• Sunday, 25 August 2024
logo

عبد الرحمن كلو : العلاقة بين المركز والإقليم ... قراءة في بعض القرارات الأممية و مرفق إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية

عبد الرحمن كلو : العلاقة بين المركز والإقليم ... قراءة في بعض القرارات الأممية و مرفق إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية
منذ مدة ليست بقصيرة بدأت الخلافات بين بغداد و اربيل على خلفية

التفسير المختلف لمواد الدستور العراقي في الكثير من المواضيع الحساسة
والمصيرية مثل رسم الحدود ومسائل إدارة واستثمار الثروات الباطنية
ومسائل الأمن والدفاع وبعض المسائل المتعلقة بالتمثيل الخارجي ومنافذ
الحدود ......
باختصار كل المسائل التي لها علاقة بالشراكة في إدارة
الدولة وكأن الدستور العراقي لم ينطق بكلمة واحدة في كل هذه القضايا !
لكن ما هي الأسباب الحقيقية أمام هذا الغموض والضبابية ؟ أهو غياب النص
الدستوري وسقوط المادة والبنود الخاصة بالمسألة ؟ أم هو الاختلاف في
تفسير النص الدستوري ؟ في تقديري الجواب الكافي لا يكمن في هذه ولا في
تلك ،فالمسألة برمتها تعود إلى ثقافة الفهم الخاص بتفسير الظاهرة ،
ثقافة تراكمات عقود تاريخية لنمطية ممنهجة من التفكير والفهم .
فبالعودة إلى بدايات القرن الماضي نرى أن استنهاض الفكر القومي في
المنطقة جاء وفق وصفات غربية ممنهجة على شكل دعم تيارات سياسية ورعاية
شخصيات لها من الأهمية الاجتماعية والفكرية والسياسية بما يمكنها من لعب
دور فعال في مجال العمل الأيديولوجي والسياسي , ومع نشوب الحروب
والنزاعات كان الشرق الأوسط ساحة رئيسية لهذه النزاعات وعلى جغرافيتها
السياسية بدأت عمليات التشريح الجغرافي والسياسي وفق نتائج الحروب
والنزاعات والاتفاقات للأجندات الفرنســـــــــــــية والبريطانية
والأمريكية ومع تقسيم المنطقة و إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية وظهور
المعســــــــكرين الشرقي والغربي جاءت اللوحة السياسية للقرن الماضي
بصياغتها العروبية الفاشية والاسلاموية والشيوعية الممسوخة ومن خلال
الأنظمة التي استولت على مقاليد الحكم في بلدان المنطقة عبر انقلابات
عسكرية وقامت بإدارة الدولة بقوة اصطفافات مرحلة الحرب الباردة إذ تمت
السيطرة والهيمنة على كل مفاصل الدولة - الصنعية القسرية - واختزلتها في
خطاب واحد لجهة واحدة في شخص واحد اسمه القائد الضرورة وبهذا بقي الحراك
السياسي والفكري وحتى الثقافي مسلوب الإرادة رهينة لدى الأنظمة الشمولية
في المنطقة ، حتى بات من المتعذر مخاطبتها إلا بلغتها الخاصة بها التي
أصبحت لغة الشارع وما عداها هو نشاز اي أن لغة النظام أصبحت لغة سائدة
وتحولت إلى ثقافة مجتمعية عامة حتى بات من الصعوبة بمكان التخلص منها
وربما أصبحت هذه اللغة تحتاج إلى قوانين ودساتير للتخفيف من وقعها ،
والقراءة النصية أصبحت باللغة السائدة لغة المركز لغة الحاكم لغة القومية
السائدة وما عداها يسير بالاتجاه الخاطئ .
وهنا وبالإضافة إلى جملة التشريعات والإجراءات القانونية والدستورية
الضامنة قد نحتاج إلى المعالجة بالصدمة - من حين لآخر- لتصحيح بعض
المفاهيم المجتمعية السائدة لكي يتجرأ الطرف الآخر من تجاوز مقولات
رديئة تعفنت بحكم الزمن عبر عقود طويلة بدءاً من نظريات أتاتورك الفاشية
مرورا بالإخوان المسلمين والشيوعيين ومفاهيمهم الكوسموبوليتية وحتى عبد
الناصر والأنظمة الدكتاتورية في المنطقة وانتهاء بالموسوعة البعثية في
التنظير الفاشي العنصري .
