منسّقة مع قيادة إقليم كوردستان، لتحقيق تحوّل سياسي في غرب كوردستان أساسه تجميع الأطراف الكوردية المختلفة تحت سقفٍ واحد.


فوفق المعلومات المتوفّرة لدينا، بعد لقاء الممثل الأميركي الخاص إلى سوريا والمبعوث الخاص إلى التحالف الدولي لهزيمة داعش، جيمس جيفري مع وفدٍ من رئاسة المجلس الوطني الكوردي في اسطنبول (11 يناير 2020)، قام جيفري بزيارة غير معلنة إلى غرب كوردستان ( وإن لم تؤكده الادارة الامريكية، فمن الأرجح أنّها تمت يوم 20 يناير 2020) والتقى بقيادة (قسد) وأطراف أخرى، وكذلك، زارت مديرة مكتبه في غضون هذا الأسبوع المنطقة والتقت بأطرافٍ عدّة.


ومن المنتظر أن يقوم السيد جيمس جيفري، على رأس وفدٍ قد يضمّ ممثلي دولاً مهمّة في التحالف الدولي، بزيارة وشيكة إلى غرب كوردستان ويلتقي جميع الأطراف المعنية.


وحسب المعلومات التي حصلنا عليها، تُظهر الوفود الأمريكية مؤخّراً مواقف ورسائل أكثر حزماً حول ضرورة تحقيق الأطراف الكوردية لوحدة صفوفها. والحقيقة، هذا التوجّه يتوافق مع المبدأ الذي طرحه الرئيس مسعود بارزاني منذ بداية الأزمة السورية، حينما طرح على أطراف الحركة الكوردية، في أوّل لقاءٍ له بقياداتها، أن تتوحّد صفّاً واحداً وتتّخّذ خيارها بما ترتئيه مناسباً لمصالح الشعب الكردي في سوريا، ووعدهم بتقديم كامل الدعم والتأييد في وحدتهم وخيارهم المستقلّ. وقد بذل جهوداً كبيرة في سبيل تحقيق هذا الهدف.












روداو
Top