• Sunday, 25 August 2024
logo

المنطقة الآمنة.. حزامٌ عربيٌ جديد !

المنطقة الآمنة.. حزامٌ عربيٌ جديد !
ولات العلي



لم تنتهِ معاناة الكورد بعدُ من مخلفات ما سميّ بالحزام العربي منذ 45 عاماً على يد نظام البعث من مصادرة للأرض والحقوق والانتماء، حتى عادت تخوفات الكورد تلوّح مجدداً. الغاية ذاتها، تفيكك ما تبقى من تكتل كوردي شمال شرق سوريا، لكن السيناريو والحوار لمؤلفٍ آخر. المنطقة الآمنة، أو ممر السلام، الاسم الجديد "للحزام العربي 2" الفكرة أمريكية المنشأ كحقوق مُلكية، إلا أن المؤلف أردوغان زاد على تفاصيلها تفاصيلاً وفقاً لرؤاه، أما كلفة الإنتاج والمشاهد فهي من حصة الكورد وعلى نفقتهم.

20 ميلاً (32 كم) زلة لسان أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول عمق المنطقة الآمنة بداية العام الحالي، كحل لطمأنة نظيره التركي، زلّة انقلبت مأزقاً على الأمريكان، فالعمق المذكور يشمل معظم المدن الكوردية بما فيها القواعد الأمريكية في الشمال السوري، الأمر هذا دفع بساسة البيت الأبيض للانكفاء عن المقترح، واختصاره بـ خمسة كيلومترات فقط، نعم المسافة ذاتها وافق عليها القيادي في حزب الاتحاد الديقراطي آلدار خليل، ربما درءاً لما هو أسوأ، وربما لجهله بمغزى المنطقة الآمنة، أو حتى لامبالاته بما ستؤول إليه الأوضاع، إذا ما تم تطبيق المقترح بالفعل.

لكن بالعودة إلى الوراء قليلاً، لا بد أن نستذكر تصريحات المسؤولين الأتراك حول الهدف من إقامة المنطقة الآمنة، فبالإضافة لإبعاد خطر الوحدات الكوردية عن الحدود الجنوبية لتركيا، لطالما تحدث أردوغان ومسؤولو إدارته عن إعادة اللاجئين السوريين. المبرر الإنساني هذا وفقاً للمنظور التركي يخفي وراءه استراتيجية بعيدة المدى، سيما أن معظم اللاجئين الذين سيتم احتواؤهم في تلك المنطقة هم من المكون العربي، بمعنى آخر التمهيد لحزام عربي جديد لترسيخ آخر قديم، وبالتالي شرذمة ما تبقى من تواجد كوردي في شمال سوريا، وفصلهم عن كورد تركيا وحتى إقليم كوردستان.

التعديلات الجديدة للإدارة الأمريكية حول المنطقة الآمنة لم تُلبِّ تطلعات تركيا الشرهة لتحطيم أي ركن كوردي في المنطقة، فأعلنت ودون تحديد الزمان والمكان عن إطلاق عملية عسكرية أحادية الجانب تحت اسم "ممر السلام"، وأي ممر للسلام سيشقّ على ظهر دبابة أو على دماء المدنيين.

32 كم، كافية لإنهاء أي وجود كوردي في شرق الفرات، لكن بكل تأكيد يعي الرئيس التركي أن شرق الفرات ليس كما غربها، وكوباني وتل أبيض، ليستا عفرين، والبازار الروسي والأمريكي مخلتفان عن بعضما كلياً.

ربما الأجدى من هذا وذاك، هو طرح مقترح جديد، إقامة "منطقة أو حدود فاصلة" أشبه بتلك المتواجدة في الجولان مع إسرائيل، تشرف عليها قوات أممية، إضافة لإمكانية استقبال اللاجئين السوريين في المدن الجنوبية ذات الغالبية العربية، ما قد يدحض أي حجة لتركيا لشن أي عملية عسكرية، وكذلك يجنب الكورد حزاماً جديداً يشتت ما تبقى منهم.











روداو
Top