لذلك عند الحديث عن أية ظاهرة أو قضية سياسية او فكرية بهذا الشأن أو ذاك
ما عليك إلا أن تكون مستمعاً ويملي عليك هو من مواعظه و"حقائقه التاريخية
"ينصحك بهذا ...يتصدق عليك بتلك " من مِنح وعَطاءات السيد الرئيس أو
القائد المفدى " ....! عصي عليه فهم الآخر ...فهو لم يخاطبه أو يحاوره
البتة ، ولديه موروث خطابي لا يقبل التأويل . فالشراكة بلغته تعني
التبعية ، والمشاركة في حكم البلد تعني أن تكون موظفاً لديه ، والتنسيق
يعني أن تعمل وفق أوامر إدارية منه ، وكردستان تعني شمالنا الحبيب ،
والحديث عن الأمة الكردية يعني الحديث عن الانفصال ، و القومية الكردية
او الشعب الكوردي يعني العرقية ، وعروبة العراق تعني الوطنية ،
.....الأمة العربية تعني ماضي الأمة وعمقها الحضاري ، ....وكل آثار
العراق وأوابدها تعود للأمة العربية جلبت من جزيرتهم .....! هذه
الانتقائية المتناقضة في التفسير والفهم لا يمكنها أن تنتمي إلى مرجعية
قانونية او دستورية ولا يمكنها أن تلتزم بأية معايير فهي جملة مفاهيم
عقائدية جامدة ، تشكلت بإملاءات لا شــــرعية من الخارج أخذت طابعاً
أيقونيا مقدســـاً بنتيجة التكرار الخــــطابي والــــشعاراتي ، لذا فهي
بعيدة عن أية إمكانية للتفاعل والتعايش مع الآخر المتمايز أو المختلف .
وعلى هذا وذاك جاء الدور الأمريكي ليزيد في الطين بلة بخصوص صياغة
الدستور العراقي ، فعندما وضع الدستور هيمن على صياغته أولويات
المشروع الأمريكي الذي توخى العموميات في إطار دولة تعددية وتجنب الدقة
والتفصيل في المسائل الخلافية أو بعبارة أدق آثر على تأجيل الخلاف
والحلول للتســـريع بالعملية الــــسياسية و الانتقال بها إلى مــــسافة
الأمان بحسب مفهوم مصالح الأمن القومي الأمريكي لتنتقل هي إلى ســاحة
أخرى ربما تكون أكثر أهمية في أي مكان آخر مثل الصومال أو ليبيا أو مصر
...أو اليمن ....هذا مع القبول في كل الأحوال بأن القراءة الأمـريكية
والغربية عموماً للنص الدســتوري يختلف تماماً عن القراءة العـربيـــة
العراقية وفق أبجديـــــــة الأنظمة الموروثة . لكن القراءة الأمريكية
المباشرة باتت غائبة في معظم الأوقات فهي انسحبت منذ عام 2011 وعوامل
إقليمية أخرى أصبحت أكثر حضوراً وأقوى نفوذا في العراق مثل إيران وتركيا
ولكل من هذه القوى أجنداتها ومفرداتها الخاصة بها في قراءة النصوص وفهمها
، مما أزاد في الوضع تعقيداً ، فبالحديث عن الشأن العراقي والعلاقة بين
إقليم كوردستان والسلطات الاتحادية في بغداد نضطر إلى التذكير والتأكيد
على ان كوردستان هي وطن أمة مقسمة وهي الرقعة الجغرافية الحاضنة لموروث
تاريخي مشترك تناقلته الأجيال المتعاقبة عبر مئات بل آلاف السنين من
مشاعر وأحاسيس وثقافة ولغات وتقاليد وإرادات حياتية وكل القيم الروحية
والمادية المشتركة ولها من الديمومة المستقبلية إرادة أمة في البقاء
والتواصل عبر أجيال لاحقة ، ولن تنتهي بنشوء دولة اسمها العراق أو سواها
، لذا فيجب التصويب والتصحيح عند قراءة المصطلحات ن فالشعب الكوردي كان
ومازال يعيش على أرضه التاريخية ، وهو ليـــس طارئا على هذه الأرض ولم
