هل يعود الصدر إلى السياسة من بوّابة الحرب على الجماعات «المنحرفة»؟
من المعروف أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد اتخذ عدة قرارات وخطوات سياسية غير متوقعة في الماضي، لذا يعتقد مراقبون للشأن السياسي أن الحراك النشط للتيار الصدري قد يشير إلى بداية مرحلة جديدة في توجهات التيار، خاصة مع قرب موعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 18 ديسمبر/كانون الاول المقبل.
ويعتبر تجميد التيار وإغلاق حسابه على تويتر والحملة الداخلية لمواجهة ما يُعرف بـ «أصحاب القضية» والتحذير من الجماعات المنحرفة، إشارات قد تدل على رغبة الصدر في تنظيف صفوف التيار وتحقيق تغيير داخلي، كما أنه وجه نداء أنصاره بتقديم التعهدات الموقعة بتقليد المراجع التي تلتزم بمنهج والده، وعدم الانضمام إلى أي جماعة أخرى، وهو ما يعكس رغبته في المحافظة على وحدة التيار والتأكيد على الولاء له.
قلق من تأثير تلك الجماعات
وجاءت زيارة الصدر لضريح والده وأخويه في النجف وإلغاء مراسم الزيارة احتجاجاً على ظهور جماعة «أصحاب القضية» لتعكس أيضاً قلقه من تصاعد تأثير تلك الجماعات والتأكيد على موقفه الرافض للجماعات المنحرفة وحربه على العناصر التي يعتبرها متطرفة.
وبحسب مراقبين، فإن من الصعب توقع خطوات الصدر المستقبلية، ولكن يمكن اعتبار هذه التطورات المذكورة مقدمة لتغييرات سياسية محتملة في التيار الصدري، وبالنظر إلى الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات في تشرين الثاني، فإن القوى السياسية في بغداد تنتظر ما سيتخذه الصدر من خطوات.
وتزامن صعود «أصحاب القضية» على ساحة الأحداث مع خوض القوى الشيعية حوارات «غير معلنة» لتشكيل تحالفات تمهيداً للانتخابات المحلية التي يفترض أن تجري قبل نهاية العام.
ويرى متابعون، أنه بالنظر إلى مسيرة الصدر، فإنه عملياً لا يمكن التنبؤ بخطواته ومواقفه التي عادة ما تأتي مخالفة للاعتقاد السائد، ويدلل هؤلاء على أن خوض خطيب الكوفة مجدداً في السياسة الداخلية للعراق لا يبدو بريئاً، أو بمبادرة شخصية منه، والأغلب أنه تمهيد لعودة الصدر إلى الساحة السياسية.
في داخل التيار الصدري، تقول مصادر مطلعة، إن «زعيم التيار مقتدى الصدر، لم يوجه لغاية الآن بشأن العودة لاستئناف الحياة السياسية، لكن التوجه العام لقيادات التيار بات واضحاً بأن الانسحاب من العملية السياسية، ألقى بظلاله على نفوذ التيار وقوته، خاصة وأن هذا الانسحاب كان شاملاً سواءً على المستوى النيابي أو الحكومي، ما منح القوى السياسية الأخرى قوة ونفوذاً استغلته بشكل واضح، عبر تنفيذ مشاريع خدمية، بهدف كسب الناخبين».
وتضيف تلك المصادر أن «العودة باتت شبه حتمية، في ظل المطالبات التي تبرز بين الحين والآخر، وربما في الشهر الأخير قبل الانتخابات المحلية المقبلة، ما سيشكل حافزاً مهماً لأنصار التيار بالتوجه نحو صناديق الاقتراع، وهي خطة محكمة سترفع رصيد الصدر السياسي فيما لو اتبعها».
وكان التيار الصدري خاض عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الأول / أكتوبر 2021، مواجهة حامية مع القوى الموالية لإيران، على خلفية تشبثه بتشكيل حكومة أغلبية، وكادت أن تتحول هذه المواجهة إلى صدام مسلح، لولا قرار الصدر التراجع وإعلان الانسحاب من العملية السياسية.
قلق من عودة الصدر
ويقول المراقبون، إنه على الرغم من انسحاب التيار والتخلي عن تجسيد فوزه في الانتخابات، لكن خصومه السياسيين ومن خلفهم إيران ظلوا متوجسين من عودته إلى الساحة، ولا يستبعد المراقبون أن يكون ظهور «أصحاب القضية»، يندرج في سياق محاولة لضرب التيار من الداخل والتشكيك في عقيدته.
من جهته، يرى المحلل السياسي عماد محمد، أن «بوصلة العملية السياسية تشير حالياً إلى إمكانية عودة التيار الصدري، باعتبار أن الأجواء مهيئة، وأن الانتخابات المحلية تخوضها القوى السياسية عادة بشكل منفرد، وبالتالي لا يحتاج إلى تحالفات في بادئ الأمر، لكن المسألة تتعلق بتوقيتات ورهان الصدر على واقع تياره، وقدرته على العودة في الوقت المحدد والمنافسة بشكل جدّي، خاصة وأن انسحابه من العمل السياسي، وتجميد تياره ربما أضعفه، وقلل نفوذه».
وأضاف محمد في تصريح، أن «القيادات السياسية تدرك قرب عودة الصدر، وإمكانية إبرامه تحالفات مع بعد الانتخابات المحلية، لذلك هي تستعد اليوم لإعادة تموضعها، وربما ترغب في التحالف مع التيار مستقبلاً، لأنها تؤمن بأن عودته ستكون أقوى من السابق، لعدة اعتبارات تتعلق بالوضع الداخلي والإقليمي، والاتجاه العام للدولة».