• Sunday, 25 August 2024
logo

كيف يمكن أن يفهمنا الشيعة؟

كيف يمكن أن يفهمنا الشيعة؟
هيمن عبدالله



منذ سقوط نظام صدام، لم يجر بين الكورد والشيعة في العراق، لقاء أكثر صراحة وفي نفس الوقت أكثر تقريباً بين الجانبين من ملتقى أربيل – النجف. كانت لمركز رووداو للدراسات نشاطات جيدة كثيرة في الفترة الماضية، لكن مبادرته هذه هامة بالنسبة إلى كوردستان والعراق من حيث التوقيت والنتائج.

قبل سقوط نظام صدام، كانت للمعارضة الشيعية العراقية لقاءات واجتماعات قمة وجلسات مستمرة مع القيادات الكوردستانية، ومن المعلوم أن تاريخ قسم منها مر عبر جبال كوردستان أو فنادق بيرمام وأربيل. بعض ما قيل في ملتقى أربيل – النجف، ذكّر بالأيام التي سادها التعاطف والتشارك النضالي بين الكورد والشيعة من أجل القضاء على الدكتاتورية في العراق، والذي أنكره كثير من القيادات الشيعية فيما بعد.

بدأ العراقيون هذه المرة ثورة شبابية لإنهاء فشل حكم قيادات المعارضة الشيعية السابقة. قدر تعلق الأمر بي، ليست لدي توقعات خيالية بخصوص ثمار هذه الثورة، لكني أعلم أن العراق اليوم لن يعود كما كان بالأمس وستتغير أمور كثيرة. في هذا الوقت بالذات، تحتاج أربيل للالتقاء بالمكونات وباللاعبين المهمين في العراق المتغير. لذا وكما تم تنظيم ملتقى أربيل – النجف وتبين من البلاغ الختامي للملتقى أن المشاركين مدركون لحساسية هذه المرحلة والتغيرات المنتظرة، ينبغي الإسراع في تنظيم ملتقى أربيل – الموصل (بكل مكوناتها) وملتقى أربيل – كركوك (عربها وتركمانها) وملتقى الكورد – السنة.

مكونات العراق، وخاصة الكورد، لم يتشاركوا المصير بإرادة منهم. لذا ومنذ صنع هذا الكيان، لم تكن هناك ملتقيات بين هذه المكونات بل كان السياسيون دائماً هم الذين يلتقون ويتخذون القرارات بخصوص الحاضر والمستقبل. تلك القرارات التي نبعت عن المصالح والآيديولوجيا واللعبة السياسية الشخصية والمحلية والإقليمية، جلبت في كثير من الأحيان الخراب لأهل العراق. لكن عندما لا تجمع الجلسات بين القيادات، بل بين القريبين من الحياة اليومية لأبناء هذه المكونات، تتراجع الحساسيات ويتقلص عدم التفاهم. بالتالي، سيكون لذلك تأثير على الرؤية للآخر والإفادة من تجربة الآخر (خاصة بالنسبة لترسيخ النظام الاتحادي) وسيؤثر أيضاً على طريقة تعامل الناخب، وفي النهاية على طريقة تعاطي السياسيين. فمثلاً لو استمرت ملتقيات كملتقى أربيل – النجف (الذي يبدو أنه سيستمر وستستضيفه النجف في المرة القادمة)، لن يستطيع السياسيون الشيعة إطلاق الأكاذيب في النجف وجمع الأصوات بسهولة عن طريق العداء غير المشروع لشعب كوردستان، والعكس صحيح أيضاً.

هذا الأنموذج لمخاطبة عقول وضمائر الناخبين الشيعة والسنة وحتى الأتراك والفرس في المنطقة، مهم جداً للكورد. فقد كانت الدول والعواصم والإعلام الرسمي، حتى الآن، الجسر الرئيس في العلاقة بين الكورد وثورتهم وبين شعوب المنطقة التي تحتل دولها أرض كوردستان بدون وجه حق. هذه الجسور لم تقدم شيئاً لتبديد سوء الفهم، بل كان لها دور كبير في تعزيزه لدى شعوبها وحث هذه الشعوب على معاداة الكورد. لذا على كوردستان في المرحلة القادمة، العمل الكثير على هذا الجانب واستخدام القوة الناعمة لتحقيق ما ليس ممكناً تحقيقه بالقوة العسكرية والدبلوماسية.










روداو
Top