• Sunday, 22 December 2024
logo

الحكومة والاعلام.. ثقة تحت الصفر

الحكومة والاعلام.. ثقة تحت الصفر
عبد المنعم الاعسم
-الإتحاد

تكرر ويتكرر اعتقال الاعلاميين والصحفيين والاعتداء عليهم واستفزازهم والتشهير برسالتهم من قبل اجهزة امنية تدار من اعلى مراجع السلطة التنفيذية، ثم، يتكرر اطلاق سراحهم بعد اعتذار بارد من معتقليهم، لكن الامر سرعان ما يتكرر بحق اعلاميين اخرين في اليوم التالي، حتى تدنت ثقة السلطة الرابعة بالحكومة الى ادنى منسوب لها بعد تظاهرات(وتعديات) البصرة والمحافظات الاخرى وغداة تظاهرة السابع من آذار في ساحة التحرير بمناسبة مرور عام على الانتخابات النيابية.
ولو توقف الامر عند هذا الحد لأمكن تبريره وقبول تأويلاته الرسمية، غير ان تخبط الاجراءات الامنية التي بلغت حد اعتبار حمل كاميرا في منطقة التظاهر شبهة امنية تـُخضِع صاحبها للمخاشنة والمساءلة والاعتقال والضرب ترك جوا من الارتياب بسلامة النيات الحكومية ازاء حق التعبير وحرية الكلمة ولوازم التقصي عن الحقائق ومتابعة حركة الاحتجاج ومطالب المواطنين التي قيل بان السلطات تعترف بها وتحترمها وتسعى الى تلبيتها.
اقول، لو ان الامر وقف عند هذا الحد لأمكن قبول التذرع بالخطأ وسوء التدبر وعجالة ردود الفعل او عدم مسؤولية السلطات العليا، لكن جملة الاجراءات التي اتخذت طابعا رادعا شاملا ومنهجيا، بحق مؤسسات واقنية تلفزيونية وصحفية تفاعلت مع حركة الاحتجاج مثل جريدة طريق الشعب الصادرة عن الحزب الشيوعي والتضييق على هوامش الوصول الى المعلومات والامتناع عن الاجابة على اتصالات الصحفيين والمراسلين تكشف جميعا لا عن ضيق عابر حيال الاعلام الحر فقط بل وعن محاولة لاخضاع الخدمة الاعلامية الوطنية الى مشيئة قيادة السلطة.
ومما يعزز المخاوف إزاء مستقبل حرية الاعلام في العراق تلك التصريحات التي ادلى بها كبار مسؤولي السلطة التنفيذية وتضمنت طعونا ضد وجاهة تضامن الاعلاميين مع حركة الاحتجاج الشعبية، كما تضمنت تهديدات مبطنة لاولئك الاعلاميين الذين يناصرون ابناء شعبهم ويشاركونهم التظاهر السلمي ضد المهانات والحرمانات والمفاسد السياسية والادارية واهدار الثروات والوعود الكاذبة التي تسجل باسم اركان الحكومة ومتنفذين في مجالس المحافظات والفئات الحاكمة.
ولعل من اغرب المداخلات التي اطلقت بهذا الصدد من قبل اولئك المسؤولين قولهم ان الاعلامي يفقد حصانته وحقوقه ولوازم حمايته حين ينضم الى حركة الاحتجاج، أو حين يتعاطف معها، وكأنهم يقترحون علينا، نحن الاعلاميين الاحرار، ان نكسر اقلامنا ونتخلى عن رسالتنا المدونة في المعاهدات والدساتير و المواثيق الدولية ونتحول الى كتاب عرائض على قارعة الطريق.
“ لا يغرنك سهولة الصعود، إذا كان المنحدر وعراً”.
رسول حمزاتوف
Top