• Saturday, 27 April 2024
logo

"الإقليم السني" يعود للواجهة .. خطاب ورغبة شعبية تأخر عنه السياسيون

تثير قضية الإقليم السني منذ أسابيع جدلاً في محافظة الأنبار (غرب البلاد)، ويجد له اصداءً واسعة شعبياً ، وفي الصالونات السياسية وحتى القضائية في بغداد ، تحذوه تجربة إقليم كوردستان، ويهتدي بالدستور العراقي، يقول مؤيدون لإقامة الإقليم في الأنبار، وهو مسار محط جدل، ومثار اختلاف في الآراء، وكان على الدوام ورقة مشهرة، ضمن الأجواء السياسية العامة.

ومع قرار المحكمة الاتحادية القاضي ، بإبعاد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي عن منصبه ، برزت دعوات لإقامة "إقليم سني" في محافظة الأنبار، يتمتع بصلاحيات أوسع، ويدير شؤونه الداخلية، بعيداً عن تدخلات بغداد التي تحولت إلى سوط، يضرب الجميع، ويصوب في كل اتجاه، ولم يسلم منها ومن قراراتها حتى إقليم كوردستان الذي يتمتع بالاستقلال منذ عقود.

  انتعشت فكرة الأقاليم أول مرة في محافظة البصرة عام 2009، و"أجهض الحلم" ، بحسب تعبير البصريين ، بسبب رفض الأحزاب الشيعية ، ليعود نوري المالكي بعد ذلك بـ 9 سنوات ليؤيد إقليم الجنوب لأسباب انتخابية.

ضرورة " انشاء الإقليم"

وخلال سنوات العنف الطائفي التي شهدها العراق ، تكوّن رأي عام في الكثير من المحافظات السنية، بشأن ضرورة إقامة إقليم، للاحتماء به من سطوة بعض عناصر المؤسسة الأمنية، فضلاً عن ممارسات ذات صبغة طائفية، وانتقامية، وما دفع بهذا المسار إلى الواجهة بشكل أكبر، هو سيطرة تنظيم داعش، على محافظات عدة، بعد انسحاب وتقهقر قوات الجيش العراقي.

وبرغم تكوّن هذه الفكرة لدى العقل الجمعي في هذه المحافظات، إلا أن هناك رفضا سياسيا من بغداد، وكذلك دخول خطابات الأقلمة سابقا في مرحلة "الاستحياء" ، في مقابل خطاب الوحدة الوطنية ، إلا أن هذا التوجه بقي يحتفظ ببريقه لدى الكثيرين، ويستقوي بأي ممارسة استفزازية تحصل من بعض الاطراف أو المؤسسات في بغداد، كما أن هذا الخطاب بدا واضحاً ومرئياً للجميع.

وتؤشر أغلب تصريحات القادة السنة في الوقت الراهن، إلى مسألتين، الأولى أن الأقلمة منصوص عليها في الدستور العراقي، الذي صوت عليه الشعب في 2005، والذي سمح بإقامة الأقاليم في البلاد وجاء في المادة 119، أنه "يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناءً على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين، أولاً طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم وثانياً طلب من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم".

الشعور بالظلم يُنعش فكرة "الإقليم"

وقال قيادي ضمن الأحزاب السنية، أن "فكرة إقامة الإقليم، تنتعش مع الظلم الذي يقع على بعض المحافظات ، فيما يتعلق بتوزيع الثروات ، والحصول على الوظائف العامة ، والمشاركة الفعلية في القرار السياسي ، وزج المليشيات في مناطقهم تنفيذاً لأجندات إقليمية، ما يشكل ضغطا على أبناء هذه المحافظات الساعين نحو التنمية والاستقرار، وتكرار التجارب الناجحة في الداخل والخارج".

ويضيف القيادي السني الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه ، أن "القوى السياسية الشيعية تدرك بشكل فعلي طبيعة هذا الرأي العام، وبعضها يدفع نحو هذا المسار، الذي يمكن أن نسميه اضطراري، بالنسبة لبعض المحافظات"، مشيراً إلى أن "الأحزاب السنية لديها رؤيتها الخاصة في إدارة مناطقها، خاصة فيما يتعلق بالملف الأمني، ووجود الفصائل المسلحة هناك ، وتحول مناطقهم إلى بؤرة للمخدرات والسمسرة والابتزاز، فضلاً عن كونها طريق بري إلى سوريا يخدم إيران وأجنداتها في المنطقة".

وتشكل أزمة الثقة بين الجمهور السني وحكومة بغداد التي يغلب عليها المكون الشيعي ، الدافع الأبرز نحو هذا المسار، إذ ما زال يبرز حديث عن أن سكان المناطق ذات الأغلبية السنية يخافون من معاملة الحكومة لهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

وتعارض معظم القوى الشيعية مشروع الإقليم، حيث أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى ، فائق زيدان، مؤخراً رفضه الشديد لإنشاء إقليم سني بذريعة "تعرض وحدة العراق إلى التصدع"، رغم منح دستور البلاد صلاحية تشكيل الأقاليم بشروط محددة وغير معقدة، إذ يكفي تصويت ثلث أعضاء مجلس أي محافظة أو 10 في المائة من عدد الناخبين على إنشاء الإقليم.

 حزب الحلبوسي في الصدارة

وتنامت هذه الخشية بعد اكتساح حزب «تقدم» الذي يقوده رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي، لمجلس محافظة الأنبار، في الانتخابات المحلية التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وسيطرته على منصبَي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ، ما قد يمهد الطريق أمامه لبدء خطوات تشكيل الإقليم.

ورغم التحريض والاتهامات التي يتعرض لها الحلبوسي من خصومه السنة والشيعة، بشأن رغبته في «تقسيم البلاد»، فإن الأوساط المقربة منه تنفي ذلك، وتشير إلى أن قضية إنشاء الأقاليم قانونية، ولا تخالف أحكام دستور البلاد الدائم.

غير أن المحلل السياسي عماد محمد ، يرى أن "مسألة الإقليم السني تحولت إلى أشبه بورقة الابتزاز، إذ تبرز بين الحين والآخر في أوقات الخلافات السياسية، وعند الرغبة بانتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب، وهو مسار خاطئ يسيء للفكرة، وكفيل بوأدها في مهدها".

وأضاف محمد ، أنه "يجب إبعاد فكرة إنشاء الإقليم عن الصراعات السياسية، وتكوين فريق سياسي واعٍ لتبني الأمر، وتوضيحه بما ينسجم مع الروح الوطنية، ويبدد المخاوف الكامنة وراء هذا المسار، أو العمل على البقاء ضمن الوضع القائم، وتكريسه وتقويته"، مشيراً إلى أن "بقاء السياسيين السنة في مرحلة (البرزخ)، يمثل ضعفاً للمشروع، كما أنه يخلق حالة من الإرباك والتشكيك الدائم".

 

 

 

باسنيوز- صباح الساعدي

Top