يكن مهاجراً أو ضيفاً على مـــوائد الموارد الطبيعية لأية أمة أو أي قوم
أو شعب ، في أي يوم ، بل كانت موارده وخيرات وطنه تتحول إلى أسلحة دمار
شاملة ، وتشن عليه حروب إبادة ، وهو من الشعوب الأصلية في وطنه التاريخي
،الوطن الذي لم ينظم في دولة بل ألحق أجزاءه بأكثر من دولة وجزء منه
يتمثل الآن بالإقليم المشكل في إطار الدولة العراقية الاتحادية ، وعلى
هذا الأساس يجب وبالضرورة تناول القضية الكوردية على أساس أن الشعب
الكوردي في أي جزء من وطنه هو من الشعوب الأصلية ولهذا الشعب من الحقوق
بموجب ما أعلن عنه في تشريعات الأمم المتحدة وقراراتها ومرفق إعلانها
بخصوص الشعوب الأصلية .
لذا سنقوم بقراءة سريعة لبعض مواثيق وقرارات الأمم المتحدة ومرفق
إعلانها من خلال بعض المواد لنتعرف عن قرب على الخطوط العريضة للحق
الكوردي من خلال قراءة النصوص المشرَعة أممياً.
-- حق تقرير المصير في مواثيق وقرارات الأمم المتحدة :
قراءة في بعض القرارات :
القرار 545 الصادر في شباط 1952 نص على ضرورة ان تتضمن الاتفاقية الخاصة
بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية ، مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها .
القرار رقم 673 الصادر في ك1 عام 1952 اعتبر حق الشعوب في تقرير في
تقرير مصيرها شرطا ضروريا للتمتع بالحقوق الأساسية جميعها .
القرار رقم 1514 في 14 ك1 1960 نص على حق الشعوب دون تمييز في تقرير
مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي على أن تتخذ خطوات قريبة لمنح الشعوب
غير المستقلة استقلالها التام ، وأن لا يتخذ أية ذريعة لتأخير ذلك ،
وخلاف ذلك يشكل إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية ويناقض ميثاق الأمم
المتحدة ويعيق السلم والتعاون الدوليين .
القرار الصادر عن الجمعية العامة رقم 2200 في ك1 1966 تضمن العهدين
الدوليين المعتمدين من قبل لجنة حقوق الإنسان العهد الأول خاص بالحقوق
المدنية والسياسية وقد أصبح ساري المفعول في 3 ك2 1976 والعهد الثاني
خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وأصبح نافذ المفعول في
3ك1 1976 والوثيقتين نصتا في مادتها الأولى على حق تقرير المصير بصيغته
التالية "تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها ، وبمقتضى هذا الحق تملك حرية
تقرير مصير مركزها السياسي وحرية تامين نموها الاقتصادي والاجتماعي
والثقافي ،
القرار 2625 في ت2 1970 جمع كل القرارات السابقة في قرار واحد تأكيدي.
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2787 الصادر في 12 ك1 1972 أكد
على حق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال وشرعية نظامها بكل
الوسائل المتاحة لها والمنسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة .
القرار رقم 3970 ت2 1973 طلب من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحق
الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها وتقديم الدعم المادي والمعنوي وكافة
أنواع المساعدات ....للشعوب ...من أجل تحقيق هذا الهدف .


