• Friday, 27 September 2024
logo

السنة في العراق: لعبة السياسة والصراع الطائفي

السنة في العراق: لعبة السياسة والصراع الطائفي

مورمان علي توفيق

 

يشكل العرب السنة في العراق جزءاً هاماً من البنية السياسية والاجتماعية والثقافية. تاريخياً، لعب العرب السنة دوراً محورياً في السياسة العراقية، خاصة خلال فترة حكم نظام البعث الذي اعتمد بشكل كبير على القادة السنة. لكن بعد سقوط هذا النظام، تغير ميزان القوى السياسية في البلاد، مما أدى إلى تهميش العرب السنة إلى حد كبير في النظام السياسي الجديد. في البداية، تعامل العرب السنة مع الوضع الجديد بروح مشابهة لروح نظام البعث، ولم يقبلوا التغيرات، وكانوا جزءاً مهماً من إضعاف النظام الفيدرالي في العراق. كما عارضوا بشدة المطالب الكردية وخطط إنشاء أقاليم على أسس عرقية أو طائفية أو مناطقية.

بعد كل هذه التطورات والمآسي، لم يضر السنة العراقيون أنفسهم فقط، بل ألحقوا الضرر أيضاً بالأكراد وبالعراق ككل. ولم يتمكن العرب السنة من رؤية المجتمعات العراقية بنفس النظرة منذ بداية حكمهم. كانت لديهم دائماً مشاكل مع السلطة، فقد جلبوا المذابح والتفجيرات الانتحارية والإرهاب لشعبهم عبر جماعات مثل القاعدة وداعش.

على العكس من ذلك، لم يبنِ النظام الكردي قوته وهيمنته على أساس محو أي مجتمع آخر. أما العراق، كدولة ذات هدف واحد وبرنامج واحد منذ نشأتها عام 1921، فقد ظهر تحت أسماء مختلفة، ولم ينتج عنه إلا المحو والتطهير العرقي والحرب والقتل والدمار.

محمد الحلبوسي، كزعيم عربي سني، دخل الساحة السياسية منذ عام 2003 كسياسي، وكان آخر مناصبه رئاسة البرلمان العراقي. تعامل الحلبوسي مع المشكلات السياسية والانتقام والتطهير بشكل مشابه لسياسات القيادات السنية التي سبقته. هذه النتيجة جاءت نتيجة الموقف والمعاملة غير الصحية التي يتعامل بها السنة العراقيون مع الأكراد والشيعة وغيرهم من الطوائف العراقية. يعتبرون أنفسهم المالكين الوحيدين للعراق، ولم ينظروا إلى إعادة إعمار البلاد من منظور جديد. من ناحية أخرى، شعر المجتمع الشيعي في البداية بالقمع والإقصاء والحرمان من حقوقه، وهم يتعاملون بنفس الطريقة مع العرب السنة اليوم. باع بعض القادة السنة أنفسهم للمال والسلطة دون الاهتمام بمستقبل العراق.

وقد أعرب الحلبوسي بوضوح عن معارضته لتزويد قوات البيشمركة بالأسلحة، معتبراً أن ذلك يشكل تهديداً لمحافظتي نينوى وكركوك. في حين أن المناطق السنية والكردية خارج إقليم كردستان ما زالت تواجه تهديدات يومية من تنظيم داعش، لم ينظر العرب السنة إلى قوات البيشمركة كحامية لتلك الحدود. لكن قوة البيشمركة تعتبر قوة قانونية ودستورية تحمي المنطقة، بينما يرى الحلبوسي أن هذه الأسلحة قد تستخدم في صراعات عرقية وحزبية.

من الواضح أن اللعبة السياسية لرئيس البرلمان العراقي السابق الحلبوسي، وصلت إلى نهاية غير متوقعة. عندما أدرك مقتدى الصدر أن الحلبوسي لم يعد جديراً بالثقة، انضم الأخير إلى نوري المالكي، ومن ثم تم عزله من منصبه. هذا الصراع السياسي أدى إلى تهديد الحياة السياسية في العراق. بالإضافة إلى ذلك، أجبر قانون مجلس المحافظة قوات البيشمركة على دخول البرلمان. وبعد انتخابات مجلس المحافظة في كركوك، انتصر الاتحاد الوطني الكردستاني على مساعي الحلبوسي للعودة إلى منصبه.

أضاف الحلبوسي أن الأسلحة يجب أن تكون تحت سيطرة الجيش العراقي لتعزيز قدراته. لكنه استذكر الجيش العراقي خلال حكم النظام السابق، مشيراً إلى أن الجيش هو من سلم معظم العراق لداعش في ساعات قليلة، مما أدى إلى تدمير البلاد. ورغم ذلك، فإن معارضة تسليح الجيش لا تزال تمثل رمزية لحماية أراضي ومياه المنطقة، بما في ذلك بعض المناطق العربية السنية.

وجاء في رسالة من الوزارة، نقلاً عن عقد مع شركة أمريكية تابعة لإسرائيل، أن دعوى قضائية رفعت ضد حزب الحلبوسي أمام المجلس القضائي للانتخابات لحل الحزب. وفقاً لقانون الأحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015، وخاصة المادة 32 من القانون، يحق للمحكمة حل الحزب إذا ثبت أنه يقوم بأنشطة تهدد أمن الدولة أو سلامة أراضيها أو تخالف الدستور.

وبذلك، نرى الائتلافات والجماعات العربية السنية مثل ائتلاف القوى العراقية، ائتلاف السيادة، جبهة الحوار الوطني، الحزب الإسلامي العراقي، ائتلاف القرار العراقي، و ائتلاف الإصلاح الموحد قد تأثرت بالصراعات السياسية الداخلية. أسماء بارزة مثل خميس الخنجر، صالح المطلك، طارق الهاشمي، أسامة النجيفي وماسانا السامرائي وغيرهم، انتهت حياتهم السياسية بسبب السياسات القائمة على إضعاف بعضهم البعض وتدمير العلاقات فيما بينهم. نتيجة لهذه السياسة المبنية على المعارضة وعدم الثقة، لا يزال العراق يعيش في أزمة سياسية.

 

 

 

كوردستان24

Top