السومرية الجذر الأقدم للغة الكوردية
طارق كاريزي- حصرياً لـ كولان العربي
السومريون يعدون الجذوة الحضارية الأولى التي انطلقت من وادي الرافدين، وأكثر من ذلك هي الانطلاقة الأولى لبدء الحضارة الإنسانية على مستوى العالم أجمع، ويعدون بناة أول حضارة بشرية أرست أسس التطور والمدنية للأجيال التالية من الأقوام والأمم. ترى من هم السومريون؟ سؤال لم يكن الإجابة عليه سهلا، فقد تواصلت الأبحاث العلمية في مجال التاريخ وعلم الآثار وأخيرا علم السومريات بعد تراكم كم كبير من البحوث والخبرات في مجال التنقيب الأثري والبحوث التاريخية حول المكتشفات الأثرية والمدن القديمة، وما أكثرها فيما يتعلق ببلاد سومر والحواضر السومرية.
كبار المؤرخين العراقيين في القرن العشرين واستنادا للبحوث العلمية في مجال الاثار أقرّوا حقيقة كون السومريين أمة غير سامية، والدليل على ذلك هو لغتهم المقطعية والاختلاف الشاسع بين لغتهم ولغات الأمم الساميّة. وبذلت عدد من الأمم جهودا ذات منحى ايديولوجي للاستحواذ على تراث وهوية السومريين واتخاذهم الجذر التاريخي لسردية ظهورهم في التاريخ، وبالتوازي مع ذلك فقد اجتهد علماء الآثار والتاريخ القديم في طرح النظريات حول اصل السومريين وموطنهم الأول، واحدى الفرضيات الأكثر جدية ومنطقية هي التي أقرت بقدوم السومريين من جبال زاكروس نحو السهل الرسوبي للعراق الذي يشكل الجزء الجنوبي من وادي الرافدين، أحد أهم مواطن الحضارة في العالم. وأستدل أصحاب هذه النظرية ومناصروها بالعديد من الدلائل والشواهد.
الباحث الكوردستاني المهندس المعماري المستشار تحسين عزيز (أربيل- 1955) بذل جهودا مضنية ومتواصلة في هذا المجال توصل من خلالها الى أن اللغة السومرية هي ذاتها اللغة الكوردية الحالية دون شك. ويعيش الباحث المهندس تحسين عزيز منذ 28 عاما في الولايات المتحدة وتيسّر له بذلك الاطلاع على النصوص المسمارية السومرية المحفوظة في متاحف الولايات المتحدة والموثقة في كبرى جامعات هذا البلد، بما فيها جامعة أكسفورد الشهيرة.
وبعد بحوث مكثفة ومتابعات معمقة توصل الباحث الى حقائق مدهشة في مجال علم السومريات وتبين له الكثير من اللغط والأخطاء التي تسربت من خلال الترجمات غير الدقيقة للنصوص المسمارية الى البحوث والدراسات المنشورة حتى الآن عن اللغة السومرية، وأكد بأن عدم المام علماء الآثار باللغة الكوردية التي تشترك في قاموسها اللغوي مع اللغة السومرية بشكل مدهش، أوقع البحوث الاثرية المعتمدة على النصوص المسمارية في مطبات كبيرة وأخطاء هائلة.
يذكر ان الباحث تحسين عزيز عاد في الآونة الأخيرة من الولايات المتحدة في زيارة الى كوردستان وقد صدر له حتى كتابان حول اللغة السومرية وقاموسها والجذر اللغوي الأصيل بين اللغتين الكوردية والسومرية. ومن المزمع أن يتم دفع آخر كتاب له من خلال الأكاديمية الكوردية في أربيل الى الطبع ويتضمن إصداره المقبل تناول نصوص مسمارية مقتبسة من الألواح السومرية المودعة في كبرى المتاحف العالمية والتي أجريت عليها المزيد من البحوث العلمية من قبل كبار المتخصصين في أشهر الجامعات العالمية.
وأكد على صعيد متصل الى ان تشويه حقائق التاريخ من حيث التلاعب بالنصوص المسمارية طال أحداث التاريخ وقدم تأريخا مشوها للشرق القديم، وأشار في هذا المجال الى لوح بيستون الشهير غرب مدينة كرمنشاه في كوردستان ايران، مبينا بان هذه الجدارية المسمارية تعد أكبر لوح مدون بالمسمارية ومكتشف حتى الآن في العالم، وما يقال بأن النص العلوي من الجدارية هو بالفارسية القديمة ما هو الا نص بالكوردية القديمة، لكن جرى تحريف النص تماشيا من الاجندات السياسية.