• Saturday, 29 June 2024
logo

الدستور هبة من فوق لا غنيمة من تحت ؟.................آريان ابراهيم شوكت

الدستور هبة من فوق لا غنيمة من تحت ؟.................آريان ابراهيم شوكت
التأريخ من أحسن الاساتذة لكن طلابه من أسوأ التلاميذ هذه المقولة أكدها لنا الحقبات التاريخية بأدلة دامغة والأكثر صحة اليوم أن نقول أن من يرفضون مسودة دستور اقليم كردستان يرفضون في الحقيقة كل تغيير،
أو حتى الاصلاح الحقيقي . التغيير مسلّم به وضرورة، لكنه يجب ألا ينطلق من الصفر ، كما أنه يجب ألا يكون "تخريبياً" أو "هداماً" وعلى رواده ألا يسمحوا باختراق صفوفهم من جهات داخلية أو خارجية مثل ايران التى تقف خلف الكواليس موقف الضد بصورة غير مباشرة وتحاول منع الاستفتاء على الدستور الكوردي عن طريق حلفائها في المعارضة لانها تجد في الدستور الحالي خطرا قائما ونية كوردية حقيقية نحو اعلان الاستقلال برئاسة ورعاية بارزاني راعي هذا التوجه. ومن ناحية أخرى كما أن العدالة ليست عمياء ومطلقة دائما كذلك لاتخلو آداء السلطات في كردستان من عيوب وقصور في العمل السياسي ولم ينكروا ذلك (وأهل مكة أدرى بشعابها) فقد دعى السيد(مسعود بارزاني) وفي مناسبات عديدة الى ظرورة تنفيذ واتباع اصلاحات عديدة في كردستان والقضاء على كل اشكال الفساد جملة وتفصيلا وان يكون الجميع تحت سلطة القانون وتحت شعار (الحق يعلو ولايعلى عليه) وقد شجعت ظروف الاحداث الأخيرة كل ألوان الطيف السياسي في كردستان على الحديث بجرأة غير معهودة وأن غالبية التيارات أجمعت على ظرورة التغيير والاصلاح لكن بعيدا عن اجندات المعارضة. ان التوجه السياسي (للبارزاني) تعتمد على آليات ديمقراطيةكأن يكون صوت الشعب هو الفيصل والمحك في تصديق الدستور واختيار الرئيس. ومن هنا فان التفسيرمحاولة لكشف الخلل فلم تزل ذهنية المعارضة في كردستان مشدودة نحو نمطية الفهم خاصة حين يتعلق الامر بمصير الامن القومي الكردي ومصير دستور كردستان في هذا الظرف الموقوت ولعل ابرز ملامح هذه النمطية تتلخص من خلال تداول المعارضة لمفاهيم سياسية مشكوكة في صحتها لدى الشروع في محاولة تفكيك آليات صنع القرار بعدما وقع (36) حزب سياسي في كوردستان على تمرير هذا الدستور ومن ضمن الموقعين حركة التغيير والاتحاد الوطني الكوردستاني قبل أن يشتد المرض بفخامة الرئيس طالباني.والاخطر من ذلك ان المعارضة خاصة حركة التغيير الكردية والتي حصلت على أعلى نسبة للاصوات في السليمانية تحاول أن تخطو نحو أقلمة هذه المدينة دون غيرها بسبب قلة قواعدهم الشعبية في المدن الاخرى خاصة في مدن اربيل ودهوك علما ان الدستور الحالي لايعطيهم هذا الحق بتاتا ولايسمح لهم القوى الاخرى بذلك خاصة الحزب الديمقراطي وبعض قيادات الاتحاد الوطني بمزاولة هذه النيات الانفصالية المغلقة والعودة الى الوراء أيام كانت كوردستان تعاني من هول أدارتين منفصلتين ابان الاقتتال الداخلي وكان السيد نوشيروان أحد مهندسي هذه الخريطة لذا تحاول السيد نوشيروان مصطفى أن تعيد انتاج مشهد