• Sunday, 22 December 2024
logo

لماذا تسقط الأنظمة ؟

لماذا تسقط الأنظمة ؟
وريا سعيد رواندزي
-الإتحاد

ان استلام السلطة وسقوط الانظمة من المواضيع المهمة التي تدرس في مراكز الابحاث السياسية والاستراتيجية في العالم، واحد اهم المحاور في جميع النظريات السياسية تشير الى العوامل التي تؤدي الى انهيار الامبراطوريات والثورات وانظمة الحكم الملكية والجمهورية، ولا شك ان هناك تفسيرات مختلفة لتلك العوامل وللاحداث التاريخية التي مرت بها البشرية بالرغم من وجود اسس وقواعد فكرية وعلمية مشتركة في تحليل تلك الاحداث.


ويبقى الحديث عن هذه المواضيع وتفسيرها من القضايا المهمة التي تشغل بال كل من يفكر بحياة افضل وبمجتمع تسود فيه الحرية والخير والعدالة الاجتماعية، جميع النظريات السياسية التي تدرس في مراكز الابحاث تتحدث عن اركان انظمة الحكم وادامتها بالاستناد الى الحقائق والاحداث التاريخية وتنظيرات الفلاسفة والمفكرين والرواد في السياسة من الزعماء والقادة في بلدان مختلفة في العالم.
لقد هبت رياح التغيير في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وربما تصل قريبا هذه التغيرات وتأثيراتها المباشرة الى دول وقارات اخرى في العالم. من امريكا اللاتينية واسيا وجزءا من اوربا. ان فهم المحاور التالية ربما يساعدنا في فهم عوامل سقوط الانظمة في المنطقة ولماذا تحدث كل هذه التغييرات والتحولات في الشرق الاوسط؟ وهل هناك شيء ويد خفية وراء كل هذه التغييرات كما يزعم البعض؟ اذن لماذا يثور الشباب والشعوب ويرفعون شعارات المساواة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية؟
من الممكن اختصار عوامل واسباب السقوط في المحاور التالية:
- المركزية المتشددة في ادارة شؤون البلد وحصر صلاحيات المؤسسات الرئيسية للدولة التنفيذية التشريعية والقضائية بيد حفنة صغيرة من رجال الدولة بابعاد وتهميش الكفاءات الفكرية السياسية والعلمية بالقانون وبالترهيب.
- تدخل القوات المسلحة (الجيش, الشرطة, الامن والاستخبارات...) في جميع مرافق الحياة وتبعيتها للزمرة الحاكمة بمصادرة الحريات وكبح التحركات الجماهيرية التي تهدف الى دمقرطة البلاد.
- سيطرة نظام الحزب الواحد على مقاليد الحكم ووجود احزاب كارتونية تابعة له وسد جميع الابواب امام قوى المعارضة الحقيقية من خلال ملاحقة قادتها وزجهم في السجون او اعدامهم بحجج مختلفة وفي مقدمتها الخيانة العظمى والتخريب.
-انتشار ظاهرة الفساد المالي والاداري بين حاشية الحاكم ورموز النظام وكبار مسؤولي الدولة من خلال كسب مليارات من الدولارات من اموال الدولة بطرق غير شرعية وهدر اموال طائلة بدون وجود هيئات رقابية فعالة.
- زيف التقارير والمعلومات الخاطئة التي ترفع الى الرئيس وكبار مسؤولي الدولة من قبل كوادر الحزب الحاكم, من المفروض ان تشير التقارير حقيقة ما يجري في البلد والوضع المعاشي للمواطن, ورأي المواطن من الخدمات واداء مسؤولي الدولة والثغرات في اختيار المسؤولين... على ضوء المعايير الصحيحة, ثقافة المسؤول وكفاءته, اخلاصه والتزامه وتواضعه ويفترض فيه ان يجري التعديلات في الوزارات ومؤسسات الدولة باستمرار.
- الحروب الداخلية والخارجية التي تشنها الانظمة. الضغوطات والعقوبات السياسية والاقتصادية التي تفرض على تلك الانظمة من قبل الدول الكبرى والمنظمات الدولية.
- التحدي الايديولوجي والقومي والديني الذي يواجهه نظام الحزب الواحد وبالاخص في البلدان التي تتسم بطابع قومي وديني ومذهبي مختلف.
-اعتماد الحاكم او الملك على عدد قليل من المسؤولين الغير كفوئين الذين يفتقرون الى المعلومات والجرأة الكافية في طرح الاراء، ففي هذه الحالة تتخذ القرارات الخاطئة. في حين يفترض ان يعتمد الحاكم فريقا من المسؤولين الاكفاء يتسمون بالخبرة والجرأة وعمق فكري وسياسي في الشؤون الداخلية والخارجية.
- الخلافات والصراعات الدموية بين اركان ورموز النظام حول السلطة والمال وعدم اهتمامهم بطموحات وامال الشعب وحاجاتهم المعيشية وشل قدرة الحاكم والمتنفذين في اتخاذ اجراءات سريعة وحازمة بحق المستغلين والنفعيين من المسؤولين.
-التطور الهائل في مجال التكنيك والتكنولوجيا ووسائل الاتصالات من الموبايل والانترنيت والمئات من القنوات الفضائية التي اسهمت في نشاطات القوى المناهضة في تبادل المعلومات وكشفها وتنظيم نفسها. وهذا ما رايناه في ثورة شباب مصر وتونس في تنظيم المظاهرات وتوجيهها.
- افتقار الحزب او الائتلاف الحاكم الى رؤية واضحة وستراتيجية فعالة تؤدي الى ترسيخ نظام اداري غير كفوء وغير عادل في ادارة مؤسسات الدولة.
- الفجوة الكبيرة بين طموحات الجيل الجديد من الشباب والشريحة الحاكمة. حيث ان الجيل الجديد الذي يركض وراء تأمين مستقبله من خلال الحصول على الوظائف لا يهمه الخطة الخمسية ولا الشعارات السياسية التي لا تقلل من نسبة البطالة والفقر في البلد.
- الصراع اللامتناهي بين الديمقراطية كمنهج فكري والايديولوجيات الاستبدادية وايضا بين العلمانية من جهة والتيارات الدينية والمذهبية المعتدلة والمتطرفة من جهة اخرى.
عندما يسقط اي نظام تبقى المسؤولية مشتركة في الهزيمة حسب موقع المسؤول في مؤسسات الدولة، يبدأ من رئيس الدولة او الملك, رئيس مجلس الوزراء, الوزراء, اعضاء البرلمان, اعضاء الهيئة القضائية, القوات المسلحة واجهزة الامن والاستخبارات وغيرها من الاجهزة في الدولة. لقد انهارت الامبراطوريات وسقطت الانظمة بسبب شراسة مرؤسيها وعناد حكامها في مقاومة الاصلاحات وبسبب ضعف قدرة مؤوسسات تلك الانظمة في القيام بمهامها.
أذن, التجارب الشخصية للحكام لا يكفيهم لتصحيح المسار قبل فوات الاوان, لماذا لا نتعلم من معلمنا الكبير, التاريخ, عندما يقدم لنا كل هذه الدروس الثمينة؟
Top