• Saturday, 29 June 2024
logo

منطقة تعشق الاضطراب

منطقة تعشق الاضطراب
تعيش المنطقة العربية حالة من الاضطراب الشديد فالدول التي حظيت بأهتمام وتأثير خلال العقود الماضية، تشهد حراكات متعددة الجوانب سياسياً وعسكرياً، وتظاهرات واصطدامات وقتل، فهذه مصر صاحبة الثقل السياسي والسكاني تجلس على صفيح ساخن يأكل من تأثيرها وثقلها الإقليمي لتتحول إلى كتلة من الاضطراب لينهيها اقتصادياً وهي التي تعتمد في مواردها على السياحة ومن ثم يؤثر على ثقلها السياسي أيضاً، ولاتختلف عنها تونس التي لم تشهد الاستقرار منذ لحظة الثورة ضد نظام بن علي فيما تشهد ليبيا الشيء ذاته وهي تقترب من الإحتراب القبلي وظهور جماعات تحاصر وزارات عدة وفي وقت واحد مما يصعب الأمور على السياسيين في قدرتهم على معالجة الامور، فيما سوريا تشهد قتالاً دائماً منذ مايقارب سنتين دون نتائج واضحة المعالم وهي التي تتقاذفها المواقف الدولية والاقليمية المتناقضة، والتدخلات المتعددة الأطراف وآخرها القصف الاسرائيلي الذي يمكن أن يزيد التوتر على الرغم من التجاهل الدولي لذلك القصف، والعراق ومنذ عقد وهو يعيش صراعاً سياسياً واضحاً لم يستطع سياسيوه من إيجاد صيغة محددة لنظام يمكن أن يرضي الجميع فبقيت صيغة التراضي الهشة التي لا تعتمد على أسس دستورية أو قانونية بل بقيت محكومة بأتفاقات أثبتت التجربة إنها سرعان ما يتم التنصل منها، والذي ألقى بظلاله على الاستقرار الأمني والذي من جانبه تحركه إياد متعددة حيث تمسك بخيوط اللعبة جهات كثيرة منها محلية وأخرى اقليمية هاجسها وهدفها ان لايستقر الوضع بالعراق بل قد تعمل على دفع الجهات المختلفة الى التصادم في كل مرة من اجل ادامة الفوضى الى ابعد مايمكن لدفع الامور بأتجاه الخلاص حتى وان كان بوسائل لاتحفظ للعراق وحدته.
هذا الاضطراب المتعدد الجوانب لايمكن له ان يكون بمعزل عن المحركات الخارجية الذي تتبناه بعض دول المنطقة والتي تعتمد على قدراتها الاقتصادية في تسيير الامور، فليبيا وتونس شكتا من التدخلات الخليجية في شؤونها وهذه الشكوى لم تكن لولا حصولها، فيما القضية السورية هي الاخرى تشهد التدخلات فهي لم تعد قضية سوريين يتصارعون فيما بينهم بل تحولت الى قضية اكبر من ذلك.
الصراع السياسي داخل المنطقة العربية يبدو في أعلى مستوياته حيث تسعى بعض الدول الصغيرة للعب دوراً جديداً يختلف عما كانت عليه مستندة الى قدراتها الاقتصادية دون ان تمعن النظر الى المستقبل، بل هي تنظر الى حدود النتائج القريبة التي تحقق لها حضورا انيا ايضا وهو ماينبيء ان المنطقة تمر بمرحلة تحولات جديدة ستطال حتى تلكم الدول التي تمسك ببعض خيوط اللعبة، اذ ان الشكوى من التدخلات شملت حتى دول الخليج فيما بينها وان لم تكن بمستوى واضح اذ مازال الامر في طي الكتمان.
منطقتنا التي تعشق الإضطراب والتي تخوض الصراعات نيابة عن الأخر مقبلة على تحديات كبيرة وتبادل الادوار خصوصاً إنها تخوض صراعات داخلية استجابة لطموحات نخبة من الحكام الذين لايقدرون عواقب الأمور حيث يقعون تحت تأثيرات ومغريات الرغبة في قيادة المنطقة بعدما شعروا ان الفرصة ممكنة وفقا لتحولات تشهدها الدول التي اعتادت ان تكون في الصدارة السياسية، لكنها القيادة التي قد يقع صاحبها في الفخ ان لم يحسن التصرف في الأمور.
Top