العجز عن تحديد موقعهم على خرائط الازمات المتتالية دون الاستفادة من التجارب لتدلل من جديد على غياب حالة الوعي التراكمي. وهذه الخطوة قد يخرج العمل الجماهيري السلمي عن سكته ويؤدي بالعرق والدم الذي سال أيام الكفاح الكوردي إلى الهاوية و هذه المغالاة والزهو بالنفس ماكانت لتتضخم لولا العزلة السياسية والشعورية التي بنت عوالم ليست من صنع الحقيقة وتصورات ومواقف تضر بمتخذيها دون أن يشعروا بذلك حتى يجعل المرء مالكا وحيدا لحقيقة جوفاء ؟ مريضا بالفردية لايري الاخرين الا مجرد ارقام صغيرة عندما لايسعها الالتحاق بالركب السياسي..ويبدوا ان صناع القرار داخل المعارضة يتقنون فن العيش بين الالغاز التي تحول دون قدرة سياسييهم على تحديد مواقعهم على خارطة التحولات داخل كردستان وعلى المستوى العراقي والاقليمي وافتقار تكتيكاتهم السياسية للديناميكية المفترض توافرها للاشتباك مع لحظات التحول . قد تكفي هذه المقدمة لتفسير حالة الارتباك التي تعيشها المعارضة باشكال تكاد تكون متساوية لكنها لا تبرر التحايل على الذات لتسويغ استمرار الترنح في عالم متغير .المعلموم للكل أن الدستوري الكوردستاني جرى تدوينها بعد الاستفادة من معاينة ودراسة وتدقيق الاطر القانونية لدساتير أربعين دولة متقدمة لتشكل الدستور المرتقب القوة القضائية الخاصة لكردستان برعاية القانون لتنطق أحكاما ملزمة للحكومة ومؤسسات القوة التنفيذية. ان الحركات السياسية في كردستان العراق قومية كانت او يسارية او اسلامية قد سبقت قوى المعارضة الكردية (حركة التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعةالاسلامية)في مسألةالاخذ بسلاح التنظيم المتعارف عليه في حركات التحرر في العالم و تيار (المعارضة) هو الابعد عن هذا المسار لانهم دخلوا المواجهة مع حكومة كردستان متأخرا ولانها (المعارضة) لم تبن على خبرة تراكمية سابقة بمعنى عدم بناء المعارضة في كردستان على اساس تنظير سياسي فكري جديد تستطيع الوقوف بوجه الشرعية التي تتمتع بها أجهزة ومؤسسات حكومةالاقليم.فحركة (التغيير) بقيادة السيد (نوشيروان مصطفى) حركة ناشئة ولدت علي انقاض تشكيل غير مترابط وغير متجانس من الافراد البسطاء ومن ذوي اصحاب المشارب السياسية الضعيفة لذلك لم تتبلور ولن تتبلور اهداف هذا التيار المعكوس بل لم يتفق نخبهم الا على تقديم (مذكرة النصيحة) التي انفرط عقدها في الداخل والخارج ورغم وجود تعاطف نسبي مع المعارضة بين شرائح المجتمع الكردي ألا ان المعارضة تفتقر الى العدة الثقافية على ارضية مؤهلة تستطيع ان تحول برامجهم الى واقع ينمو باتجاه تحقيق الاهداف السياسية لخدمة التجربة الكردية أما الحديث عن الخطاب السياسي لتوجهات المعارضة الكردية وبالاخص حركة(التغيير) فهو خطاب ينحو باتجاه الرفض المطلق لكل القضايا والمنجزات وهو خطاب عاجز وغير قادر بانتاج البديل الاصلاحي رغم وجود محاولات نادرة تظهرفي منبرهم الاعلامي(KNN) KURDISH NEWS NETWORK الناطقة بأسم حركة التغيير فتوجه هذه المحطة أقرب الي التحريض منها الي خطاب تنظيري متماسك .