تداعيات الأتفاق السعودي- الأيراني على اوضاع العراق
اعداد: كولان العربي
أعادت "مجموعة الأزمات الدولية" البريطانية الضوء على تداعيات الاتفاق السعودي-الإيراني على الأوضاع في العراق، حيث أشار التقرير إلى أن الصفقة قد تخفض التوترات في البلد، ولكن احتمالات الحلول السريعة للأزمات والتوترات الإقليمية لا تزال ضئيلة. وأشار التقرير إلى أن السعودية كانت ترغب في حماية نفسها في حالة تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وأن مبادرة الصين تهدف إلى تخفيف التوترات في الشرق الأوسط بشكل عام. وبالرغم من استضافة العراق وسلطنة عمان جولات حوار سعودي-إيراني في السابق، فإن دور الصين في تحقيق الاتفاق كان غير متوقع. ويبدو أن تحول الاتفاق إلى "جيوسياسي" من شأنه أن يزيد من دور الصين في المنطقة التي يهيمن عليها الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن تقليص حدة المنافسة الإقليمية يمكن أن يساعد في إعادة توجيه الطاقة السياسية نحو النزاعات الداخلية الأساسية، فإن احتمالات الحلول السريعة لا تزال ضئيلة، خاصة بعد التأزم الذي شهدته اليمن وسوريا وتفاقم عدم الاستقرار في لبنان والعراق. وفقًا للتقرير، يُشير التقارب الإيراني السعودي إلى إمكانية تخفيف المخاوف الأمنية لدول الخليج، ولكن هذا لا يقلل من خطورة برنامج إيران النووي والتهديد الذي يمثله، وخاصةً بالنسبة لإسرائيل وبعض جيران إيران، بما في ذلك المملكة السعودية.
وبالنسبة للعراق، يُذكر في التقرير أن الاتفاق السعودي الإيراني يمكن أن يخفف من حدة التوتر في العراق، مشيرًا إلى أن بغداد تحاول منذ فترة التقريب بين جيرتيها. ومن الجدير بالذكر أن حدود إيران مع العراق طويلة بشكل أكبر من حدود السعودية مع العراق، وأن إيران تتمتع بعلاقات دينية واقتصادية وثقافية قوية مع العراقيين، وبنفوذ سياسي كبير خصوصًا من خلال القوى والأحزاب الشيعية وجماعات مسلحة التي ربما تكون مسؤولة عن هجمات على المملكة السعودية في العامين 2019 و2021.
ومن ناحية أخرى، يقيم السنة في العراق تاريخياً علاقات عشائرية وتجارية ودينية مع السعودية، وتمارس هذه الأخيرة نفوذاً ضئيلاً نسبيًا من خلال العشائر السنية والأحزاب السياسية التي شاركت في حكومات تقاسم السلطة بعد عام 2003.
ذكر التقرير أن السعودية تواجه تهديداً لمصالحها الأمنية العامة، خاصةً مع وجود الجماعات المدعومة من إيران على الحدود العراقية السعودية التي تبلغ طولها 800 كيلومتر. وأشار التقرير إلى أن الحكومة العراقية تسعى جاهدة لتهدئة حرارة التوتر بين الجانبين، وترغب في إعادة جعل العراق مكانًا للحوار الإقليمي بدلاً من المواجهة الوكالة. وقد بذل رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي جهوداً كبيرة لجمع ممثلين من الجانبين الإيراني والسعودي في بغداد لعقد خمس جولات من المحادثات المباشرة خلال فترة ولايته.
ويذكر التقرير أن هذه المفاوضات كانت ضرورية من أجل توضيح مخاوف الجانبين وتطوير ممارسات الحوار المنتظم، مما أفسح الطريق للاجتماع الذي جمع الجانبين في بكين. وفي السياق نفسه، سعت بغداد خلال عهد رئيس الوزراء السابق محمد شياع السوداني إلى تعزيز علاقاتها مع المملكة السعودية، ووقع مسؤولو وزارة الداخلية في السعودية والعراق في شباط/فبراير مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الأمني.
ويتوقع التقرير أن يؤدي الانفراج السعودي الإيراني إلى إزالة العقبات السياسية التي وقفت في طريق الاستثمار السعودي في العراق. ومع ذلك، فإن الكثير من العراقيين لا يزالون متشككين في قدرة إيران على إجراء تغييرات كبيرة على سياساتها الطويلة في العراق، ويشعرون بالقلق من استمرار تدخلها في السياسة.
وفقًا لتقرير صحفي، أعرب مسؤول سعودي رفيع المستوى عن رغبة الرياض في استغلال زخم محادثات بكين الناجحة للعمل على تحسين العلاقات مع إيران. وقد صرح وزير المالية السعودي أن المملكة مستعدة للاستثمار في إيران بشكل سريع. ويعتقد التقرير أن اتفاق بكين قد يساعد في تخفيف التوترات في الخليج وإنه يتمنى أن يكون هذا الاتفاق نحو الاستقرار والازدهار لجميع الأطراف. ومع ذلك، ذكر المسؤول القطري أن المملكة السعودية ستحتاج وقتًا لتستعيد الثقة في النوايا الإيرانية. وعلى الرغم من ذلك، يعتقد التقرير أن العلاقات بين دول الخليج وإيران قد تحسنت بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين. ويشير التقرير إلى أن الاختبار الأساسي لنجاح أي صفقة سعودية-إيرانية يتعلق بمدى استمرار الأطراف في التدخل في السياسات المحلية للدول الأخرى. ويتحدث التقرير أيضًا عن خطوتين يمكن اتخاذهما لإثبات التزام الدول بعدم التدخل فيما بينها، وهي كبح دعم السعودية للشبكات الإعلامية التي تثير الغضب ضد النظام الإيراني، وتقليص إيران لشحنات الأسلحة إلى المسلحين الحوثيين في اليمن. ويعتقد التقرير أن اتفاق بكين يمكن أن يفتح الباب لحوار أمني بين دول الخليج وإيران والعراق، مما يساهم في تخفيف التوترات وتطوير طرق لمعالجة المخاوف الأمنية الأساسية.