• Saturday, 29 June 2024
logo

دراسة توصي بعدم تعديل الدستور العراقي لعام 2005 ألا بأشراك الاقاليم

دراسة توصي بعدم تعديل الدستور العراقي لعام 2005 ألا بأشراك الاقاليم
اوصت دراسة اكاديمية بأهمية تعديل الدستور العرقي وفق مقررات هامة يكون للاقاليم دورا في هذا التعديل لأن مشاركة الأقاليم في عملية الإقرار تشكل ضمانا لعدم تحكم جهة واحدة فقط بإقرار أو رفض التعديلات الدستورية التي تهم وتمس بلا شك كافة هيئات الدولة من اتحادية وغير اتحادية،

ولكون تمثيل الأقاليم في هذا المجلس يكون متساويا في العادة وقد يكون للأقاليم وجهة نظر خاصة في أهمية التعديل قد لا تقف عليها السلطة التنفيذية الاتحادية أو مجلس النواب فضلا عن ان ذلك يشكل وسيلة للحد من تحكم مجلس النواب بمجمل عملية التعديل.

واشارت الدراسة وهي رسالة ماجستير تحت عنوان ـ( الجمود وأثره في تعديل الدستور: الدستور العراقي لسنة 2005 أنموذجاً – دراسة تحليلية مقارنة) نوقشت في جامعة دهوك سكول القانون انه قد ترد في الدساتير الجامدة مواد محصنة بشدة من يصعب من اجراء التعديل ولا يمكن بالتالي المساس بها إلا وفق شروط بالغة في الصعوبة والتعقيد أو يتطلب الأمر إعمالها خلال فترة زمنية محددة مما يثير التساؤل عن قيمة تلك الأحكام إذا لم يتم التعديل في غضون المدة المحددة في الدستور.
مبينة ان : الدستور العراقي لسنة 2005 الذي يعد دستورا جامدا يتضمن حكمين في الباب السادس منه يتعلقان بكيفية وإجراءات تعديله، الأول يتجسد في المادة 126 منه والتي ترد في الفصل الأول المعنون "الأحكام الختامية" بينما يتمثل الثاني في نص المادة 142 التي ترد في الفصل الثاني الخاص بالإحكام الانتقالية.
دراسة الماجستير هذه قدمها (عبد الوهاب محمود خدر) ونوقشت من قبل لجنة علمية مختصة برئاسة ( د. عامر عياش عبد من جامعة سامراء ) تمثلت اهميتها بحسب مشرفها د. جوتيار محمد رشيد بأنها : وان أهمية دراسة تعديل الدساتير الجامدة تكمن في الإجراءات المتبعة في التعديل، هذه الإجراءات تختلف عن إجراءات تعديل الدساتير المرنة. وان اشتراط إتباع إجراءات خاصة ومعقدة لتعديل الدساتير الجامدة غالبا ما يكون الغرض منه ضمان ثبات القواعد الدستورية. غير ان الواقع الدستوري والسياسي لبعض الدول التي تتسم دساتيرها بالجمود يظهر اختلافا شديدا بين النصوص الدستورية وتطبيقها على أرض الواقع، لذا قد يكون من الضروري إعادة النظر في بعض هذه النصوص لكي تواكب التطور الحاصل في المجتمع وتيسير تطبيقها على أرض الواقع .
حيث توضح الدراسة " إن الدساتير بوصفها مجموعة قواعد تنظم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع, تتأثر وتؤثر في مجالات الحياة, ولما كانت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تطور وتغيير مستمر، بات لزاماً على الدستور أن يواكب تلك التغييرات والتطورات، إذ يعدو تعديل الدستور ضرورة تستوجبها ضرورة التغييرات في مجالات الحياة المختلفة، ومن هنا تأتي أهمية تعديل الدستور في أي نظام الدستوري لضمان بقاء الدستور واستمراره ومواكبته للتطورات الحاصلة في المجتمع."
ويقول عبد الوهاب ان الذي يزيد من اهمية الدراسة وهو ما اشار اليه د. جوتيار ايضا هو انها : هو الجمود الوارد في الدستور العراقي لسنة 2005 وأثره في تعديل الدستور وانعكاس ذلك على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلد. لقد تضمن الدستور العراقي إجراءات خاصة لتعديله وتضمن أيضا حظرا زمنيا وموضوعيا على تعديل أحكامه، كانت له أهدافه ومبرراته. ولا ريب في انه بمرور الزمن، يكشف التطبيق عن جدوى وأهمية الحظر المنصوص عليه في الدستور، لاسيما الزمني منه وما إذا كانت الحكمة التشريعية للحظر في محلها أم لا."

قد. ويثير نص المادة 142 العديد من الإشكاليات تتعلق من جهة بتفسير أحكام المادة وبالقوة القانونية للمادة من جهة أخرى، حيث تنص على قيام مجلس النواب العراقي في بداية عمله بتشكيل لجنة من أعضائه لتقديم توصية بالتعديلات المقترحة على الدستور وتعد المقترحات مقرةً بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس. ولما كان مجلس النواب في دورته الأولى لم يقر التعديلات المقترحة، يثور التساؤل عما إذا كانت المادة 142 من الدستور لا تزال سارية المفعول أم لا. ومثل هذا التساؤل في غاية الأهمية، ذلك انه يتوقف على الإجابة عليه تحديد ماذا كان يمكن العمل بالمادة 126 التي تتناول الطريق الاعتيادي لتعديل الدستور العراقي.

