بيان ‹القادة الثمانية› يثير .. ماذا يريد الصدر؟
أثارت دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لقادة التيار بضرورة عدم السفر خلال الشهر الحالي إلى الخارج نظراً للظروف العامة، تكهنات بأنه قد يستعد لمواجهة تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، يما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، قد تدخل البلاد في متاهة أخرى.
وتأتي دعوة الصدر بالتزامن مع إعلان اللجنة المركزية للتظاهرات عن اعتصام أمام مجلس النواب، سينطلق يوم الجمعة احتجاجاً على التصويت على قانون الانتخابات وفق نظام ‹سانت ليغو› وتبني دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة وإلغاء الدوائر المتعددة.
ووجه الصدر بعدم سفر ثمانية من قادة التيار، وهم كل من: محمود الجياشي، وحيدر الجابري، وعون آل النبي، وحسن العذاري، وجليل النوري، وأحمد المطيري، وكاظم العيساوي، ومؤيد الأسدي.
ويرى مراقبون، أن الصدر بدعوته العاجلة يكسر عزلته السياسية ويستعد لتحريك أنصاره في الشارع العراقي لمنع تمرير هذا القانون، حيث يعتقد أن الهدف من هذه الخطوة هو التصدي لمستقبل الصدريين السياسي والانتخابي.
وصوت البرلمان العراقي فجر الاثنين على اعتماد آليات محددة لفرز نتائج الانتخابات، خلال تصويته على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات الجديد، رغم معارضة قوى مدنية وعلمانية وشعبية واسعة، بوصفه قانوناً يتناسب مع مصالح القوى النافذة في البلاد، حيث يستند القانون إلى نظام الدائرة الواحدة وفق آلية ‹سانت ليغو›.
اعتصام مفتوح
ولم يتأخر رد فعل الناشطين والقوى المدنية المعارضة للقانون في الظهور، حيث يرون أن القانون بصيغته الحالية «يعيد الوجوه القديمة ويقوي وجود الأحزاب الكبيرة على حساب القوى الصغيرة والمستقلين». بينما دعا بعض البارزين في هذه القوى إلى الاحتجاج لرفض هذا القانون وسحب الشرعية الشعبية منه.
بدورها، أصدرت اللجنة المركزية للاحتجاجات العراقية بياناً مساء الأربعاء، قالت فيه «إن الفاسدين قد حسموا أمرهم بإعادة قوانينهم الانتخابية القديمة الظالمة لضمان استمرار أحزابهم، متجاهلين رأي غالبية الشعب والمرجعية الرافضة لذلك، ويعملون حتى ساعات الفجر لتحقيق مصالحهم بدلاً من تخفيف معاناة الشعب وهمومه المتعلقة بارتفاع تكلفة المعيشة والدولار واقتراب شهر رمضان الكريم».
وأضافت اللجنة في بيانها: «ندعو العراقيين للتجاوب مع نداء الوطن يوم الجمعة الساعة التاسعة مساءً لإعلان اعتصامنا أمام بوابة مجلس النواب في المنطقة الخضراء حتى موعد جلسة مجلس النواب».
من جهته، قال قيادي في التيار الصدري، إن «مطالبة زعيم التيار للقادة الثمانية بعدم السفر، لا يعني بالضرورة التوجه نحو القضايا السياسية، أو معارضة قانون الانتخابات، فقد تكون هناك بالفعل الكثير من القضايا المُلحة التي يريد السيد الصدر مناقشتها مع هؤلاء القادة باعتبارهم الركائز الأساسية للتيار».
وأضاف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «الصدر قرر الانسحاب من العملية السياسية، وحين العودة سيُعلن ذلك بوضوح لجماهير التيار وللقوى السياسية، لكنه في الوقت الحالي من الواضح لا يرغب بالعمل السياسي، باعتبار أن الأجواء غير مهيأة، وهناك سيطرة مطلقة وغير منصفة من قوى الإطار التنسيقي على مفاصل الدولة، ما ينتج في نهاية المطاف سياسية غير نظيفة».
ويُطابق رأي القوى المدنية والأحزاب الناشئة، رأي التيار الصدري بالنسبة لهذا القانون، حيث يرى الطرفان، أن إقراره سيصب في صالح القوى المتنفذة، ولذلك فإن عدداً من المحافظات الجنوبية شهدت الأيام الماضية تظاهرات واسعة للتنديد بصيغة ‹سانت ليغو›، وضرورة اعتماد نسب أقل عن إجراء الانتخابات النيابية.
مصالحة طهران والرياض
وآلية ‹سانت ليغو› في توزيع أصوات الناخبين في الدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي تعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن العراق اعتمد سابقاً القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.
من جهته يرى المحلل السياسي عماد محمد، أن «العملية السياسية العراقية قد تشهد تحولات مفاجئة خلال الفترة المقبلة، بسبب رفض القوى التقليدية لمطالبات ورأي التيار الصدري فيما يتعلق بقانون الانتخابات، وكذلك مطالبات القوى الناشئة والأحزاب الصغيرة»، مشيراً إلى «ضرورة اعتماد صيغة مناسبة تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي، وإدامة التوافق النسبي الحاصل الآن بين الأحزاب».
وأضاف محمد في تصريح أن «دخول التيار الصدري على خط هذا الواقع، قد لا يكون متحققاً، وهذا يعود في الأساس إلى الحسابات الخاصة بالصدر، الذي بدأ ينظر إلى الأمور بشكل أوسع وأشمل، خاصة بعد المصالحة الأخيرة بين الرياض وطهران، وإمكانية أن ينعكس على الشأن العراقي، وربما يرى الصدر ضرورة عدم تحركه في الوقت الراهن».