لسنا متأثرين بل مؤثرون
-جریدە الصباح
لسنا متأثرين بالحدث المصري وقبله التونسي بقدر ما كنا، نحن العراقيين، مؤثرين فيهما. لا ننكر أنّ التأثر العراقي بهذين الحدثين جزئي يتعلق بالتنبه الى استخدام أسلوب المظاهرات السلمية للمطالبة بالحقوق. هذا ليس عيبا بل هو حق للمواطن كفله الدستور وهو يستند إلى مطالب حقيقية تتعلق بأبسط الحقوق الإنسانية التي يجب على الحكومة توفيرها. المطالب تكاد تتلخص بالخدمات وهذا ما يتفق عليه الجميع . لن تكون لدينا مظاهرات تطالب برحيل دكتاتور، لان هذا الدكتاتور غير موجود أساسا، فليس لدينا حاكم مستبد متمسك بالسلطة منذ عقود ولو بانتخابات مزورة، وليس لدينا عائلة رئيس تصادر البلاد والعباد وتسرق المليارات. لن تطالب المظاهرات بتوفير الحريات العامة، لأنها – ببساطة – موجودة إلى حد الفلتان أحيانا، حريات بلغت حد الاستنفار لمجرد قيام الحكومة بتنظيم وتقنين قطاع معين للحفاظ على حقوق المواطنين والحد من التعدي على المال العام .
أما التسييس الذي يخشى منه على هذه التظاهرات فلا يبدو مستندا إلى أساس موضوعي. الجهة التي تريد استغلال التظاهرات سياسيا هي مشاركة في السلطة. وهل هناك من جهة خارج هذه السلطة الآن مع وجود حكومة منتفخة، لا لحاجة البلد إليها بل لمجرد استيعاب كل الأطراف وإرضائها؟. وإذا كان هناك من يدخل على خط التحركات الشعبية المطلبية ليناكف هذا المسؤول الكبير أو ذاك، فانه سيواجه بألف سؤال وسؤال حول دوره وحزبه أو جماعته في استمرار معاناة الناس. أليس هؤلاء جميعا مشاركين في حكومة يفترض أنها تحمل مسؤولية تضامنية ؟.
في المقابل فان الوضع العام في العراق كان مؤثرا في الوضع الإقليمي ومحفّزا على الحركات الشعبية، ولو بشكل غير مباشر. علينا ألاّ نستهين بما لدينا فنحن نغرق في التفاصيل والمعاناة في الخدمات لكن مجتمعات إقليمية ترزح تحت نير الاستبداد وتكميم الافواه تراقب تجربتنا بدقة. لقد حاول الاعلام الاقليمي المعادي للعملية الديمقراطية في العراق تشويه الصورة وإظهار العراق على أنه ضحية الديمقراطية وانه يغرق بالفوضى والقتل جراء هذه العملية السياسية، لكن هذه المحاولات لم تصمد أمام الاجواء المفتوحة والإعلام العراقي الذي يملأ الفضاء والذي إستطاع، رغم نواقصه وضعفه، أن يري شعوب المنطقة ترجمة لمقولة ان "أسوأ أشكال الديمقراطية تظل أفضل من أحسن أشكال الدكتاتورية"، فكثيرا ما نسمع من مثقفين وإعلاميين عرب نلتقيهم في ندوات ومؤتمرات، قولهم إن الناس في بلدانهم يتابعون بشغف واهتمام تطور الوضع الديمقراطي في العراق، وكثيرا ما يبادرنا مواطن عربي نلتقيه بالسؤال: هل صحيح أنكم تتمتعون بحرية الرأي كما تعرضها محطاتكم وهل هي تبث من العراق أم من خارجه؟. ألا يكفي استمرار المتابعة وتعزيز الإعجاب بهذه التجربة الى التأثر بها على أكثر من مستوى؟.
لا يعني هذا ان تجربتنا مكتملة وان نظامنا خال من أية ثغرات، بل نحن نعاني معضلات كبرى لا يتسع المجال لتفصيلها الآن، لكننا نحتاج – كعراقيين – على اختلاف اختصاصاتنا ومستوياتنا الثقافية ان ندرك حقيقة اننا في وضع متميّز يجلب الانظار في وسط اقليمي يحفل بالدكتاتوريات التي تتوق شعوبها الى التحرر منها كما حدث للعراقيين في 2003 ولكن بادوات داخلية لم تكن متاحة لنا آنذاك.
