• Sunday, 22 December 2024
logo

الدولة بخدمة المواطن أم بالعكس؟

الدولة بخدمة المواطن أم بالعكس؟
محمد عبد الجبار الشبوط
-الفیحاء

يروى عن الرئيس الاميركي الاسبق كنيدي انه قال في حفل تنصيبه عام 1961:"لا تسأل عما يمكن لوطنك ان يقدمه لك، بل اسأل عما يمكنك تقديمه لوطنك."لم تعجب هذه الكلمة الامير هانز ادم الثاني، امير امارة ليخشتنشتاين الصغيرة في اوروبا. فكتب يقول في كتابه "الدولة في الالفية الثالثة" الذي صدرت ترجمته العربية عام 2010:"لا تسأل عما يمكن للمواطن ان يقدمه الى الدولة، بل عما يمكن للدولة ان تقدمه الى المواطن اكثر مما تقدمه اية منظمة اخرى."يكاد يشكل التباين بين العبارتين خلافا عميقا في فلسفة الدولة. فنحن هنا بازاء اتجاهين في فهم علاقة المواطن بالدولة. اتجاه يجعل المواطن في خدمة الدولة، وهو اتجاه ربما كان الفيلسوف هيغل من ابرز ممثليه، واتجاه يريد ان يجعل الدولة في خدمة المواطن، وهو الاتجاه الذي يعبر عنه الامير البالغ من العمر 66 عاما.ولعلك اذا نزلت الى الشارع وسألت المواطن العادي عن اي من الاتجاهين يؤيد، ربما كانت الاجابة الفطرية لغالبية الناس تميل الى الاتجاه الثاني. صحيح ان التاريخ شهد مواطنين ضحوا بحياتهم من اجل "الدولة"، لكننا نعلم انه ليس كل الناس على هذه الشاكلة، فالانسان العادي يتوقع من الدولة ان تقوم بخدمته، وان "تضحي" من اجله، خاصة في الامور والمجالات التي لا يمكنه بمفرده القيام بخدمة نفسه. وحين تعجز الدولة عن تحقيق هذا، فان المواطن العادي ربما يبحث عن مؤسسات او منظمات اخرى تقوم بذلك نيابة عن الدولة. وحين يصل المواطن الى هذه الحالة، فانه ينصرف عن الدولة، ويتزعزع ايمانه بها، وانتماؤه اليها.بعد سنوات طويلة من الحرمان، عاشها المواطن العراقي في ظل انظمة كانت تريد منه ان يكون في خدمة الدولة، او النظام، او رئيس النظام، ربما يكون قد آن الأوان ان تتعدل نظرتنا الفلسفية لعلاقة الفرد بالدولة، ونقوم ببناء دولة تتبنى وجهة النظر الثانية، اي الدولة التي تكون في خدمة مواطنيها وليس العكس. فالمواطن العراقي يستحق ان يوجد من يخدمه، ومن اولى بخدمة هذا المواطن من الدولة التي يحمل جنسيتها؟
Top