هذا التوجه الاعلامي لحركة(كوران)جعل المتابعين يعتبرون الحركة وكانها (رجل واحد) يحمل بوقا اعلاميا ضخما؟. لذا ومن هذا المنطلق بامكاننا اعتبار هذا التيار المنشق أقرب ماتكون حركة تحريض تحمل (غريزة الانتقام السياسي) منها الى حركة بديل اصلاح سياسي ويمكن استنتاج ذلك من خلال ملاحظة أن النخب السياسية والثقافية في كردستان نأت بنفسها عن الاقتراب من تلك الحركة؟! ويعتبر ذلك مؤشرا حقيقيا على انحدار وهبوط نسبة مؤيدي هذا التيار ويظهر هذا بشكل افضل في الانتخابات القادمة لأن تيار التغيير لايتحمل شراكة أو تفاهما مع قوي كردية قائمة علي الساحة الكردستانية خاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بسبب اتساع قواعدهم الجماهيرية التي جعلت حركة التغيير تتحسس جدا لهذه النجاحات الداخلية والدولية.ان القيادات الحقيقية التي يعرفها الناس ويلتحمون معهم عليهم أن لا يكتفوا بتوجيه الناس عبر البيانات الحماسية الواقع أن المعارضة حتى الآن منقسمة على نفسها ومتصارعة كصراع تناقض العوارض بين الرؤى الدينية للاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية والتنظير العلماني لحركة التغيير ، وفي كل الأحوال لم تنجح المعارضة الكردية في تقديم رموز مقنعة للجماهير الكردستانية لكي يلتفوا حولهم ويساندوهم توجد بعض الرموز ولكن لا زالت على قدر من الضعف لا يسمح لها بأن توضع في مكان القيادة الشعبية التي تقود للتغيير..لذا لم يكن من السهولة بمكان على الإطلاق أن تقنع المعارضة قواعدها بالتفاعل مع المشروع السياسي الوليد الذي لم تتضح معالمه بعد وخصوصا أن غبار الاحداث الاليمة التي وقعت في منطقة السليمانية بتحريض مباشر من حركة التغيير كانت ولاتزال مهيمنة على الوجدان وبدلا من الاعتراف بالعجز والبحث عن اليات جديدة للنهوض تصر الخطاب الرسمي للمعارضة على خداع الشارع خلف خيط دخان . المعارضة في كردستان مع الحدث لكن أسلوب حديثهم التلفزيوني لايتناسب مع الاحداث وعلى المتحدثين أن يتكلموا بهدوء ولاينبذوا الرموز الوطنية؟ ويبدوا ان صناع القرار داخل المعارضة الكردية يتقنون فن العيش بين الالغاز السياسية وهذه الحالة ليست وليدة اللحظة او المرحلة فهي متأصلة الى الحد الذي يصعب تحديد بداياتها وان طفت بعض ملامحها على مفاصل تاريخية من حياتهم داخل الحركة الكردية.واذا كانت هناك قواسم مشتركة بين ابناء الشعب الواحد بحيث يصعب استبعاد وخروج المعارضة الكردية بـ " خفي حنين " وهو مجاز جرت العادة على استخدامه في خداع الذات للتنصل من تحمل مسؤولية الخطأ والتقليل من تداعياتها في مجتمع لم يعتاد على الهزيمة فقد اكتشفت المعارضة الكوردية ان منطق "الفهلوي" في التعامل مع سلطات كردستان لم يكن مجديا والبحث عن الانتصارات السهلة جعلت من الابرياء رمادا لنياتهم الخفية كما حدثت في السليمانية؟ .المعارضة في اقليم كردستان نخبة رقيقة فى نسيجها هشة فى علاقاتها عاجزة عن قراءة وفهم طبيعة الصراع في المنطقة


pna
Top