• Sunday, 25 August 2024
logo

مازال هناك أمل

مازال هناك أمل
علاء الدين ال رشي


البحث عن مشتركات إنسانية والنأي عن فكر العصبيات التي أسهمت في هدر الأوطان واستلاب الإنسان عمل مقدر، لكنه غائب في ظل سيادة العقلية الصفرية المبنية إلى أنا ومن بعدي الطوفان والتي تنحو إلى تعميق الدم والظلم وفي سياق مكافحة التطرف والعدوان ونبذ الكراهية سرني أن أطلع على قائمة التكريمات لشخصيات السلام للعام 2019 والتي أعدها مركز التعلم لحقوق الإنسان LM.

وقد ضمت القائمة شخصيات عديدة لها ثقل وفعالية في مجالات مختلفة منها (د.علي قره داغي، د. أمير زيدان، البرلماني الألماني هيلغة ليند، د. تمام كيلاني، المهندس أحمد معاذ الخطيب، المهندس سعد الهاجري، الإعلامي أحمد الزاويتي، د. هيثم مناع، د. هبة رؤوف عزت، الفنان موسى مصطفى...).

كان من الملفت ترشيح الأستاذ أحمد معاذ الخطيب لنيل جائزة السلام في المجال السياسي بناء على استقلاليته الوطنية والدينية ورؤيته الموضوعية وميله لحل سياسي منذ بواكير الثورة السورية حيث يعلن:

1- آلية فكره تعتمد على (التفكير الموضوعي هو لب الحركة الصحيحة سواء كانت على مجال ديني أو مجال علمي، عندما لا تكون هناك موضوعية تخرب الجانب الديني وتخرب الجانب العلمي وهذا ما نراه في البلدان المتخلفة).

2- الترفع عن عقلية الاصطفاف والتصنيف حيث يذهب إلى أنه (لا يوجد أحد أعطي الصلاحية كي يصنف الناس، ومن العبث أن يقوم كل واحد فيصنف كما يشاء ويوزع الألوان كما يشاء).

3- المصارحة والمكاشفة ونقد الذات: (عندي قناعات معينة أتصرف من خلالها، وكنا نجامل ربما كثيراً من الناس ولن نجامل أحداً أكثر من ذلك، البلد ضاع، الناس خربت حياتها كلها من وراء التصرفات الرعناء، السلطة تتحمل القسط الأكبر منها، وهناك أشخاص ركبوا ظهر الثورة وليسوا من الثوار في شيء، يعيشون في الأماكن المريحة ويتمتعون بالرفاهية المطلقة، وبعد ذلك ينظّرون على الناس ويزجونهم إلى الموت والشباب الذين في الداخل من أطهر أهل الأرض، وفي الخارج يهمهم فقط شيطنتهم وزجهم إلى الموت، فحتى متى سنبقى نجاملهم ونسكت من باب المراعاة العامة، هؤلاء عوالق ركبت على الثورة ركباً وتجرها جراً أو جرتها بصراحة وخربتها وتقودها بصراحة لنهم السلطة عندها).

حيث تمت دراسة سيرته السياسية والتي تختصر بأنها (تؤكد على أولوية حقن الدم وإطلاق الحريات وإقامة حكم يستند إلى إرادة الشعب).

وقد جاء من شواهد كلامه حسب الحوار الذي أجري معه في برنامج وفي رواية أخرى قوله (طريقي في النضال السلمي... وهل يجدي، نعم يجدي، ولكن نفسنا قصير، كثير من المجموعات تمشي فيه قليلاً ثم بعد ذلك لا تجد جدوى سريعة فتتنكب الطريق وترجع تفكر بطرق أخرى كالأنظمة المهترئة).

الأنظمة المهترئة هي السلطات المتسيدة بالقمع والتي تعبث بعقل الشعب فتطور قدراته العدوانية ليصبح متطرفاً فتقتله ليتعمق الإرهاب أكثر ويبدو أن غياب الوعي عن هذه النقطة هو ما دفع الخطيب للقول (الذي يهمني ألا تتكرر الأخطاء القاتلة التي نقع بها، سواء على مستوى إسلامي أو على مستوى وطني لأن الذي يدفع الثمن هو الناس، والناس تحملوا حقيقة ضريبة باهظة جداً).

