• Saturday, 29 June 2024
logo

ديمقراطية الشارع.. وديمقراطية الصناديق؟

ديمقراطية الشارع.. وديمقراطية الصناديق؟
هل الأمر "اعرف الحق تعرف اهله"، كما يقول امير المؤمنين (ع)، ام انه تلبيس "الحق" ليناسب السلطة والمصلحة واهلها. وهل للديمقراطية قاعدة واساس، ام انها خدعة وكلمة جوفاء يستخدمها الظالم والمظلوم.. والدول والمؤسسات، كل بمزاجه. فمصر اربكت الجميع، ووضعتهم امام مسؤولياتهم. فهل تناقض ديمقراطية الصناديق، ديمقراطية الشارع؟
الجواب بالسلب، من حيث المبدأ.. "فديمقراطية الصناديق" الصماء عن صوت الشارع، ديمقراطية ناقصة عليها ان تراجع نظمها ونفسها.. وستتحول "ديمقراطية الشارع"، بدون "ديمقراطية الصناديق"، المعبرة عن الارادة الشعبية عبر قوانين شفاقة.. تمنع التلاعب.. وتوسع المشاركة، الى صراخ وفوضى وادعاءات، لا تؤسس سياقاً او عقداً لادارة البلاد. لذلك عملت الدول الحريصة على التناغم مع شعبها، باعتباره مصدر السلطات والشرعية، ان تطور نظمها الانتخابية بما يشجع التداول ويمنع الاحتكار والتفرد.. وان تستطلع رأي الشعب بامانة واخلاص.. وتخضع لارادته. فالاغلبية ليست مشروعاً للتفرد والتسلط، بل الية للعمل والقرار.. وستتحول الى دكتاتورية دون مؤاخاتها مع مفهوم المعارضة والاقلية والاخر.
فديمقراطية الشارع ملازمة لديمقراطية الصناديق، والعكس صحيح.. فلجأت الانظمة والدساتير الى وسائل عدة لتقنينها. ففي سويسراً مثلاً، يمتلك المواطنون عبر الاستفتاء "الاختياري" حق تعطيل القوانين الاتحادية والقرارات وغيرها.. فيكفي جمع (50000) توقيع، او موافقة (8) كانتونات، لينظم استفتاء عام لحسم الامر. كما حرصت الكثير من الدول على تطوير مبادىء الشفافية، وثقافة الاستقالة، وعدم الانحياز او التعسف في تفسير القوانين والاجراءات الموضوعة لحماية الرأي الاخر والابتعاد عن الاتهامات الجاهزة، والعودة الى الشعب والاستماع للرأي العام عبر مؤسساته ووسائل تعبيره، كالتظاهر والاعتصام والمضابط، الخ.
فلو استمع الرئيس "مرسي" لصوت الملايين.. القلقة من سياسات التمدد والعزل.. والمطالبة بدستور اكثر توازناً، وانتخابات مبكرة -وهو المطمئن لاغلبيته- لنزع حجة اساسية للانقلاب عليه.. وهو امر يجب ان يتوقعه كل من يصم اذانه عن صوت الشعب او شرائح منه، دون ان نستثني العراق. فالشعب الذي اعطانا الاغلبية اليوم قد يسقطها عنا غداً.. فان لم نسمع صوته، فسيسمعنا اياه عبر الشارع.
اما المعارضة التي تلغي مفاهيمها الاخر وحقوقه.. او العاجزة عن الفوز بالانتخابات.. وترفض النظام الذي اسسه الشعب بارادته البينة الواضحة، وتصر على مجرد استخدام الشارع لتنفيذ مطامحها، فان الشعب هو من سيعزلها قبل اي طرف اخر.

عادل عبد المهدي

‌puk
Top