• Sunday, 25 August 2024
logo

أربيل ليست عاصمة تحت الطلب

أربيل ليست عاصمة تحت الطلب
اذاد احمد علي


مرت عدة أحداث صغيرة وكبيرة لها مدلولها السياسي المهم في الأيام الأخيرة، كتصاعد واستمرارية الاحتجاجات الشعبية في أغلب مناطق العراق وعلى وجه الخصوص مناطقها ذات الغالبية الشيعية المهمشه، ومن ثم سقوط العديد المدنيين ضحايا لعنف السلطات، أيضا تبدو محاولة تدوير وجهة هذه الحركة الشعبية الواسعة والإيهام بأن لها علاقة ببنود ومسائل دستورية هي محاولات مغرضة، في حين أن جوهر المسببات اقتصادية، إذ تطالب بوضع لوضع حد لفساد الحكم واستغلال الطبقات الوسطى والفقيرة من الشعب العراقي. كما جرت وتجري محاولات لاستثمار هذه الحركة الجماهيرية ضد إيران وتصويرها بأنها حركة تطالب بشكل حصري لوضع حد للنفوذ الإيراني في العراق، وما التقارير التي سربتها بهذا الخصوص جهات إعلامية موالية للغرب تدعم الرأي المتمسك بهيمنة إيران على مفاصل الحكم في بغداد وأربيل، لدرجة أن مسؤولين بارزين قاموا بنقل معلومات وصور الاجتماعات مع الأمريكان للجانب الإيراني، ما هي إلا جزء من هذه الحملة الوحيدة الاتجاه والمنحازة ضد النفوذ الإيراني في العراق، في حين أن نفوذ العديد من الدول قد تعمق في العراق بما فيها الدول الصغيرة الصاعدة كقطر والإمارات العربية المتحدة.

الزيارة الأخيرة لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إلى أربيل، والى قاعدة الأنبار العسكرية الأمريكية، والاكتفاء بمكالمة رئيس الوزراء العراقي دون المرور على بغداد كونها عاصمة مضطربة حاليا، توضح بأن الادارة الأمريكية تود من جديد مداعبة مشاعر الكورد وإثارة عواطفهم المتأهبة لذلك أصلا، وترجيح أهمية أربيل على العاصمة الرسمية بغداد، كما حدثت تماما إبان سنوات الحرب على داعش، حيث كانت الوفود الدبلوماسية تزور أربيل بكثافة غير معهودة، دون المرور على بغداد، بما فيهم رؤوساء الدول الأوربية. فضلا عن أن زيارة نائب الرئيس الأمريكي لرئيس إقليم كوردستان العراق الأخ نيجيرفان البارزاني تنطوي على مبادرات جديدة، وربما على مؤشرات امتعاض غير سعيدة أيضا، فقد لا تحبذ الادارة الأمريكية ضمنا النهج التوافقي للرئيس نيجيرفان البارزاني في إدارة ملفات كوردستان والعراق، ولكن الزيارة تفصح في الجوهر عن دعم صريح للمسألة الكوردية عبر قيادة الرئيس نيجيرفان البارزاني الجديدة.

ما أود التذكير به في هذه المناسبة، بأن ذاكرة شعبنا الكوردي ونخبه السياسية والثقافية غير مثقوبة، فلم تمض إلا سنوات وأشهر قليلة على موقف حكومات الغرب المخجل من عملية الاستفتاء الديمقراطية والمشروعة في إقليم كوردستان العراق، كما لم تمر سوى أسابيع وأيام على سياسات الانسحاب والانهزام للقوات الأمريكية في مناطق غربي كوردستان وشمال سوريا، فضلا عن حالة التماهي السياسي الثابتة لإدارة ترامب مع أجندات حكومة أنقرة التوسعية المجنونة.

مع كل أهمية الزيارة ولكن هذا لا يعني أن أربيل ستنبهر بها، فمن الغباء أن نعتبر بأن كل ما يحصل في العراق والمنطقة من خراب وانهيارات، من حروب وتراجع في خطط التنمية هي نتيجة لسياسات إيران وحدها، من السذاجة تماما الترويج لشيطنة إيران وحدها، فلكلم أبالسة وغير محترمون في سياساتكم تجاه شعوب المنطقة عموما والشعب الكوردي المغبون تحديدا، بل يمكن التجرؤ على القول بأن سياسات واشنطن هي المسؤول الأول عن كل ما يحث في العراق أولا والشرق الأوسط تاليا. أفترض أن قيادات الشعب الكوردي ونخبه قد جربوا مرارة السياسات الأمريكية طوال الثمانين السنة الماضية. أخيرا وليس آخر: أربيل ليست عاصمة تحت الطلب.










روداو
Top