البارزانية رسالة النبل والكوردايتي
عزالدين ملا
تشدّ الكوردي أحاسيسه ومشاعره عند سماع أنباء عن إقليم كوردستان العراق، لا يهم إن كان هذا الكوردي في الجزء الشمالي أو الشرقي أو الغربي من كوردستان، المهم أنه كوردي، نفس الإحساس ونفس المشاعر تتواتر، وتتوالد من عمق جيناته الموغلة في التاريخ، منذ أن تعرف على كورديته وحتى يومنا هذا، الظلم واحد والمعاناة نفسها، الفرح والحزن واحد، إن ضغطت على إصبع أي كوردي وفي أي جزء يشعر به ويتوجع في الجزء الآخر، الهدف والموقف واحد، المطالب والمصير واحد.
مناسبة هذا الحديث هي، بعد تلك النشاطات الكبيرة والكثيرة التي يقوم بها رجالات إقليم كوردستان، من أقاصي الدنيا إلى أقصاها، تلك التحركات لهدف وموقف واحد، وهي الحقوق المهضومة لشعب كوردستان، وإن كانت تلك المطالب لشأن كوردستان العراق، ولكن في جوهرها ومضمونها مطالب كل كوردي في أجزاء كوردستان الأخرى وفي كل بقعة من العالم.
إقليم كوردستان هذا الكيان الصغير في بقعة جغرافية متلاطمة الأمواج، محاط بدول غير مهذبة !! في هذا المكان يظهر إقليم كوردستان كـ جوهرة متلألئة، على بحر من الظلمات تُبرق وتُنير الدروب لغدٍ مشرق.
منذ تشكيل إقليم كوردستان بدستور عراقي جديد واعتراف دولي، يزداد رفعة وإنارة، يمدُّ الدفء والمحبة للكورد ولكافة الشعوب المتعايشة على أرض كوردستان، وأيضاً خارجها، أعطت لجيرانها دروساً في التّسامُح والعيش المشترك، دون المطالبة برد الجميل، بل تعطي دون مقابل.
كلما يتمّ ذكر التسامح والعيش المشترك ، يتبادر إلى أذهاننا فجأة ودون سابق إنذار، البارزاني والبارزانية، أصحاب البصمة الكوردية في الأخلاق والإنسانية ونكران الذات وحب الآخر.
منذ ذاك الحين واستراتيجية إقليم كوردستان، تفتح باب الحوار والتشاور مع الأشقاء والإخوة في الوطن الواحد، وفتح صفحة بيضاء لرسم خارطة مستقبل مشرق للشعوب المتعايشة في الوطن الواحد كورداً وعرباً وسرياناً وآشوراً وتركمانًا، هذه سياسة إقليم كوردستان مع الداخل، وإقامة علاقات متعددة التحالفات مع الخارج، إقليمياً ودولياً، في عملية توازنية حكيمة على مبدأ التعاون والتحالف.
كان الحضور اللافت لقيادات كوردستان، من السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان والسيد مسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم في المحافل الدولية أعطت وجهاً منيراً ومشرقاً لإقليم كوردستان من الثقة والطمأنينة والأمان والاستقرار والتعاون، وكانت الزيارة الأخيرة للسيد مسرور بارزاني إلى واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية ليست فقط زيارة عقد اجتماعات، بل ومما لاحظناه من لقاءات واجتماعات وجولات على مختلف المؤسسات الأمريكية من سياسية واقتصادية ومالية، أنها زيارة تمتين العلاقات وتوثيق الاتفاقيات الموقعة بين إقليم كوردستان والولايات المتحدة الأمريكية، جاءت رداً على الأفعال اللاأخلاقية وغير الدستورية من الحكومة الاتحادية في العراق بحق الكورد وإقليم كوردستان، وأيضاً رداً على ناكري الجميل لجهود أمريكا في إسقاط نظام صدام حسين وتنصيبهم على رأس هرم الدولة العراقية الحالية، وخاصة ممن لجأوا يوماً إلى إقليم كوردستان بحثاً عن ملاذ آمن لهم هربًا من سطوة نظام صدام حسين.
عكس ذلك، أن ما تحققه الدبلوماسية الكوردية من نجاحات كبيرة وكثيرة لإقليم كوردستان وعلى كافة الصعد، يُزعج الكثيرين من الأطراف ، إن كانت داخلية أو إقليمية ، والغيظ الأكبر لهؤلاء الأطراف ضمن الحكومة الفيدرالية في العراق والذين يرتبطون بملالي إيران رأس الإجرام والإرهاب في المنطقة، حيث لا يريدون أن يروا تلك النجاحات من تقدُّم وازدهار التي قد تفتح عيون العراقيين ويتم وضعهم تحت التساؤل التالي:
إقليم كوردستان وبميزانية 12 % فقط حقق هذه النجاحات وباقي الميزانية والبالغة قدرها 88% للعراق ولم تحقق سوى البطالة وتفشي الفساد والإجرام والارهاب.
من هذا المنطلق تحاول تلك الأطراف وبشتى الوسائل المتاحة محاربة إقليم كوردستان، عسكرية وسياسية، وفرض كافة الضغوطات للعمل على عدم تطبيق بنود الدستور العراقي، كما دفعت بالمحكمة الدستورية العليا على إصدار قرارات سلبية ضد إقليم كوردستان، فأصبحت المحكمة الاتحادية سيفًا مسلطًا على رقاب الكورد، حيث صار شغلها الشاغل محاربة الإقليم من خلال إصدارها لتلك القرارات المجحفة وعلى رأسها قطع الرواتب وغيرها من القرارات الظالمة وغير الدستورية.
إقليم كوردستان الملاذ الآمن وملتقى التحالفات والتوازنات سيبقى شوكة في عيون الحاقدين والمتربصين، وستبقى سياسة الإقليم المتوازنة مقصدَ الدول الإقليمية والعالمية التي تنادي بالديمقراطية، ما دام نهج البارزاني تتفتح وتنشر عطرها وألوانها في فضاءات السياسة الإقليمية والدولية.
خلاصة الكلام:
البارزانية ملتقى الإنسانية والديمقراطية، والطريق إلى التسامح والعيش المشترك الذي يضمن الاستقرار والأمان.
باسنيوز