• Saturday, 29 June 2024
logo

بارزاني في بغداد.. لماذا؟......................مصطفى الكاظمي

بارزاني في بغداد.. لماذا؟......................مصطفى الكاظمي
حملت زيارة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في السابع من تموز/يوليو الجاري إلى بغداد، الكثير من الدلالات وعكست بيئة عراقيّة مناسبة للحوار، ليس لحلّ المشكلات بين إربيل وبغداد فقط بل وعلى صعيد معالجة الأزمات العراقيّة المتواصلة على صعد مختلفة.
وعلى الرغم من أن زيارة بارزاني إلى بغداد جاءت لإنهاء مرحلة من القطيعة بين حكومة المركز وحكومة الإقليم وأسّست لمبادئ يمكن الاستناد إليها لحلّ المشكلات بين الجانبَين، إلا أنها كرّست مفهوماً بدا غائباً خلال السنوات الثلاثة الماضية أقلّه في ما يخصّ روح المبادرة لدى الزعماء العراقيّين.
فبارزاني لم يكتف بالمباحثات الرسميّة مع رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، بل سعى إلى زيارة رموز السياسة العراقيّة في مواقعهم. فالتقى رئيس البرلمان أسامة النجيفي في مقرّ مجلس النواب، وزار زعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمّار الحكيم في مقرّ إقامته، وعقد كذلك اجتماعاً في مقرّ حركة الوفاق الوطني مع زعيم الحركة إياد علاوي. والقاسم المشترك بين كل هذه اللقاءات هو ما أكّد عليه بارزاني نفسه بالقول إن "الأجواء العراقيّة مهيّئة اليوم للمصالحة الوطنيّة".
وعبارة "المصالحة الوطنية" في العراق عانت كثيراً من اللبس والتعميم والتضليل خلال السنوات الماضية، والثابت الوحيد فيها أن العراق لم يشهد مصالحة حقيقيّة بين أطرافه ولم يحظى بفرصة لتجاوز تركة الماضية والانطلاق نحو المستقبل.
وقد سعى رئيس إقليم كردستان العراق من خلال زيارته إلى تأكيد حقيقتَين أساسيّتَين مفادهما:
- أن العراق لا يمكن أن يُحكم إلا عبر توافق حقيقي وشراكة بين مكوّناته.
- وأن الطبقة السياسيّة العراقيّة بحاجة إلى الترفّع عن خلافاتها وتقديم تنازلات للعبور بالعراق من هذه المرحلة المليئة بالتحديات.
برزت تلك الدلالات بشكل واضح في شكل الزيارة ومضمونها، خصوصاً في نطاق إصرار رئيس الإقليم على زيارة الزعماء العراقيّين في مقراتهم وعقد اجتماعات موسّعة معهم، ركّزت بمجملها على الشأن العراقي أكثر من الشأن الكردي.
السؤال الأبرز اليوم، هل استوعبت القيادات العراقيّة درس بارزاني؟ وأيضاً، هل هي مستعدّة اليوم لقيام مبادرات مشابهة لعقد لقاءات ثنائيّة وجماعيّة تنزع فتيل الأزمات وتحقّق التوافقات المطلوبة؟
والإجابة ستظهر خلال الأيام المقبلة، لتوضح إمكانيّة احتفاظ الطبقة السياسيّة العراقيّة الحاليّة بمواقعها في زعامة المشهد السياسي.
وقد أبدى الشعب العراقي ارتياحاً لزيارة بارزاني، مثلما أبدى ارتياحاً لزيارة رئيس الحكومة نوري المالكي إلى إربيل قبل أسابيع وعقده جلسة لمجلس الوزراء هناك. وهذا الارتياح الشعبي يعكس استعداداً شعبياً لتقبّل تنازلات متقابلة من كلّ الأطراف، لإنقاذ البلاد من الهاوية وقد وصلت إلى حافتها بفضل السياسات المتشنّجة لأحزابها وقياداتها السياسيّة.
ظهر بارزاني في بغداد كأخ أكبر للفرقاء العراقيّين. وهذا موقع يستحقّه بالفعل بفضل تاريخه السياسي وثقله الإقليمي والدولي. لكن الشعب العراقي بحاجة إلى أن يحمل كلّ الزعماء روحيّة أخ أكبر، ويشرعوا في مبادرات حقيقيّة يحتاجها العراق اليوم أكثر من أي وقت سابق.


pna
Top