لقاء اربيل.. الاختراق
وإذ يمكن اعتبار اللقاء بحد ذاته اختراقا لحالة التوتر بين الطرفين، وعودة حكيمة الى طاولة الحوار وامعان العقل في القضايا المعلقة - الالغام قبل ان تتفجر، فاننا لاينبغي ان نتجاهل السؤال التفصيلي عن الظروف التي سهلت هذا اللقاء، واضطرت القيادتين الى وقف استطرادات المخاشنة السياسية والامنية بينهما، وايضا، عن حاجة كل منهما الى التهدئة وتغيير المعادلات في الاتجاه الايجابي، في حسابات صحيحة في نهاية المطاف، كما ان الظروف ليست دائما ايجابية لتسهّل التسويات والاتفاقات.
فلابد للمراقب الموضوعي، ان يقرر بان ثمة شعور تنامى في بغداد واربيل، بالخشية من نتائج القطيعة، ومن عقم ادارة الصراع والخلافات عبر الاعلام والتسريبات ولغة التهديد والوعيد واستعراض القوة، في وقت استنفذت هذه الادوات وظيفتها وكفت ان تكون ذي فائدة مضمونة لاصحابها، بل انها الحقت الضرر بهما معا، حيث اضعفت الحكومة الاتحادية والعراق كدولة وعرضت سيادته الى الخطر، وبموازاة ذلك، اضافت للتحديات التي يواجهها الاقليم تحديات اضافية، وهددت بعزلته وإشغاله بصراعات محلية واقليمية كارثية.
ولعل تأكيد المالكي وبارزاني على الاحتكام للدستور كمرجعية للنظر في المشكلات المختلف عليها بين الحكومة الاتحادية والاقليم انما يضع العلاقة بينهما في السياق السليم، بحيث يمكن التقدم خطوات اخرى، عملية، الى وضع التفاهمات التي تستلهم روح الدستور، وبخاصة ما تعلق بمبدأ الشراكة في ادارة الحكم والقرارات موضع التطبيق، بعد ان ركنت جانبا وكادت ان تطوى، بل وحل محلها جوٌ من الارتياب وضعف الالتزام بموجبات الوحدة الوطنية، فيما دخل كل ذلك في استثمارات دول الجوار ومصالحها.
على ان القول بان العبرة ليس في اللقاء ذاته بل في اهميته والتزام اطرافه بتعهداتهم، صحيح في جميع الاحوال، وقبل ذلك العبرة في ترجمة النيات الطيبة الى اجراءات ومواقف على الارض، وقبل هذا وذاك، فان العبرة من هذا اللقاء تكمن فيما يقوم به الطرفان من احترازات تضمن لجم الجيوب والاصوات التي عملت وتعمل على تلغيم معابر العلاقة بين الدولة والاقليم.. ولن ترم سلاحها، بسهولة، على اي حال.
“ خير الدروب ما أدى بسالكه إلى حيث يقصد”.
ميخائيل نعيمة
عبدالمنعم الأعسم
puk