ان معظم الكتاب والباحثين والمؤرخين الذين كتبوا عن الشعب الكردي اشاروا الى عشق الشعب الكردي الكبير للحرية واستعداده للتضحية من اجلها، وان العيد القومي الكردي للكرد عيد نوروز دليل ساطع على هذه الحقيقة ولهذا فإن الكورد لا يصبرون على الظلم والطغيان طويلا، ولهذا فانه يمكن وصف انتفاضة شعب كردستان بنوروز الكرد في القرن العشرين، ولم يكن قد مضى على اندلاع انتفاضة شعب كردستان غير ستة ايام، فبعد تحرير السليمانية ودربنديخان وكلار كان اهل خانقين في تلك الايام على احر من الجمر لوصول قوات البيشمركة الى خانقين، وكان جميع الغيارى والمخلصين في المدينة يعيشون على احر من الجمر لتحرير مدينتهم ولكي تعود الى خانقين اصالتها وكردستانيتها، ولأن ابناء هذه المدينة ساهموا في جميع الانتفاضات والثورات التحررية الكردستانية بدءا من ثورات الشيخ محمود الحفيد وصولا الى ثورة ايلول وثورة شعبنا المعاصرة. وكان الناس هنا يتابعون اخبار الانتفاظة من خلال اذاعة صوت شعب كردستان، وما ان سمعوا بشرى تحرير دربنديخان وباوةنور، حتى ايقنوا ان الفرج بات قريبا، حتى اذا ما حل يوم الحادي عشر من آذار بدأت اصوات الاطلاقات والقصف المدفعي تسمع داخل خانقين، ورغم ان السمتيات كانت تحلق فوق المدينة لارعاب المواطنين ومنع وصول البيشمركة من دخول المدينة، لكن معنويات اهل المدينة كانت عالية ولأنهم يعرفون ابناءهم البيشمركة وبسالتهم التي لايقف امامها شيء لايمانهم بعدالة قضيتهم، ولذلك عندما شاهدوا الجنود المنسحبين من القلاع العسكرية والربايا المنتشرة في ناحيتي ميدان وقورتو ايقن المواطنون ان وصول البيشمركة بات قريبا، كما ان اصوات القصف المدفعي واصوات الطلقات التي كانت تصل الى المدينة وان الكثيرين من اهل المدينة صعدوا الى اسطح المنازل لمراقبة الوضع ومشاهدة المعارك الجارية بين ازلام السلطة والبيشمركة بالقرب من سايلو الحبوب وعندما حسمت تلك المعركة لصالح الثوار ووصلت طلائع البيشمركة الى داخل المدينة انطلقت الهلاهل والزغاريد من كل مكان واختلطت الهلائل باصوات اطلاقات الفرح ابتهاجا بهذا النصر الكبير.
في تلك اللحظات التاريخية الحاسمة عرفت معنى دموع الفرح فكان المواطنون يبكون وهم يستقبلون طلائع البيشمركة من ابنائهم واخوانهم وهم يدخلون المدينة بعد تلك الاعوام العجاف من الترحيل والتبعيث ومصادرة اراضي المواطنين واموالهم وبساتينهم ومزارعهم، وبعد كل تلك المحن والمصاعب اثبتت خانقين اصالتها الكردستانية واكدت للاعداء قبل الاصدقاء ان جذور الكردايتي تمتد عميقا في اعماق هذه الارض وعجزت كل الاساليب من النقل القسري للعمال والموظفين والغاء المشاريع الاقتصادية الهامة في المدينة وحتى منع اطلاق الاسماء الكردية على المواليد الجدد ورغم اخلاء جميع قرى ناحيتي قورتو والميدان وكل القرى الكردية من سكانها الكرد انتصرت خانقين على مضطهديها وسالبي حريتها وكرامتها، في ذلك اليوم التاريخي التي سجلت بأحرف من النور وتحققت بدماء الشهداء الزكية حيث قدمت خلال الانتفاضة اكثر من ثمانين شهيدا من خيرة شبابها وعاشت بعد انسحاب قوات البيشمركة فترة كانت من اصعب الايام التي مرت على المدينة حيث قطع عنها الماء والكهرباء عن المدينة ومنع دخول المواد الغذائية ولأكثر من شهر فاصبح يوما تاريخيا لا ينسى ابدا. وسطرت خانقين لنفسها الخلود.