قراءة في :
مرفق إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية :
في دورتها 61 البند 68 القرار رقم 178/ 61 تاريخ 20 ك1 2006 :
إن الجمعية العامة ،
إذ تسترشد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة،وانطلاقا من حسن النية في
الوفاء بالالتزامات التي تقع على عاتق الدول وفقا لأحكام الميثاق،
وإذ تؤكد مساواة الشعوب الأصلية مع جميع الشعوب الأخرى،وتسلم في الوقت
نفسه بحق جميع الشعوب في أن تحترم بصفتها هذه،
وإذ تؤكد أيضا أن جميع الشعوب تساهم في تنوع وثراء الحضارات والثقافات
التي تشكل تراث الإنسانية المشترك،
وإذ تؤكد كذلك أن جميع المذاهب والسياسات والممارسات التي تستند أو تدعو
إلى تفوق شعوب أفراد على أساس الأصل القومي أو الاختلاف العنصري أو
الديني أو العرقي أو الثقافي مذاهب وسياسات وممارسات عنصرية وزائفة علميا
وباطلة قانونا ومدانة أخلاقيا وظالمة اجتماعيا،
وإذ يساورها القلق لما عانته الشعوب الأصلية من أشكال ظلم تاريخية ،نجمت
،ضمن جملة أمور ،عن استعمارها وسلب حيازتها لأراضيها وأقاليمها
ومواردها،وبالتالي منعها بصفة خاصة من ممارسة حقها في التنمية وفقا
لاحتياجاتها ومصالحها الخاصة ،
وإذ تدرك الحاجة الملحة إلى احترام وتعزيز الحقوق المتأصلة للشعوب
الأصلية المستمدة من هياكلها السياسة والاقتصادية و الاجتماعية ،ومن
ثقافاتها وتقاليدها الروحية وتاريخها وفلسفاته،ولا سيما حقوقها في
أراضيها ومواردها ،

المادة 1
للشعوب الأصلية الحق في التمتع الكامل ،جماعات أو أفراد بجميع حقوق
الإنسان والحريات الأساسية المعترف في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان
العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي لحقوق الإنسان
المادة 3
للشعوب الأصلية الحق في تقرير المصير . وبمقتضى هذا الحق تقرر هذه الشعوب
بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية
المادة 9
للشعوب الأصلية وأفرادها الحق في الانتماء إلى مجتمع أصلي أو إلى أمة
أصلية وفقا لتقاليد وعادات المجتمع المعني أو الأمة المعنية. ولا يجوز أن
يترتب على ممارسة هذا الحق تميز من أي نوع.
المادة20-
للشعوب الأصلية الحق في أن تحتفظ بنظمها أو مؤسساتها السياسية
والاقتصادية والاجتماعية وتطورها ،وأن يتوفر لها الأمن في تمتعها بأسباب
رزقها وتنميتها ،وأن تمارس بحرية جميع أنشطتها التقليدية وغيرها من
الأنشطة الاقتصادية.
للشعوب الأصلية المحرومة من أسباب الرزق والتنمية الحق في الحصول على
جبر عادل ومنصف .
المادة 27-
تقوم الدول بالاتفاق مع الشعوب الأصلية المعنية، بوضع وتنفيذ عملية
عادلة ومستقلة ومحايدة ومفتوحة وشفافة تمنح الشعوب الأصلية الاعتراف
الواجب بقوانينها وتقاليدها وعادتها ونظمها الخاصة بحيازة الأراضي ،وذلك
اعترافا وإقرارا بحقوق الشعوب الأصلية بأراضيها وأقاليمها ومواردها أن
تشارك في هذه العملية.
المادة 32
للشعوب الأصلية الحق في تحديد وترتيب الأولويات الإستراتيجية المتعلقة
بتنمية او استخدام أراضيها او أقاليمها ومواردها الاخرى.
على الدول ان تتشاور وتتعاون بحسن نية مع الشعوب الأصلية المعنية من خلال
المؤسسات التي تمثلها للحصول على موافقتها الحرة والمستنيرة قبل أقرار اي
مشروع يؤثر في أراضيها أو أقاليمها ومواردها الأخرى ,ولا سيما فيما يتعلق
بتنمية أو استخدام أو استغلال الموارد المعدنية أو المائية او الموارد
الأخرى .
