• Saturday, 29 June 2024
logo

تفجيرات.. وبصمات

تفجيرات.. وبصمات
ماذا يريد اصحاب التفجيرات؟ أعني، اي هدف سياسي يحققونه من وراء مذابح مروعة يدبرونها للمدنيين ورجال الشرطة والسياسة والاعلام والادارة؟.
سؤال ليس ساذجا؛ لكن نحتاج، لكي نقترب من الإجابة عليه، ان نضع جانبا عمليات تفجير واغتيال واختطاف مسجلة على جماعات سياسية دينية ومناطقية (من داخل العملية السياسية أو من حواشيها) تتصارع بالسلاح على السلطة بواسطة واجهات او مليشيات او خلايا تتخذ عناوين مموهة، فإن هدفها واضح حيث يسعى كل طرف الى تحسين موقعه (أو إضعاف خصمه) عن طريق القوة والتنكيل بجمهوره وتصفية زعاماته وناشطيه.
اما التفجيرات والمذابح التي ترتكبها جماعات القاعدة، وهي حلقة في منظومة الارهاب العالمي، فليس من بين اهدافها فرض نظام سياسي في العراق، ولا حتى تسهيل اقامة نظام “صديق” بل تتمثل في ضعضعة الدولة، بسلطتها وسكانها واقتصادها وحدودها وبيئتها، وإضعاف مكوناتها السياسية واثارة طوائفها على بعضها، بهدف اقامة منطقة رخوة تسهل بناء قواعد “الجهاد” وتصدرها الى الخارج في حربها “ضد الكفر” وايضا “لردع المهانة التي يتعرض لها الاسلام على يد اعدائه” كما جاء في آخر رسائل ابن لادن لانصاره قبل شهور من مقتله.
وبمعنى أدق، لا توجد في ادبيات القاعدة، السياسية والفقهية والدعائية ، ملامح دولة تتجه المنظمة الى تحقيقها على ارض الواقع، أما “دولة الخلافة” التي يتحدث عنها ايمن الظواهري في رسائله فلا شكل لها ولا نظم تحكمها ولا حتى تؤمن بحدود، فان “العالم كله مؤشر لدولة الخلافة” وليس ثمة تصورات للاقتصاد هذه الدولة او علاقاتها بالآخرين، بل انها لا تعترف بالآخر، الذي ينبغي ان يستسلم او يقتل، كما ان ادواتها حفنة من الانتحاريين الذين جزعوا الحياة الدنيا وخاصموا الارض وما عليها، واستعجلوا الافتداء بأرواحهم لينتقلوا الى جنة موعودين بها.
ينبغي الاستدراك لتثبيت الحقيقة التفصيلية التالية التي لا ينبغي نسيانها: لاترد في مشروع القاعدة العالمي خصوصيات للساحات التي تنشط بها، وقد اختفت او تراجعت شعارات تحرير العراق من الاحتلال لتحل محلها شعارات التنكيل الطائفي بعبارات مختلفة، وليس من دون مغزى ان تفكك القاعدة تحالفاتها التكتيكية مع جماعة حزب الله اللبنانية لمواجهة اسرائيل ليصبح الحزب عدوها الاول في الشرق الاوسط.
وعدا عن كل ذلك فان المشروع الارهابي العالمي الذي يقوده تنظيم القاعدة لا يؤمن بالتحالفات، فالذين اعتبروه حليفا، والذين تكفوا شره بالصمت والتواطؤ، دفعوا ويدفعون فاتورة هذا الوهم.. بالمفرد والجملة.

“ من ساء خُلُـقه عَذَّبَ نفسه”.
الحسن البصري

عبدالمنعم الأعسم

Top