• Saturday, 29 June 2024
logo

يوسف عمر جعل المقام رسالة حب.....................فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة

يوسف عمر جعل المقام رسالة حب.....................فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة
(يوسف عمر) آصرة خضراء وجزء من الهوية العراقية ولوحة شجن ولوعة وحزن وفرح، يشكل بمجموعه يوميات الحزن العراقي الضارب في العمق.

هو بغدادي اصيل ولد عام 1918 في اجواء التراتيل والمناقب النبوية والمقامات العراقية التي توشح حياة المواطن العراقي وتمنحه التفرد.
غنّى (يوسف عمر) ليس مجرد كفنان وانما كعاشق ومتيم بالانسان وبالحارات البغدادية وتاريخها وملامحها حتى تحول هو نفسه الى ملمح من ملامح هذه المدينة العريقة .
احبه الناس لانه كان يغني لهم ويفرح لافراحهم ويحزن لاحزانهم. وغنى لرواد المقام مثل (رشيد القندرجي) و(حسن خيوكه) و(محمد القبانجي)، ولكنه سرعان ما خرج من عباءة التقليد إلى فضاء الابداع والتميز. وحين دخل اذاعة بغداد انتشر صوته إلى البقاع العراقية كلها ليشكل حلقة اخرى من تطور فن المقام العراقي وفي عام 1956 غنى مقام الصبا ضمن فلم (سعيد افندي ) وكان عشقه اللامتناهي هو الموضوع :
ناموا وعين الصبا ليس تنام
لله ما صنعت بي الايام
ارعى النجوم ولي فؤاد خافق
مزجت بنغمة وجده الانغام
والواقع ان ما صنعت الايام بـ(يوسف عمر) هو المزيد من الشهرة والطرب والتألق لاحقا سواء في تلفزيون بغداد او في الحفلات المقامية او (المتحف البغدادي) وفي خان مرجان وفي مناطق اخرى من بغداد والمحافظات ليبقى إلى يوم وفاته في ليلة 14 /15تموز 1986 نموذجاً للفنان المثابر الملتصق بالوطن والانسان وبهموم الاخرين .
ان (يوسف عمر) ثروة وطنية في النغم والالقاء والمقام وهذه الثروة المعنوية ميزتها الاجماع الوطني العراقي عليها فلا يوجد عراقي لا يحفظ إلى اليوم رغم تعاقب السنين والاجيال اسم (محمد القبانجي ) و(يوسف عمر).
ان هذا الثنائي مع باقة الرواد الاوائل منحوا الفن الغنائي العراقي سمة الفرادة التي يتميز بها بين الاخرين، لما في فنهما من عمق واصالة وشعبية وتأثير وامتزاج والتصاق بالحياة العراقية.
من حق (يوسف عمر) علينا ان نتقدم اليه بذاكرة مشحونة وممتلئة بكل ماصدحت بها حنجرته من اغاني ومقامات وان نعده بان فنه مازال اخضرا كما كان لان مقاماته اكثر من مجرد ممارسة مهنة وهواية حيث تتجاوز ذلك إلى تجسيد الذاكرة العراقية وتؤرشف لها ولكل حالات الحب والعشق والمعاناة والالم والافراح المخزونة في اعماق هذه الذاكرة. يوسف عمر تأريخ وتأصيل وجزء اساسي من هوية الغناء العراقي.

pna
Top