على الدول ان تضع آليات فعالة لتوفير جبر عادل ومنصف عن أية أنشطة كهذه ،
وان تتخذ تدابير مناسبة لتخفيف الآثار البيئية أو الاقتصادية أو
الاجتماعية أو الثقافية أو الروحية الضارة .
المادة 36
للشعوب الأصلية ولا سيما التي تفصل بينها حدود دولية ،الحق في الحفاظ على
اتصالها وعلاقاتها وتعاونها وتطويرها،بما في ذلك الأنشطة التي تقام من
أجل أغراض روحية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية مع أعضائها ومع
الشعوب أخرى عبر الحدود.

ومن خلال هذا الاستعراض السريع لحق تقرير المصير للشعوب وحق الشعوب
الأصلية في السيادة على أوطانها يمكن القول أن ان هذا الحق بات مشرعاً
دولياً من خلال القرارات والمواثيق والعهود الأممية وتدخل في إطار قواعد
القانون الدولي الملزم احترامه بموجب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات
عام 1969 لذا فكل أطراف المجتمع الدولي ملزمة في اعتبار هذه القرارات
والمعاهدات والمواثيق بمثابة مرجعية لأي اتفاق او تشريع دستوري بخصوص
حقوق الشعوب الأصلية ومن المفترض أن لا يخرج أي تشريع عن المنصوص عليه -
على الأقل - في المرفق وفي الإعلان وان تكون القراءة والتأويلات
الدستورية دقيقة دون التجاوز عليها وفق التشريع المنصوص عليه لصالح
الشعوب الأصلية .
• ففي المادة 3 من الإعلان للشعوب الأصلية الحق في تقرير وضعها السياسي
وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذا الحق
يكفل حرية إدارة ملفاتها الاقتصادية دون تدخل الغير وإنشاء التنظيمات
السياسية والاجتماعية الخاصة بها ، كما أن:
• المواد 20 ، 27 ، 32 تجيز للشعوب الأصلية بان يكون لها قوانينها
الخاصة بالحيازة والملكية ولا يحق للدولة بالتصرف في موارد إقليمها "
النفطية والمعدنية والمائية " إلا بالتوافق مع مصالحها ومراعاة نظمها ،
• المادة 9 للشعوب الأصلية وأفرادها الحق في الانتماء إلى مجتمع أصلي
أو إلى أمة أصلية. ولا يجوز أن يترتب على ممارسة هذا الحق تميز من أي
نوع.
المادة 36 تعطي الشعوب الأصلية الحق في السيطرة على منافذ حدودية على
إقليمها لتطوير أنشطتها لأغراض روحية وسياسية واقتصادية مع أعضــائها ومع
الشعوب الأخرى عبر الحدود .
يمكن تلخيص محتوى هذه المواد وهي واضحة وجلية بأن الشعوب الأصلية هي
كيانات ديموغرافية لها كل الحرية للتعبير عن ذاتها القومي والاجتماعي
والسياسي ولها من الاستقلالية ما لا ينتقص من سيادتها على أوطانها
التاريخية وهي ليست شعوباً من الدرجة الثانية في دولة ألحقت وطنها أو جزء
من وطنها وشعبها بهذه الدولة .
والدستور العراقي عندما عرَف الدولة بأنها دولة اتحادية مكونة من مركز
ومحافظات وأقاليم ويمكن لمحافظة أو أكثر من محافظة أن تشكل إقليما ، كان
إقليم كوردستان أمراً واقعا منذ عام 1991 بل كان منفصلاً عن العراق وما
جاءت المادة الدستورية إلا من أجل إقليم كوردستان وشكل العلاقة بينها
وبين المركز لكن الدستور لم يذكر بالاسم إقليم كوردستان لأسباب- أمريكية
- ذكرناها في بداية السياق ولولا انضمام إقليم كوردستان بمؤسساته
الخدمية والأمنية إلى كيان الدولة العراقية الناهضة بعد سقوط صدام حسين
وانهيار مؤسسات دولته لما كان العراق اليوم ، ولولا المتطوعين الكورد في
تشكيل أول لواء للجيش العراقي الجديد لما كان الجيش العراقي اليوم
ولكانت الميليشيات الشيعية مثل عصائب أهل الحق وجيش المهدي ومنظمة بدر
تنهش من جسد الدولة العراقية اليوم في صراعها مع المجاميع الإرهابية لأهل
السنة الذين بدأوا بالذبح نحراً على الهوية.
