• Sunday, 25 August 2024
logo

سياسة شراء الذمم

سياسة شراء الذمم
ماهر حسن


إن الإشكاليات التي تثيرها القضية الكوردية في سوريا و لا سيما بعد الثورة والمطالبة بترسيخ الدولة الاتحادية في الدستور الجديد زادت من خوف الحكومة التركية من القضية الكوردية في تركيا أيضاً والتي تعد القضية الأخطر وفق التقيم التركي.

فوجود الكورد بهذه الكيفية مطالبة بدولة اتحادية وتمتع الكورد بصلاحيات واسعة وميزانية مستقلة يشكل خطراً على الأمن القومي التركي ما تناور عليه السياسة التركية هو منعهم من الحصول على الحقوق في سوريا، ليس لتحجيم التطلعات الكوردية فقط بل لربط اقتصاد إقليم كوردستان - العراق بتركيا ومن ثم اختلال التوازن داخل الإقليم .

هناك توافق بين إيران وتركيا على تسليم إدارة المناطق في كوردستان سوريا للحكومة المركزية، وإن كان لكل من الدولتين رؤيتها وقراءتها الخاصة للوضع .

فإيران رفضت إنهاء حكم الأسد والأتراك لوحوا بالإطاحة بالبعث، لكنهما يلتقيان في إلحاق الضرر والويلات بالكورد .

الموقف التركي لم يكن إيجابياً من تجربة إقليم كوردستان، حتى يسمح للكورد اغتنام فرصة وتكرار تجربة الإقليم، فالنظام التركي يقوم بالتسويق إعلامياً بأن هناك رؤية إيجابية لتركيا تجاه الإقليم على مدى سنوات، و لكن هذه الإيجابية غير جادة . فمنذ عام 2015 قامت تركيا بإزاحة الاستراتيجية التي وضعها رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو بخصوص الملف الكوردي و بالتالي تجلى الأمر في معالجة القضية الكوردية عبر إنهاء عملية السلام مع PKK في كوردستان - تركيا وكذلك التدخل المباشر في كوردستان - سوريا، و بعد المحاولة الانقلابية في 15 تموز 2016 انخرط أردوغان بنفسه منذ ذلك الوقت في سياسات الحرب مقابل إرضاء الأتراك. و ما يجري من ثمرة تحالف تركي إيراني و بمعنى أدق وصف تقويض إيراني للتركي بالتدخل تحت غطاء المعارضة السورية والهدف الأكبر من وراء هذه الصفقة السيطرة على معبر فيشخابور بين روجآفا وباشور، وهو ما لم يتحقق حتى الآن و حصر إقليم كوردستان في زاوية ضيقة و ضرب البنية التحتية .

راهن الأتراك على إيران و روسيا وإبرمت صفقات تجارية ضخمة تمكنها الدخول في حرب شاملة لإزاحة السيطرة الكوردية على طول الحدود مع سوريا بعد فشل داعش من السيطرة عليها، و مضى الأتراك على خطا مصطفى كمال أتاترك، باستخدامه ورقة الاتصال بالدولة البلشفية في روسيا، والحصول على دعم عسكري منها، مما دفع الدول الأوروبية إلى استرضائه وسحب قرارهم بإعطاء الكورد حق إقامة دولة خاصة في تركيا، حيث خلت اتفاقية لوزان بين تركيا والدول الأوروبية (24 تموز1923) من هذا الحق، و كانت قد تضمنت معاهدة سيفر 1920 إعطاء الكورد في تركيا حق تقرير المصير (أعطت المادة 64 من الاتفاقية الكورد في تركيا حق إقامة دولة كوردية، وأعطت كورد العراق حق الانضمام إلى هذه الدولة (إن رغبوا في ذلك)، وقد شكلت "لجنة الاستقلال الكوردي" عام 1923 لتنفيذ الاستحقاق.

اردوغان أيضاً بدأ بصفقة منظومة إس-400 للدفاع الصاروخي مع الروس والبحث في صفقة لتزويد روسيا أنقرة بمقاتلات "سوخوي 57" و"سوخوي 35" العسكرية في خطوة أثرت بشركائها في حلف شمال الأطلسي ودفعت واشنطن للبدء في سحب قواتها من كوردستان سوريا وهذا الواقع خلق توتر دول الغرب، ومنح تركيا الطامحة والطامعة بثروات كوردستان فرصة اللعب على التناقضات واستخدام صفقة مع الروس للضغط والابتزاز السياسي والاقتصادي مع الغرب، إلى جانب سيطرته على الألة الحربية والأمنية والمخابراتية والإستخباراتية، وأدوات الإعلام والمال العام في تركيا .

من عملية التمييز بنزع جنسية في الإحصاء الاستثنائي (5 تشرين الأول1962)، وخطة الحزام العربي عام 1966 لتفريغ خط الحدود مع تركيا والعراق و إساءة معاملة الكورد دستورياً وقانونياً إلى استخدام النظام التركي لكل إمكانات الدولة العسكرية والأمنية للقضاء على أيّ تواجد كوردي . هكذا تبدأ الثورات الكوردية من الصفر أو تحت الصفر، و تتكبد خسائر ثقيلة وتحمل سنوات عجاف مريرة من النضال والتضحيات و هنا لا بد من طرح الأسئلة:

ما الذي يتيح لهذه الأنظمة أن تنجح؟ وكيف يمكنها أن تغير الأمور في المستقبل وتقلب الموازيين لصالحها ؟!

فالحكومات الغاصبة تموّل استمرار وجودها على موارد النفط والمعادن في أجزاء كوردستان و التي لا تولد فقط عدم الاستقرار بل وتستعمل من قبل الدول ( سوريا، العراق ، إيران و تركيا ) لشراء الذمم و تكون النتيجة تطاير الوعود بدولة منذ عشرينات القرن المنصرم إلى الوقت الحالي (من قبل فرنسا 1921، وبريطانيا 1922، والولايات المتحدة 1944 روزفلت، 1973 كيسنجر) في مهب الريح .

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.











روداو
Top