• Saturday, 29 June 2024
logo

الإنقلاب

الإنقلاب
لطالما شتم العديد من المؤمنين بالسلطة المركزية و”وحدة” تراب العراق، من واصل الهتاف منذ عام 1961 “الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان”، كان مفوضو الأمن المحققين مع الهاتفين يرددون “انتم خونة تريدون تجزئة الوطن”.
كان طلائع الشباب يؤمنون بأن منح الحقوق القومية للمكونات وضمان حرية العبادة والفكر شروط ترسيخ وحدة العراق وتعزيز تماسكه. لكنهم وصفوا بـ “مروجي الأفكار المستوردة ”.
ولأن كل السلطات في العراق، بعد فيصل الأول، لم تفهم كيف تتعامل مع المكونات، بدأت ملامح السخط وتمزق النسيج الاجتماعي تتراكم، برغم أن فيصل الأول في رسالته بعد قبول العراق في عصبة الامم عام 1932 قال “ ليس في العراق شعب، إنما طوائف وعشائر”، و” ليس هناك سلطة حقيقية عندما تمتلك العشائر بنادق اكثر من الجيش والشرطة.”
كان مؤسس العراق برعاية بريطانيا “العظمى” يريد بناء دولة فيها تماسك وطني، وتطلع إلى تحقيقه بالمرونة وتنفيذ المشاريع والتعبير عن سخطه على الفساد، الذي عد من ملامحه أن “تبنى مكاتب حكومية وليس مصنع زجاج، ويبنى سكن للملك فيما الناس تسكن بيون الطين والقصب.”
كانت لجلالته رؤية في المزاوجة بين السياسة والاقتصاد على قدر قدرات عصره ومدى رؤيته، لم يكن “بولشفياً” يؤمن بأن الصناعة الثقيلة هي طريق ترسيخ سلطة “البروليتاريا”، لكنه سعى إلى زيادة فرص العمل وتطوير الزراعة، التي هي اصلاً من مشاريع الأمبراطورية البريطانية.
اليوم نواجه ذات المشكلة، لكن العصر هو عصر الاقاليم، التي حالت دون ان يستجيب فرنسيو كندا في كويبك لهتاف الجنرال “عاشت جمهورية كويبك حرة ”، وصوت الفرنسيون الكنديون في استفتائين رافضين فكرة الأنفصال وإقامة “كندا الفرنسية” التي قطع ديغول العظيم زيارته لكندا بعد خرقه بروتوكول الضيافة.
من كان يتهمنا بخيانة الوطن والسعي لتجزئته انقلب مطالباً بالأقاليم، وكل ديمقراطي يعي المعنى الإدراي للأقاليم يقف مع هذه المطالبة، لكن ينبغي ألا تكون اقاليم طائفية أو قومية، فأقليم كوردستان في الأصل ليس كوردياً، إنما هو جمع من المكونات والقوميات، اتفقت اغلبيتهم على الإقليم، الذي لم يصوت اهالي البصرة له وهم يعضون اصابع الندم لإضاعة تلك الفرصة الذهبية.
تغيرت توجهات بعض من كانوا يكممون افواه المطالبين بـ”الحكم الذاتي لكوردستان” ويعذبونهم في التحقيق ويلقون بهم في السجن بـ” جريمة تهديد وحدة البلاد وسيادتها”، وهو تغير مرحب به، لكن ينبغي ألا يكون شروعاً في اشهار السلاح ضد بقية المكونات، ألا يكون انقساماً طائفياً.
فهل يمكن التعبير عن الطموح في تحديث إدارة الدولة العراقية بعيداً عن الطائفية والتعصب القومي والتعالي على بقية المواطنين ودمغهم باقسى النعوت؟!؟
وهل تستطيع مفاصل السلطة استيعاب متغيرات العصر؟!.

حسين فوزي
Top