خبراء يعلقون على زيارة السوداني لألمانيا ودورها في حل "معضلة الكهرباء" في العراق
وصف مختصون توقيع العراق مذكرة تفاهم مع ألمانيا للنهوض بواقع الكهرباء في البلاد، بأنها "خطوة استراتيجية" لمعالجة حقيقية لهذا القطاع، وبينما شدد مختصون على أهمية الزيارة في حال "صدقت النوايا"، يرى آخرون أنها كسائر الزيارات للحكومات السابقة، ولن تغير الواقع العراقي لأسباب عديدة، أبرزها المشهد الأمني المربك.Fullscreen
وأنهى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء الجمعة، زيارته إلى ألمانيا والتي استمرت يوماً واحداً، أجرى خلالها لقاءات مع عدد من المسؤولين، ووقع وزير الكهرباء زياد علي مذكرة تفاهم مشتركة مع شركة سيمنز، والتي مثلها الرئيس التنفيذي للشركة كرستيان بروخ، وتنطوي المذكرة على خريطة عمل لتطوير منظومة الكهرباء في العراق.
خطوة استراتيجية
يقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد العبادي، إن "السوداني مهتم بقطاع الكهرباء، فهي من أولويات برنامجه الحكومي، لذلك طرح خلال الزيارة إمكانية دعم البنية التحتية لقطاع الكهرباء، ووقع وزير الكهرباء مذكرة تفاهم على إضافة 6 آلاف ميغاواط من خلال إنشاء محطات طاقة لإنتاج الكهرباء، وأخرى لقطاع النقل لإنشاء المحطات التحويلية والخطوط الناقلة".
ويؤكد العبادي "كذلك نصّت مذكرة التفاهم على إمكانية إجراء عمليات تأهيل وصيانة للوحدات التوليدية، واستثمار حقول الغاز، وإنشاء المصافي للغاز الحر والطبيعي، للاستفادة منه لصالح وزارة الكهرباء، وعدم الاعتماد على الغاز المورد، ومن المؤمل أن تحقق تلك المعالجات خطوة استراتيجية لمنهاج طاقة واعدة".
ملفان مترابطان
يشير عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، باسم الغريباوي، إلى أن "الكهرباء والنفط ملفان مترابطان، ونأمل أن يكون الاتفاق مع شركة سيمنز الألمانية بادرة خير لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية وتحقيق ما نص عليه المنهاج الوزاري لحكومة السوداني".
ويضيف خلال حديثه "أما النفط فمن الممكن استغلال الفرصة التي اتاحتها الأزمة الروسية مع الولايات المتحدة وأوروبا لزيادة الإنتاج النفطي وتصديره للأخيرة".
ويلفت الغريباوي، إلى أن "المستقبل يتجه نحو مصافي المشتقات النفطية ومعامل البتروكيمياويات وليس للنفط الخام، لذلك ينبغي العمل على ذلك من خلال إنشاء مصافي المشتقات النفطية ومعامل البتروكيمياويات وزيادة طاقتها الإنتاجية".
صدق النوايا
من جهته يقول الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، إن "ألمانيا تمتلك وفرة مالية، وامكانيات العراق بأمس الحاجة إليها، لكن لابد أن تكون هناك سلامة في النوايا لهذا الانفتاح على الدول الكبرى، بأن يكون من منطلق وطني ونوايا سليمة، وليس رغبة في الالتفاف كاستعارة لتجربة عادل عبد المهدي في مسألة الاصطفاف مع روسيا والصين ضد الولايات المتحدة".
ويضيف الشريفي أن "المبادرة جيدة والخطاب الذي رافقها إيجابي، لكن نأمل أن لا تكون هناك مصدّات من الجهات الساندة للسوداني، لأن الأخير من مخرجات الإطار التنسيقي الذي يرتبط بإيران، وهو ما قد يؤدي إلى كبح إنطلاق العراق باتجاه الدور الدولي وحصره ضمن التوازنات الإقليمية".
معادلة لجذب الاستثمار
وينبّه الخبير الاستراتيجي، إلى أن "حل الأزمات الداخلية هي رسائل اطمئنان لجذب الاستثمارات الخارجية، وألمانيا قريبة من الكورد، لذلك من الممكن الانتفاع من هذه المعادلة، بحل الأزمة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية ومعالجة المادة 140 وقانون النفط والغاز، فهذه المعادلة لا بد ان يقرأها السوداني وينتفع من الهويات الفرعية، بوصفها مصدر قوة للبلاد لا مصدرا للنزاعات".
ظروف مربكة
بدوره يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إن "فتح مجالات الاستثمار حالة صحية إذا ما تم تطبيق وتنفيذ بنود الاتفاق لصالح العراق، لكن لا يوجد تغيير للواقع العراقي في ظل الظروف المربكة التي تشهدها البلاد أمنيا وسياسيا واقتصاديا".
ويتابع عيد خلال حديثه، أن "جميع رؤساء الحكومات السابقة ذهبوا إلى ألمانيا، وحاولوا التعاقد مع شركاتها وخصوصا مع سيمنز لحل معضلة الكهرباء، لكن هذه الزيارات لم تجن ثمارها لأسباب عديدة، في مقدمتها المشهد الأمني المربك وانتشار السلاح خارج إطار الدولة".
ويوضح، أن "أي دولة لا تستطيع فتح مجالات استثمارها داخل العراق، لأن الولايات المتحدة وإيران لا يريدان ذلك، فضلا عن أن الأخيرة لن تتخلى ببساطة عن استغلال نفوذها الذي تجني من خلاله مليارات الدولارات سواء كان من سعر بيع الغاز للعراق أو من خلال استثماراتها وتجارتها معه".
ويكمل عيد "كذلك لا تستطيع أي دولة فتح مجالات استثماراتها ودخلها لسوق العمل في العراق ما لم يتم إيقاف الهدر الكبير للأموال العراقية وتهريب العملة"، خاتما حديثه متسائلا "أين هي الاتفاقية الصينية والربط الكهربائي مع الأردن ودول الخليج؟، لماذا لم يتم تنفيذها لغاية الآن؟، ولمصلحة من؟".
شفق نيوز