• Monday, 23 December 2024
logo

إقليم كوردستان .. واحة التنوع والتسامح

إقليم كوردستان .. واحة التنوع والتسامح

إقليم كوردستان هو منطقة تتسم بالتسامح والتنوع الديني، حيث تعيش فيه مختلف المكونات الدينية بسلام واحترام، ولقد ساهمت جملة من العوامل الذاتية والخارجية في نشأة وتعزيز التسامح والتنوع الديني في إقليم كوردستان، كما لعبت حكومة الإقليم دوراً هاماً بالصدد.

أسباب التنوع الديني في إقليم كوردستان:
إقليم كوردستان هو منطقة تتميز بخصوصية تاريخية وجغرافية، يقطنها الكور الذين يتمتعون بلغة وثقافة وهوية خاصة بهم من أقدم العصور، وحيث أنهم أثروا وتأثروا بالشعوب والجماعات المحيطة بهم عبر التاريخ، نجد أن الكورد اعتنقوا مختلف الأديان والمذاهب على مر الزمن.

فبالإضافة إلى الإسلام، الذي يشكل ديانة غالبية الكورد، هناك عدة ديانات أخرى تنتشر في إقليم كوردستان، مثل المسيحية، والإيزيدية، والصابئة المندائية، والكاكائية، والشبك، والزرادشتية، والبهائية، والتي تعود إلى جذور تاريخية قديمة.

هذه التنوع الديني يعكس التسامح والتعايش الذي يميز المجتمع الكوردي، حيث يحترم الكورد جميع الديانات والمعتقدات، ولا يفرضون دينهم على غيرهم.

وهناك العديد من العوامل التي ساهمت في نشوء واستمرار هذا التنوع الديني في إقليم كوردستان، منها:

- العامل التاريخي:

إقليم كوردستان كان مركزًا للحضارات والثقافات المختلفة على مر العصور، وشهد تأثيرات من الفرس والرومان والعرب والمغول والعثمانيين وغيرهم. هذه التأثيرات أدت إلى تنوع الديانات والمذاهب في الإقليم، حيث اعتنق بعض الكورد الإسلام بمذاهبه المختلفة، وبقي بعضهم على دياناتهم القديمة، إلى جانب اعتناق ديانات جديدة.

- العامل الجغرافي:

إقليم كوردستان يقع في منطقة جبلية، مما جعله مكانًا صعبًا للسيطرة عليه أو التدخل في شؤونه. هذا المكان أتاح للكورد فرصة للحفاظ على هويتهم وثقافتهم ودينهم، رغم المحاولات المتكررة لإخضاعهم أو تغييرهم. كما أن هذا المكان سمح للكورد بالتواصل والتبادل مع شعوب وثقافات أخرى.

- عامل الهوية:

شعب إقليم كوردستان يفخر بأصوله وتاريخه وثقافته، ولا يرضى بأن يفقد هويته أو ينسى تراثه. والكورد يرون في دياناتهم جزءًا من هويتهم، ولا يرون في ديانات غيرهم تهديدًا أو خطرًا، وبالعكس، يرون في التنوع الديني ثروة وفخرًا، ويلتزمون بالتسامح والحوار مع جميع المكونات.

دور حكومة إقليم كوردستان في تعزيز التسامح الديني:
حكومة إقليم كوردستان أقرت ونفذت خطة لحقوق الإنسان تمثل خريطة طريق لتعزيز حقوق الإنسان خلال السنوات الخمس المقبلة في جميع المجالات، بما في ذلك التسامح الديني والقومي وحماية حرية الفرد والمجتمع، فقد أقرت حكومة الإقليم قوانين تحمي حقوق المكونات المختلفة في الإقليم، مثل قانون انتخابات برلمان كوردستان رقم (1) لسنة (1992)، والذي يضمن تخصيص 11 مقعدًا للأقليات الدينية والقومية في البرلمان، وهي: 5 مقاعد للتركمان، و5 مقاعد للآشوريين والكلدان والسريان، ومقعد واحد للأرمن. هذا القانون يهدف إلى تعزيز التمثيل السياسي لجميع المكونات في الإقليم، وتشجيع المشاركة الديمقراطية والحوار بينها.

كما أنشأت حكومة إقليم كوردستان وزارة للأوقاف والشؤون الدينية ترخص وتنظم ثمانية أديان ومعتقدات دينية رسمية في الإقليم، هي: الإسلام، المسيحية، الإيزيدية، الصابئة المندائية، الكاكائية، الشبك، الزرادشتية، والبهائية.

هذه الوزارة تهدف إلى تعزيز التفاهم والحوار بين مختلف المكونات الدينية، وتشجيع التعاون والتضامن بينها، وتأسيس علاقات جيدة مع المؤسسات الدينية في المنطقة والعالم. هذه الوزارة تدعم أيضًا إنشاء معابد ودور عبادة للديانات المختلفة في الإقليم.

كما تولي حكومة إقليم كوردستان اهتمامًا خاصًا بضحايا داعش من جميع المكونات، وخصوصًا الإيزيديين والنساء والأطفال، وقد قدمت حكومة الإقليم مساعدات إنسانية وطبية ونفسية وقانونية للضحايا، وأطلقت مشاريع لإعادة بناء منازلهم ومعابدهم وبلداتهم، ودعت المجتمع الدولي للاعتراف بجرائم داعش ضد الإنسانية .

وتشجع حكومة إقليم كوردستان أيضًا على التضامن والتآزر بين جميع المكونات في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتحتفل بالتراث والثقافة الدينية للضحايا.

والجدير بالذكر، أن في إقليم كوردستان حوالي 5800 مسجد وجامع و145 كنيسة و400 دار عبادة أخرى لديانات مختلفة، وهذه الأرقام تعكس التنوع الديني والتعايش السلمي في الإقليم، حيث تحظى جميع الديانات والمعتقدات بالاحترام والحماية.

Top