أن ندرك هذه الحقيقة يعني ألاّ نتصرف وكأننا متأثرون بما يجري في الاقليم فنبدو وكأننا خائفون من هذه الرياح لاننا - في هذه الحالة - نضع أنفسنا في خانة الدول المحكومة بالدكتاتوريات المتوطنة ، فهل نحن كذلك؟
لسنا متأثرين بالحدث المصري وقبله التونسي بقدر ما كنا، نحن العراقيين، مؤثرين فيهما. لا ننكر أنّ التأثر العراقي بهذين الحدثين جزئي يتعلق بالتنبه الى استخدام أسلوب المظاهرات السلمية للمطالبة بالحقوق. هذا ليس عيبا بل هو حق للمواطن كفله الدستور وهو يستند إلى مطالب حقيقية تتعلق بأبسط الحقوق الإنسانية التي يجب على الحكومة توفيرها. المطالب تكاد تتلخص بالخدمات وهذا ما يتفق عليه الجميع . لن تكون لدينا مظاهرات تطالب برحيل دكتاتور، لان هذا الدكتاتور غير موجود أساسا، فليس لدينا حاكم مستبد متمسك بالسلطة منذ عقود ولو بانتخابات مزورة، وليس لدينا عائلة رئيس تصادر البلاد والعباد وتسرق المليارات. لن تطالب المظاهرات بتوفير الحريات العامة، لأنها – ببساطة – موجودة إلى حد الفلتان أحيانا، حريات بلغت حد الاستنفار لمجرد قيام الحكومة بتنظيم وتقنين قطاع معين للحفاظ على حقوق المواطنين والحد من التعدي على المال العام .أما التسييس الذي يخشى منه على هذه التظاهرات فلا يبدو مستندا إلى أساس موضوعي. الجهة التي تريد استغلال التظاهرات سياسيا هي مشاركة في السلطة. وهل هناك من جهة خارج هذه السلطة الآن مع وجود حكومة منتفخة، لا لحاجة البلد إليها بل لمجرد استيعاب كل الأطراف وإرضائها؟. وإذا كان هناك من يدخل على خط التحركات الشعبية المطلبية ليناكف هذا المسؤول الكبير أو ذاك، فانه سيواجه بألف سؤال وسؤال حول دوره وحزبه أو جماعته في استمرار معاناة الناس. أليس هؤلاء جميعا مشاركين في حكومة يفترض أنها تحمل مسؤولية تضامنية ؟. في المقابل فان الوضع العام في العراق كان مؤثرا في الوضع الإقليمي ومحفّزا على الحركات الشعبية، ولو بشكل غير مباشر. علينا ألاّ نستهين بما لدينا فنحن نغرق في التفاصيل والمعاناة في الخدمات لكن مجتمعات إقليمية ترزح تحت نير الاستبداد وتكميم الافواه تراقب تجربتنا بدقة. لقد حاول الاعلام الاقليمي المعادي للعملية الديمقراطية في العراق تشويه الصورة وإظهار العراق على أنه ضحية الديمقراطية وانه يغرق بالفوضى والقتل جراء هذه العملية السياسية، لكن هذه المحاولات لم تصمد أمام الاجواء المفتوحة والإعلام العراقي الذي يملأ الفضاء والذي إستطاع، رغم نواقصه وضعفه، أن يري شعوب المنطقة ترجمة لمقولة ان "أسوأ أشكال الديمقراطية تظل أفضل من أحسن أشكال الدكتاتورية"، فكثيرا ما نسمع من مثقفين وإعلاميين عرب نلتقيهم في ندوات ومؤتمرات، قولهم إن الناس في بلدانهم يتابعون بشغف واهتمام تطور الوضع الديمقراطي في العراق، وكثيرا ما يبادرنا مواطن عربي نلتقيه بالسؤال: هل صحيح أنكم تتمتعون بحرية الرأي كما تعرضها محطاتكم وهل هي تبث من العراق أم من خارجه؟. ألا يكفي استمرار المتابعة وتعزيز الإعجاب بهذه التجربة الى التأثر بها على أكثر من مستوى؟.لا يعني هذا ان تجربتنا مكتملة وان نظامنا خال من أية ثغرات، بل نحن نعاني معضلات كبرى لا يتسع المجال لتفصيلها الآن، لكننا نحتاج – كعراقيين – على اختلاف اختصاصاتنا ومستوياتنا الثقافية ان ندرك حقيقة اننا في وضع متميّز يجلب الانظار في وسط اقليمي يحفل بالدكتاتوريات التي تتوق شعوبها الى التحرر منها كما حدث للعراقيين في 2003 ولكن بادوات داخلية لم تكن متاحة لنا آنذاك. أن ندرك هذه الحقيقة يعني ألاّ نتصرف وكأننا متأثرون بما يجري في الاقليم فنبدو وكأننا خائفون من هذه الرياح لاننا - في هذه الحالة - نضع أنفسنا في خانة الدول المحكومة بالدكتاتوريات المتوطنة ، فهل نحن كذلك؟