فيما يخص الهدف من الدراسة وخاصة للوضع الحالي تبين انه تتمثل في : تسليط الضوء على الجمود الدستوري وصوره ومقتضياته وإجراءات ومراحل تعديل الدستور ومدى أهمية هذا الجمود وما خلفه من اثار في كافة المجالات، مع الأخذ بنظر الاعتبار، الاعتبارات السياسية والفنية التي تؤثر في تلك الإجراءات، خصوصاً إجراءات تعديل دستور العراقي والمعوقات الأساسية التي تمنع مثل ذلك الإجراء في الوقت الراهن.
المهم ان الدراسة التي تعد الاولى من نوعها تتناول هكذا موضوع حيوي بحسب د. جوتيار توصلت الى مجموعة مهمة من النتائج تمثلت في " أن الدستور العراقي لسنة 2005 هو ثاني دستور دائم للعراق بعد القانون الأساسي لسنة 1925 ووضع بطريقة ديمقراطية ووافق عليه الشعب عن طريق الاستفتاء العام، إلا أنه تمت كتابته في مرحلة تاريخية مهمة وفي ظل ظروف صعبة ومقاطعة مكون هام وعدم مشاركته بكفاية في عملية الكتابة مع وجود توقيتات محددة أدت إلى السرعة في كتابته."
موضحا ان هذا الامر كان له اثر " على نصوصه فاكتنف بعضها الغموض وعدم التحديد وقابل ذلك التشدد الصارم في تعديل نصوصه. وعلى الرغم من أنه قد تم تدارك السرعة والظروف الخاصة التي رافقت كتابة الدستور بإدخال نص فيه يتيح مراجعته وإعادة النظر فيه، إلا أن الظروف التي أحاطت بعملية كتابة الدستور وأثرت فيها لا تزال سائدة وتمنع من مراجعته بصورة شاملة".
الجانب الاخر من نتائج الدراسة اشارت الى اهمية اتباع طريقين لتعيدل هذا الدستور : الأول هو طريق عادي ودائم لتعديل الدستور يتمثل بما تنص عليه المادة (126)، أما الثاني فهو طريق غير عادي ووقتي نصت عليه المادة (142) وبموجبه يمكن تعديل الدستور كليا.
ومن النتائج الاخرى التي ركزت عليها هو عدم انتهاء مفعول المادة 142 التي تخص اجراء التعديلات وبحسب الدراسة انه " على الرغم من عدم مناقشة مجلس النواب لتقرير لجنة مراجعة الدستور المشكلة وفقا للمادة (142)، فإنه لا يمكن التسليم بانتهاء مفعول المادة (142) وذلك لخلو المادة من أي تحديد للمدة التي يلزم فيها قيام مجلس النواب بإقرار مقترحات لجنة مراجعة الدستور أو رفضها. يضاف إلى ذلك عدم صدور أي بيان أو قرار من مجلس النواب برفض مقترحات لجنة مراجعة الدستور أو انتهاء العمل بالمادة (142)."

لكن الامر الاخر المهم للدراسة هو تسليمها بأنه لايمكن اجراء اي تعديل وفق المادة 126 وذلك ألا بعد الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في المادة (142)، وبذلك يقتضي إعمال المادة (126) تطبيق المادة (142) أولا وإجراء التعديل وفقا لها أو رفض مجلس النواب صراحة تعديل الدستور وفق المادة الأخيرة."
وفيما يتعلق بدور الاقاليم في رسم خريطة هذا الدستور المستقبلية اوصت الدراسة بأهمية : أن يتمتع مجلس الاتحاد باختصاص اقتراح تعديل الدستور، لكون تمثيل الأقاليم في هذا المجلس يكون متساويا في العادة وقد يكون للأقاليم وجهة نظر خاصة في أهمية التعديل قد لا تقف عليها السلطة التنفيذية الاتحادية أو مجلس النواب فضلا عن ان ذلك يشكل وسيلة للحد من تحكم مجلس النواب بمجمل عملية التعديل. لهذا، نوصي المشرع بأخذ هذا بنظر الاعتبار عند إصداره للقانون المنظم لمجلس الاتحاد."

ثم التوصية الاخرى المهمة هي ضرورة اشراك الاقاليم في عملية التعديل حيث اوصت الدراسة المشرع الدستوري بـ " تعديل الدستور سواء عن طريق المادة (142) أو المادة (126) على نحو يشرك فيه الأقاليم في عملية إقرار التعديل، لأن مشاركة الأقاليم في عملية الإقرار تشكل ضمانا لعدم تحكم جهة واحدة فقط بإقرار أو رفض التعديلات الدستورية التي تهم وتمس بلا شك كافة هيئات الدولة من اتحادية وغير اتحادية وفي جميع المسائل سواء أكانت تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية أم لا."

لكن فيما يخص ضرورة مراعاة صلاحيات و مشاركة الاقاليم اوصت الدراسة بأنه : " لا يجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور، من شانه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، إلا بموافقة ثلثي أعضاء السلطة التشريعية في الإقليم، وموافقة أغلبية سكانه في الاستفتاء العام".
pna
Top