فالإقليم هو الذي صنع المركز وقام بإعادة تأهيله والعلاقة بينهما يجب
وبالضرورة ان تكون شراكة حقيقية في الحكم والثروة والسيادة .
إلا أن القراءة تأتي بحسب الفهم العروبي بشكل مغاير والمعاني تأخذ
أبعاداً أخرى ، ويأتي من يساوي كوردســــتان بأي محــــــافظة عراقية
أخرى ليجردها من كيانها الجـــغرافي والتاريخي كوطن، وهنا ولتوخـــــــي
الدقة أكثر نقول أن وأربيل أو السليمانية او دهوك ليست محافظات عراقية
بالمعنى الإداري ، بل هي محافظات كردستانية إدارياً وبجموعها تشكل
إقليماً هذا الإقليم هو جزء من كيان الدولة العراقية الناشئة .
وتتوالى الاجتهادات العروبية في تفسير مواد الدستور في سياق مفاهيم
منظومة الفكر الفاشي إذ يرى من الضرورة أن يعين موظفين أمنيين عرباً من
بغداد على غرار العناصر الأمنية في النظام السابق ليقوموا بالمراقبة
والتفتيش والسيطرة على المطارات والمنافذ الحدودية ولا مانع لديهم
الاستعانة ببعض العناصر الكردية كجباة فقط للسلطات الاتحادية ، فهذا من
صلاحيات المركز والدولة الاتحادية حسب تفسيرهم ، وهنا ينسى أنه في عقد
شراكة وطنية مع إقليم متمايز جغرافيا وتاريخيا وبشرياً ، وأن الصيغة
الاتحادية تسمح للإقليم بهذه المهام بالتنسيق مع الوزارة المعنية في
بغداد عن طريق الجهة المعنية في الإقليم .
أما الموضوع الذي يثير السخرية والاشمئزاز وتفوح منه رائحة الغدر ، هو
سلاح البيشمركة ، فمن المعلوم أن إقليم كوردستان يتعرض إلى اعتداءات شبه
يومية متكررة من دولتي إيران وتركيا المجاورتين وعلى مر السنوات السابقة
لهذه الإعتداءات لم تحرك الحكومة المركزية في بغداد ساكنا بل عدا ذلك
الشيعة من العراقيين بمستوى رئيس الوزراء ووزراء يؤيدون عمليات الاعتداء
الإيراني بل تأتي بالتنسيق معهم ، وفي الجانب الآخر العرب السنة وبمرتبة
نائب رئيس الوزراء ووزير يؤيدون الاعتداءات التركية على الإقليم بل
وقالها أحدهم أتمنى أن تضرب تركيا أي موقع في شمال العراق عليه العلم
الكوردي ولا يرفع علم العراق كان يقصد بهذا علم صدام حــــسين طبعاً ،
وفي ذات الوقت يعملون على شــــــراء طائرات مقاتلة متقدمــــة لمن
ولماذا ؟ومن المفارقات أن زيارة رئيس الدبلوماسية التركية داوود لإقليم
كوردستان فسرت
-5-
على أنها تدخل سافر في الشؤون الداخلية العراقية! لأنه لم يستأذن رئيس
الوزراء او بتعبير آخر لم يستأذن الجانب الشيعي وهو على خلاف معهم بخصوص
الموقف من الثورة السورية ذات الطابع السني، في الوقت الذي أصبح فيه
العراق مسرحاً عملياتياً للمسؤولين الإيرانيين من كافة المستويات والرتب
الدبلوماسية والمخابراتية ! كما أن زيارة أوغلو لكركوك كانت بمثابة صدمة
بالنســـــبة للمالكي !!! دون ان تشكل لديه مئات الأطنان من القنابل
الحارقة على أراضي كوردـــستان أية صــــدمة ؟؟!!!
