• Saturday, 29 June 2024
logo

عيدالصحافة: بأية حال؟

عيدالصحافة: بأية حال؟
اليوم هو عيد الصحافة العراقية، او الأصح استذكار تاريخ اول عدد من جريدة عراقية صدرت قبل مائة واربعة واربعين عاما . تمر هذه المناسبة ومنظمات دولية كثيرة مازالت تعتبر العراق أحد الأمكنة الخطرة من حيث ممارسة العمل الإعلامي وفي مستوى حرية التعبير، يمر عيد السنة، ولغطا مستمرا يتواصل منذ سنوات يتعلق بطبيعة عمل الصحافي العراقي وعلاقته بالسلطة: الحكومة، الضابط المنفعل في السيطرة، الجندي المستاء، أو حتى الرجل العابر او الموظف متى ماتعكر مزاجهما، هل أحتاج أن أذكر بسلطة رجل الدين وجماعته ايضا، أن أغاضهما خبر او موضوع في جريدة؟. في العراق سلطات عديدة من هذا النوع وغيره، تتداخل بأشكال عدة مع عمل الصحافي، او لها صلة من قريب او بعيد بمهنته المحيرة . هي في النتيجة سلطة.
لطالما أثارت علاقة الصحافة العراقية مع محيطها، جدالاً واسعاً ونقاشا فوضويا غير مستقر حتى هذه اللحظة، فعدا اللخبطة في استيعاب مفهوم حرية الصحافة نفسه، وغياب اية قوانين وتشريعات واضحة وضامنة، يجري الحديث منذ زمن عن مستوى هذه الصحافة وقدرتها في العيش بمثل هذه الظروف، ولهذا يمكن بسهولة اكتشاف حجم هذه الأزمة التي تعيشها فعلا.
القارئ المواطن "المفترض" الذي تتوجه اليه هذه الصحافة، ينأى منزوياً تماماً وكأنه في جهة اخرى، مشغولاً ببحثه اليومي عن احتياجاته الضرورية المفقودة، وغير المعني، هو الذي يكاد يعرف خفايا قاهرة ويتداول وقائع فجائعية تتسلط عليه يومياً بقضية مهمة يعتبر كثيرون انه طرف فيها (لكن هل يوجد قارئ فعلا؟).
المشكلة ليست كلها في الآخرين ، فبينما يتمدد الصحافي"الموظف" كأخطبوط ويتراجع للأسف الدور الذي يجب ان يلعبه الاعلامي الحقيقي الفاعل او يقل، يتلاشى من جهة اخرى الخيط الفاصل بين حدود الاشياء في مهنته المتاعب المفترضة وقيمتها، مايسهل لهذه السلطات النافذة فعلا ابتلاع كل الشروط التي يجب ان تتوفر لصحافة مهنية وحرة، بل وشتمها والسخرية منها. المشكلة أقول يصنعها الآخرون بالطبع ويساهم فيها بـ "دأب" وسط إعلامي منفلت وضعيف في مجمله يتحمل وزرا في صناعة هذه الضبابية التي تلف المشهد الذي تتربع عليه الصحافة دون وجه حق، ثمة صحافة متواطئة، تتغنى بمايحصل وماتزال تفهم أن عليها أن تمجد نهارها هذا، وتتغنى بأفعالها وإنجازاتها الفاشلة، وصحافة بين بين يمكن ربما ان نطلق على بعضها مجازاً بصحف معارضة، وهي قليلة أو ضعيفة، مشكلتها ايضا انها قائمة على رد الفعل، يحرّكها ويلهو بها، تبني خطابها تبعاً لذلك، خصوصاً مع عدم تشكل معارضة سياسية أو مجتمعية أصلاً، بمعناها الفاعل والحقيقي .
في كل الأحوال الظروف الآن صعبة، والامل ان يتجسد في المستقبل عيد حقيقي للصحافة نحتفل به جميعنا، عيد لانراه اليوم للأسف.

محمد ثامر يوسف

‌puk
Top