• Sunday, 25 August 2024
logo

النوادي الإجتماعية ومدنية الدولة

النوادي الإجتماعية ومدنية الدولة
كان يمكن فهم ما حصل في بغداد من دهم للنوادي الليلية والإجتماعية لو لم يكن العراق دولة مدنية ديمقراطية تعددية، وكان يمكن إدراك ذلك لو أن الدستور العراقي قد نص صراحة على دينية الدولة ورفض أشكال الحياة التي تتعارض والشريعة الإسلامية.

أما في ظل نظام ديمقراطي تعددي يكفل للإنسان حقه ولمكونات الشعب العراقي حقوقها، فإن إغلاق النوادي عنوة وبمداهمة من قوات الجيش والأمن يضع علامات إستفهام وتساؤلات عدة حول مستقبل حقوق الإنسان في ظل دولة مدنية ديمقراطية.

وبخلاف الدستور والنظام الديمقراطي فإن تركيبة وبنية المجتمع العراقي ومنذ أزمنة عديدة ومديدة تمتاز بالتنوع الثقافي والفكري والإختلاف العقائدي بين أبناء الشعب العراقي وهو ما يوجب إحترام فكر وعقيدة الآخر حتى وإن إختلف، في الحدود التي تحافظ على حماية حقوق الجميع، وهو ما يحتم على أن يكون التعاطي مع مسألة النوادي الليلة والاجتماعية بشكل أكثر مدنية وقانونية ولا أن يكون القمع الوسيلة الوحيدة لمواجهتها.

إن ما قامت به القوات الأمنية من مداهمة للنوادي في بغداد وإغلاقها بقوة مناف لأبسط مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وما ينص عليه الدستور في المادة 17 أولاً وثانياً، وبالتالي فعلى الحكومتين الإتحادية والمحلية تدارك الأمر وعدم إفساح المجال لإستخدام القوة في إنتهاك حقوق الإنسان العراقي، وإيقاف هذه الممارسات والتعاطي مع مسألة النوادي وفق القانون وما ينص عليه الدستور، فالحديث عن أن هذه النوادي تعمل دون تراخيص لا يبرر مداهمتها بشكل عسكري والإعتداء على من بداخلها، وبكل تأكيد هناك آليات وسياقات آخرى من الممكن إتباعها لمعاقبة النوادي المخالفة، هذا بالنسبة لليلية منها، أما الإجتماعية والثقافية والتي يرتادها الفنانون والمثقفون فهي أيضاً لابد من التعامل معها وفق الدستور والقانون ومداهمتها بهذا الشكل والإعتداء على من بداخها من فنانين ومثقفين هو إعتداء على الثقافة والفن العراقيين وإساءة للمفاهيم الثقافية في المجتمع العراقي، وهو ما يوجب على الحكومة أن تعمل على صيانة حقوق الإنسان والحفاظ على مدنية الدولة والتنوع والإختلاف الفكري في المجتمع، وأن تمنع إسلوب المداهمة وفرض القانون بالقوة المفرطة، ودون مبرر، لأن مدنية الدولة هي واحدة من المنجزات والمكتسبات التي حققها الشعب العراقي بعد عقود من مقارعة الدكتاتورية وإسقاط نظام صدام الشمولي في نيسان 2003.

puk
Top