ومع تطور الأحداث وتزايد الخلاف قام الجانب العراقي بشقه الشيعي من
النظام بمعاقبة كافة الشركات النفطية العالمية التي أصرت العمل بالعقود
النفطية الموقعة من قبل حكومة الإقليم ، كما أنها أصرت على رفض دعم
موازنة قوات البيشمركة كجزء من منظومة الدفاع الــــعراقيــــــــــــة ،
حتى وصل الأمر باعتراضها على تسليح البيشمركة ولو على حساب موازنة
الإقليم ، كما أن المالكي تجرأ باستقدام قوة عسكرية على الحدود السورية
في المناطق المستقطعة من كوردستان للـــــسيطرة على الحدود ومساعدة
النظام في سوريا بالسيطرة بالنيابة على مساحات واسعة من محافظة الحسكة -
على الأقل في الجانب المحاذي للحدود العراقية - والتي هي إحدى أهم مصادر
الثروات النفطية والزراعية ومنع تمزيق الجسد السوري أكثر مما هو عليه
الآن ، باختصار شديد جملة الممارسات التي أقدمت عليها حكومة المالكي تخرج
عن كافة السياقات الدستورية وحكومة المالكي بدأت بالتراجع عن التزاماتها
الوطنية منذ عام 2010 بإيعاز مباشر من إيران وكل النصوص لا تساوي عنده
شيئاً مقابل توجيهات من الجانب الإيراني ، وهذا ما يذكرنا بنكوص الأنظمة
العراقية السابقة لوعودها واتفاقاتها مع الكورد وكأن التاريخ يعيد نفسه
أوكأننا ندور في حلقة مفرغة مع نفس الثقافة ونفس الذهنية ’ ولن نجد أية
فروقات بين عناوين الفرمانات الإلهية لنظام صدام حسن عام 1988 ، عند
استعانته بالسور القرآنية كعناوين في حملات الإبادة ضد الكورد وبين
تصريحات جلال الدين الصغير إمام جامع براثا وفرماناته على الكورد في
خطبتة الأخيرة في عيد الفطر عام 2012 بقوله : "أن الكورد مارقة وأن
الإمام المهدي المنتظر سيحاربهم "، إذاً هي ذهنية ثقافية عقائدية ،
وليست مجرد مواقف من هذا الحدث أو ذاك أو اجتهاد تفسيري لهذا النص أو ما
سواه .
فأينما حاولنا البحث في المسائل الخلافية لمواد الدستور وكيفما استعرضنا
هذه المسائل بين المركز في بغداد وبين الإقليم فلا يمكن تشخيص الخلاف بين
البارزاني والمالكي كما يحلو للبعض أن يسميها أو كإحدى أوجه الخلاف بين
كتلتي التحالف الكردستاني ودولة القانون الحاكمة ، بل هو خلاف بنيوي في
نمطية ثقافة ، عنصرية استعلائية بموروث تراكمي فاشي من العهود السابقة ،
وهذه الذهنية الثقافية لن تتغير بسهولة ربما تحتاج إلى صدمة أو أكثر
لتستيقظ من رتابة خطابها المتكرر الصدئ ، وهنا لا بد من التذكير أولا
وأخيرا بتفعيل الجغرافيا السياسية والبشرية للبعد الوطني الكوردستاني
كإحدى أهم وأقوى الصدمات المؤثرة والموجعة ،وذلك للإخلال بموازين معادلة
الصراع القائمة والخروج عن المألوف المنسجم مع المصالح القائمة على
العلاقات بين
الولايات المتحدة الأمريكية ودول ذات النفوذ من جهة والدول التي تقتسم
كردستان من جهة أخرى ، والإصرار على الحق الكوردي المشرع دولياً بموجب
قوانين الأمم المتحدة والقرارات الأممية لحق الشعوب في تقرير مصيرها
بنفسها ليبقى سيد وطنه له مطلق الحرية في إدارة موارده الطبيعية وتوفير
سبل العيش الكريم لأبنائه .
• كاتب سياسي كردي
Top