• Saturday, 21 December 2024
logo

أزمة المياه العراقية تتسع في ظل بقاء الحلول «حبراً على ورق»

أزمة المياه العراقية تتسع في ظل بقاء الحلول «حبراً على ورق»

لم يخرج العراق من دائرة الجفاف التي وجد نفسه بها منذ سنوات طويلة دون أن تتخذ الحكومات المتعاقبة الإجراءات المطلوبة لمواجهة أزمة شحة المياه، حيث أن الفشل كان وما زال على مختلف الأصعدة سواءً الدولية وعدم التوصل إلى اتفاق مع دول الجوار وتحديداً تركيا وإيران بما يضمن حصول العراق على حصته المستحقة من المياه، وكذلك على الصعيد المحلي بعدم إيجاد سياسة مائية مناسبة تضمن الاقتصاد باستهلاك المياه وتحديداً في ملف الزراعة والذي يعد من أكبر الموارد التي تستهلك المياه، فيما يعاني العراق أيضاً من نقص السدود الخزنية.

بالصدد، يؤكد خبير في الموارد المائية بأن استمرار الأزمة تعني اتساع هجرة الفلاحين وأهالي مناطق الأهوار وتؤدي لمشاكل كبرى على جميع القطاعات سواءً الاقتصادية والسياسية والأمنية والصحية وغيرها، فيما يشير خبير بيئي إلى أن أزمة المياه قد أدت لفقدان مئات آلاف المهن المرتبطة بالأهوار لأبناء تلك المناطق ما أدى إلى هجرتهم نحو مراكز المدن للبحث عن فرص العمل.

اتساع الأزمة
وقال الخبير في الموارد المائية نظير الأنصاري، أنه «عند صدور التقارير من قبل المنظمات الدولية حول ملف المياه في العراق يظهر لنا عدة مسؤولين للإدلاء بتصريحات عن اتخاذ حلول وخطط للتعامل مع أزمة شحة المياه، ولكن هناك مشكلة في تطبيق تلك التصريحات على أرض الواقع».

وأوضح الأنصاري  أن «أزمة المياه ما تزال تشكل مشكلة خطيرة تواجه العراق رغم أننا كنا نحذر منها وندعو لاتخاذ الإجراءات المطلوبة منذ أكثر من (15) سنة ولكن دون أن نجد آذاناً صاغية مع أسف شديد، حتى وصل العراق لمراحل خطرة من الجفاف وشحة المياه كان يمكن نجنبها، والحلول معروفة للجميع وقد طرحناها ولم تتغير لكون الحلول التقنية والعلمية لم تتغير».

وأشار الخبير في الموارد المائية، إلى أن «استمرار الأزمة تعني اتساع هجرة الفلاحين وأهالي مناطق الأهوار وتؤدي لمشاكل كبرى على جميع القطاعات سواءً الاقتصادية والسياسية والأمنية والصحية وغيرها وقد تصل إلى التأثير على توفير مياه الشرب في حال عدم اتخاذ إجراءات فعلية على أرض الواقع لمواجهة أزمة شح المياه».

وتفاقمت أزمة شح المياه في العراق خلال السنوات الماضية لعدة أسباب من بينها سوء إدارة استخدام المياه وتغير المناخ وتراجع الإمدادات من دول المنبع، تركيا وإيران وسوريا، وهي عوامل تتشابك معا وتبرز أهمية مشكلة أساسية لم تتم معالجتها حتى الآن.

الأهوار والهجرة
فيما يؤكد الخبير البيئي أحمد صالح، أن «العراق ونتيجة أزمة شحة المياه قد فقد 35٪؜ من ثروة الجواميس وجميع الثورة السمكية وكذلك فقدنا سمعة العراق أمام منظمة (اليونسكو) لعدم حفاظنا على الأهوار، وهذا يضر كثيراً بسمعة العراق أمام المجتمع الدولي».

وبين صالح  أن «أزمة المياه قد أدت لفقدان مئات آلاف المهن المرتبطة بالأهوار لأبناء تلك المناطق ما أدى إلى هجرتهم نحو مراكز المدن للبحث عن فرص العمل، وهذا يؤدي لزيادة الضغط على تلك المدن وفي مختلف المجالات الخدمية والصحية وغيرها، وفقدان تلك المهن يعني أن مئات آلاف العوائل سوف تطرق باب الدولة للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية».

ولفت الخبير البيئي، إلى أن «وعود وزارة الموارد المائية لم تجد طريقها إلى أرض الواقع رغم أن الوزارة قد زادت الإطلاقات المائية نسبياً ولكنها لم تصل إلى الأهوار لكونها قد تم استخدامها وسحبها من المناطق العديدة التي تمر بها المياه قبل وصولها إلى الأهوار، وهذا يحتاج لمعالجة ومتابعة دقيقة من وزارة الموارد وكافة الجهات ذات العلاقة».

‏‎وتأتي معظم مياه الأنهار في العراق من تركيا بنسبة 71 في المئة، تليها إيران بنسية 7 في المئة، ثم سوريا بنسبة 4 في المئة.

‏‎ورغم أن تركيا تمتلك القدر الهائل من إمدادات المياه التي يحتاجها العراق، فإن مساهمات إيران في نهر دجلة، على الرغم من صغرها، تعتبر حيوية لسكان المحافظات الشرقية مثل ديالى، وبعض الأنهار العابرة للحدود، مثل نهر الكارون، التي تتدفق مباشرة من إيران إلى مجرى شط العرب المائي.

‏‎ويجعل مناخ العراق الجاف مياه نهري دجلة والفرات لا غنى عنها لسد احتياجات العراق. وفي حين أن الزراعة المعتمدة على المطر منتشرة في المناطق الشمالية، فإن غالبية الأراضي الزراعية في العراق تعتمد بشكل كبير على الري، والذي يشكل 75 في المئة من استهلاك المياه السطحية في البلاد.

‏‎وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من هذه الأنهار بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.

Top