لخص الخطيب موقفه بقوله (نحن نبحث عن استقرار مجتمعنا) وقد بين أن (النظام حتى الآن لم يحس بآلام الشعب، والإسلاميون مدعوون دائماً إلى تجاوز الأخطاء والاستفادة منها وليس تكرارها) الجدير بالذكر أن قراءة الخطيب للأحداث الجارية تجعله يصرح بأن دورة التاريخ تعاد لكن بصورة أشد حيث يقول: (ما حصل في سوريا الآن في الثورة السورية هو مثل ما حصل في الثمانينات مضاعفاً آلاف المرات، وأقول لك حتى تجربة الإسلاميين الذين دفعوا الكثير من دمائهم في الثمانينات، الذين دفعوا الثمن يكررون تجربتهم، تكررت نفس الأخطاء، أستطيع أن أؤلف كتاباً (ماذا حصل في الثمانينات وماذا حصل في السنوات الأخيرة من أخطاء تتكرر وتتكرر) نحن حرصاً على بلدنا وحرصاً على شعبنا وحرصاً على إسلاميينا وإخواننا نقول لا بد أن نستفيد من هذه التجارب وكفانا محاولات غير عميقة وغير مدروسة للتغيير، وعلينا ألا نتنازل عن مطالبنا في الحريات وحقوق الناس ولكن من دون أن نندفع إلى أعمال لها آثار وعواقب وخيمة جداً.

هذا النظام له دور وظيفي معين في المنطقة لم يفهم خصومه أهميته، وبالتالي ظنوا أن الأمر هو نوع من النزهة معه وهو نظام له جذور هائلة جداً، ففي ذلك الوقت (في الثمانينات) كان هناك دعم شديد وسكوت، مثلاً الولايات المتحدة لم تتكلم عن مجزرة حماة إلا ببعض التصريحات الإخبارية التي لا تقدم ولا تؤخر، هذا الذي ساعد وجعل النظام يستمرئ التوحش ويوغل في دماء الناس) وفي منحى آخر رأيت خطاً أحمر حول تصريح للخطيب يعكس ذهنية التلاقي على القضايا الكبرى حيث يبين أن منهجه قائم على (التواصل مع كل الناس النظيفين من كل التيارات، لم يكن همي أن أكون منتسباً إلى جهة بمقدار ما أبحث عن الجهات التي تقدم شيئاً إيجابياً للناس وهذه العلاقة الإيجابية كانت من قبل وبقيت حتى الآن، حتى بعد دخول المجال السياسي المباشر، هذه التفصيلات الفنية لم أكن أدخل بها ولم أكن جزءاً منها، ولا أرى إلا أنها مرحلة تاريخية يستفاد منها ونتابع الطريق إلى الأمام).

وحول موضوع جدل العلاقة بين الديني والسياسي يرى الخطيب أن هناك (فرق بين أن لا أصل إلى الدين إلا باحتلال الكرسي، أو أصل إلى الدين من طرق أخرى.. من الدعوة والصبر ومن تعليم الناس ومن قيادة الناس لكسب حقوقهم، في الطريق إلى ذلك تدجين جماعات مختلفة بعضها دعوي وبعضها تربوي وبعضها سياسي وبعضها عسكري وبعضها يكون عسكرياً ثم يقول إنه تربوي ثم بعد ذلك ينقلب فيصبح فكرياً ثم سياسياً، هذه تقلبات عادية ضمن الجماعات، نحن ننطلق من أسس نعتقد أنها أكثر ثباتاً وبعد نظر، ونلتقي في الطريق مع كل من يشاركنا ذلك).

جائزة السلام هذه مبادرة أطلقها حقوقيون يقيمون في المنفى الأوروبي وهم ينظرون إلى ضرورة وضع معالم استقطاب ومعرفة جماهيرية في زمن تزييف الصورة وتحول السلطة إلى غول يدفع بالجميع للكفر بكل شيء جميل والإيمان بالكره الذي أوصلنا إلى هذه المكاره.

إن سياق الأحداث المتتالية تفصح أن منطقة الشرق الأوسط مقدمة على كوارث ما لم يتم فسح المجال لشخصيات عاقلة من توجهات عديدة تعمل على تكريس المنطق والفعل المعقلن... ومادام تغييب العقلاء من كل المكونات هو السياسة المتبعة والمرعية فإن قوادم الأيام تحمل في طياتها الرعب والدمار.










روداو
Top