• Saturday, 24 August 2024
logo

يضحكون على من

يضحكون على من
يجري الحديث بدأب لافت حول بغداد عاصمة ثقافية، يذكرنا بذلك فقط الحماس المفرط لموظفين كبار في الوزارة العتيدة، وكأنهم يتدحثون عن مدينة شبح يرونها ولانراها، اذ لايشرح احدا من هؤلاء السادة بوضوح كيف سيمشي زوار المدينة في شوارعها بعد خمسة او ستة شهور، ومالذي سيرونه فيها، او ماالذي ستقدمه لهم عاصمة حائرة لا تنتمي للعصر لكن في المقابل يمكن لهؤلاء ان تنتفخ اوداجهم بسهولة، على رطانة وطنية غير مفهومة، دفاعا عن حلم ميت او حقيقة مشوهة.

أتحدث وفي الجنب مهرجان سينمائي "دولي" قائم الآن في بغداد (لاأعرف حقا مدى دوليته) بينما دور العرض السينمائية العديدة "على سبيل المثال" التي كانت تتوزع جغرافيا هذه البلاد من طولها الى عرضها، ماتت منذ حين، تحولت لمخازن او مرآب سيارات او قطعت لدكاكين.لادار لسينما واحدة في اي مدينة من مدن هذا العراق، فهذه الامكنة مكروهة ولايحتاج المرء لجهد كبير لمعرفة الاسباب في بلاد صارت تنظر بنصف عين وبريبة لتاريخها، ومع ذلك يتحدث قادتها السياسيون يوميا عن الثقافة، ويصرفون الاموال أو"لايصرفون" على مهرجانات شعرية وفنية ميتة. وكيل بوزارة الثقافة مثل غيره يتحدث هذه الايام بحماس منقطع النظير مثلا عن مشروع المدينة التي تريد ان تصبح عاصمة ثقافية حتى وان "بثياب مهلهلة" يفشل في اقناعي لماذا لاتوجد دار سينما في بغداد على الاطلاق، ولماذا لم تنشئ "الدولة" حتى بعد تسع سنوات، واحدة؟..

يلعب السياسيون بالوقت، بينما يلهث المثقفون من مهرجان ميت لآخر مريض، في متعة غريبة، متعة المنتشي بشيء غامض، في ظل غياب اية شروط حتى ولو بسيطة تضبط ايقاع هذا الجلد البصري الفضيع الذي يلسع جسد العاصمة فيحولها الى مكان قميء غير موصوف او غير قابل للتسمية، فيتشظى شرره على عيوننا أسى وفي قلوبنا لوعة، بغداد منهارة ومع ذلك يدفعونها للتبرج بأصباغ فاسدة العام المقبل.



محمد ثامر يوسف
Top