• Sunday, 25 August 2024
logo

نيجيرفان البارزاني والولاء للعراق

نيجيرفان البارزاني والولاء للعراق
معد فياض



عُرف عن قادة اقليم كوردستتان العراق وضوحهم في مواقفهم وثباتهم عليها، فهم لا يناورون، ولا يساومون على القضايا االمبدأية دون الدخول في حسابات الربح والخسارة طالما هم يربحون كلمتهم وشعبهم وثقة قادة العالم بهم، وهذه هي ابرز مبادئ العقيدة البارازانية التي تؤكد على المصداقية والوقوف الى جانب الحق مهما كلف ذلك من تضحيات، وبالفعل تكبد البارزانيون عشرات الالاف من الرجال والنساء ولم يتراجعوا عن ثورتهم لتحقيق طموحات الشعب الكوردي في الحصول على حقوقهم السياسية والقومية والثقافية في العيش بكرامة تليق بهم كشعب حر كريم.

وفي جميع الحوارات والاحاديث االصحافية وغير الصحافية التي اجريتها مع الرئيس نجيرفان البارزاني وتصريحاته وطروحاته في العراق وفي المحافل الدولية ، اكد على مبادئ لم ولن يتراجع عنها، في مقدمتها ان" الاقليم جزء مهم من العراق، وانه حريص على مصالح العراق، وان حرية وكرامة الشعب العراقي بكل قومياته واطيافه تهمه وليس الشعب الكوردي فحسب، مشددا على أهمية الولاء للعراق التعددي.

ولو قرأنا طروحات الرئيس نجيرفان البارزاني في مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا، الذي انتهت اعماله مؤخرا، فيما يخص تظاهرات الشعب االعراقي في بغداد وبقية محافظات العراق على ان"المتظاهرين يسعون لحياة أفضل ولا يمكن إلقاء كل اللوم على الأيادي الخارجية، مبيناً أن "المشكلة تكمن في عدم وجود شيء اسمه (الولاء للعراق) في حين يجب أن يكون العراق جامعاً لكل المكونات".

وقال نيجيرفان البارزاني خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن أعمال اليوم الثالث من منتدى دافوس الاقتصادي، واالتي كانت"روود"او قد نشرتها على مواقع شبكتها الاليكترونية: "عندما يتعلق بما يحصل في العراق فإننا نتحدث عن جيل تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 23 عاماً أي أنهم لم يعاشوا فترة صدام حسين أو أمريكا بل يسعون لحياة أفضل مقارنة ببقية الشعوب". مضيفا ان "المتظاهرون غير راضين عن أداء الطبقة السياسية وقد أوصلوا رسالتهم عبر الاحتجاجات"، مبيناً أن "العراق قبل اكتوبر يختلف عن العراق بعد هذا التاريخ وعلى السياسيين أن يعوا ذلك لأن الشعب العراقي يستحق حياة أفضل". مشيرا الى ان الشباب"يتظاهرون بدوافع تلقائية لذا لا بد أن نشعر بالمسؤولية ونراجع أنفسنا".

ويؤشر رئيس إقليم كوردستان على نقطة مهمة مفادها، ان "المظاهرات في الفلوجة عام 2013 خرجت للمطالبة بالخدمات البسيطة لكن عدم تلبية المطالب نتج عنه ظهور داعش".

هذه الحقائق التي تحدث عنها الرئيس نيجرفان البارزاني في واحد من اهم المؤتمرات التي حضرها رؤساء وقادة العالم، وفي مقدمتهم دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الامريكية، لم يسبق ان ذكرها اي مسؤول او زعيم حزب سياسي او برلماني عراقي في بغداد، بل صدرت عن زعيم كوردي طالما صرح بانه عراقي ، وان اقليم كوردستان جزء من العراق ، مؤكدا في كلمته في دافوس "نحن جزء من العراق ولا نستطيع النأي بأنفسنا عما يحصل لذا نعمل على تهدئة الأوضاع ولدينا تواصل مع بغداد بهذا الغرض".

يأتي ذلك في وقت تدير الحكومة الاتحادية ومجلس النواب العراقي وجوههم عن تظاهرات شباب االعراق التي اشتعلت منذ اكثر من ثلاثة اشهر غير مبالين بمطاالب المحتجين المنادية بالاصلاح والتغيير.

لقد اتصفت سياسات قادة احزاب الاسلام السياسي المتحكمة في الاوضاع ببغداد على مدى 16 عاما بالمناورة وعدم مصداقيتها في مواقفها من قضايا وطنية مهمة للغاية، وهذا ما قاد البلد الى الخراب وتفشي الفساد، وجاء قرار البرلمان العراقي الأخير، غير الدستوري، بخروج القوات الامريكية من العراق ليعزز عدم وضوح مواقف هذه الأحزاب وممثليها في البرلمان، فالقرار اتخذ بغياب ممثلي الكورد والسنة . علاوة على ذلك فقد برهن من اتخذ القرار على عدم وضوحه عندما كشف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن ان المسؤولين العراقيين في جلساتهم الخاصة مع المسؤولين من الإدارة الامريكية يؤكدون على أهمية وجود هذه القوات في العراق ولا يريدون إخراجها. على العكس من ذلك يؤكد القادة الكورد موقفهم الثابت والواضح من هذه المسألة، اذ قال رئيس إقليم كوردستان امام قادة العالم في دافوس، حول وجود القوات الأمريكية في العراق، إن "القوات الأمريكية موجودة في العراق بناءً على طلب الحكومة للمساعدة في التصدي لداعش عام 2014 ومهامها واضحة ومحددة". موضحا "نرى أن قرار البرلمان العراقي غير صائب وصدر بغياب الكورد والسنة، فالعراق لا يزال بحاجة للدعم الأمريكي لأن خطر داعش لا يزال قائماً".

ان ام المشاكل التي قادت العراق الى هذا الوضع الكارثي هي ان الحكومة والأحزاب المتحكمة في بغداد لم تتصرف باعتبارها حكومة اتحادية، بل حكومة مركزية، حيث ابتعدت، او اهملت في ظروف كثيرة، الدستور العراقي الذي على أساسه توافقت فيه أربيل مع بغداد ، كما لم تتصرف بغداد على أساس الشراكة مع الكورد ، وهذا ما اكدته المادة 1 من الدستور :" جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ، وهذا الدستور ضامنٌ لوحدة العراق". وأكدت المادة 3 بان" العراق بلدٌ متعدد القوميات والأديان والمذاهب"، وشددت المادة 4 على ان "اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق"، كل هذه المواد الدستورية تؤكد على مبادئ المشاركة والتعددية والولاء للعراق الموحد، لكن الطبقة السياسية المتحكمة في بغداد ابتعدت كثيرا عن هذه المبادئ ، حيث يشخص، وبصراحته المعهودة، نيجيرفان البارزاني مسالة في غاية الأهمية يسعى غالبية السياسيين العراقيين التستر عليها، وهي ان "المشكلة تكمن في عدم وجود شيء اسمه (الولاء للعراق) في حين يجب أن يكون العراق جامعاً لكل المكونات"، مشدداً على ان"التعددية أمر إيجابي".










روداو
Top