فؤاد حسين : يجب تنظيم العلاقة بين بغداد وأربيل بقانون
رأى نائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية ووزير الخارجية، فؤاد حسين، العلاقة بين بغداد وأربيل يجب تنظيمها بقانون وأنه ليس بإمكان بغداد أن لا تتفق مع إقليم كوردستان وأن العكس أيضاً صحيح.
وتناول حوار أجراه سنكر عبدالرحمن من شبكة رووداو الإعلامية مع نائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية ووزير الخارجية، فؤاد حسين، العديد من المسائل المرتبطة بالعراق وإقليم كوردستان، كالموازنة العامة وحصة إقليم كوردستان منها، والوضع الاقتصادي العراقي، وقانون النفط والغاز، والانتهاكات التي تتعرض لها أراضي إقليم كوردستان من جانب تركيا وإيران، ومؤتمر بغداد الثاني المزمع عقده في العاصمة الأردنية عمان.
وعن حصة إقليم كوردستان من الموازنة العامة الاتحادية العراقية لسنة 2023، قال فؤاد حسين: بحثنا الأسبوع الماضي موضوع الموازنة في اجتماع المجلس الوزاري للشؤون الاقتصادية الأسبوعي، ولكون وفد إقليم كوردستان متواجدا في بغداد دعوناهم إلى الاجتماع، لكن الموازنة العامة لا تزال في طور الإعداد وحصة إقليم كوردستان من الفقرات التي تم التطرق إليها، وقد أشير إلى نسبة 14% لأن وزارة التخطيط ثبتتها على أساس نسبة سكان العراق إلى سكان العراق.
ونوه نائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية بأن كل ما هو مطروح الآن عبارة عن تخمينات والإنفاق الفعلي يظهر في نهاية السنة المالية فقط، وبشأن العائدات المحلية وعائدات النفط، قال: هناك مجموعة تعليمات، فالجمارك مثلاً مرتبطة بالمحافظات، وعندما كنت وزيراً للمالية وجهت بتخصيص 50% من تلك العائدات للمحافظات نفسها، والتعليمات الخاصة بالعائدات المحلية مرتبطة بالدستور والقانون الضريبي وكل ذلك يجب أن يذكر في قانون الموازنة لمعرفة طريقة التصرف.
وبخصوص مسألة النفط، أكد فؤاد حسين أن: موضوع النفط سيكون جزءاً من المحادثات لمعرفة طريقة التعامل مع النفط وهل سيتم تسليم النفط على أساس براميل النفط وأين سيتم تسليمه ومن سيدفع تكاليف استخراجه ونقله، وهل سيكون التسليم على أساس المال الآتي من بيعه، كل هذا يجب توضيحه في قانون الموازنة الذي سيكون نافذاً لمدة سنة في حال المصادقة عليه. خلال هذه الفترة هناك محاولات لتنفيذ جانب من الاتفاق بين القوى السياسية المشكلة للحكومة، ويجب تثبيت قانون النفط والغاز خلال ستة أشهر وعندها سيكون إصدار قانون الموازنة في السنة المقبلة أكثر سهولة لأنه سيصاغ في ضوء هذا القانون، وتحاول حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية حالياً الاتفاق على صيغة للتعامل مع مسألة النفط والغاز وإدراجها في قانون الموازنة العامة.
ولدى طرح سؤال: هل ستتفق أربيل وبغداد؟ أجاب فؤاد حسين بالإيجاب، وقال: الجانبان يحتاجان إلى بعضهما البعض، فليس بإمكان بغداد أن لا تتفق مع إقليم كوردستان وليس بإمكان الإقليم المضي قدماً بدون الاتفاق مع بغداد. كما قال: يوجد الآن اتفاق سياسي بين الجانبين وهناك اتفاق مفصّل. هذا الاتفاق السياسي مدرج في المنهاج الوزاري والإقليم مستعد للتوصل إلى اتفاق مع بغداد، والاتفاق الذي سيبرم سيصب في مصلحة إقليم كوردستان ومصلحة بغداد. عندما توقع على اتفاق عليك أن تلتزم به لأن يصب في مصلحة الجانبين. أنا أعتقد أن الجانبين سيلتزمان بالموازنة المقبلة التي سيتم الاتفاق عليها.
وعن توقعاته للسنة المقبلة، قال نائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية: الوضع الاقتصادي لم يعد سيئاً والاقتصاد العراقي بخير، حدثت المشاكل السابقة بحجة الافتقار إلى النقد لكن الوضع الاقتصادي العراقي جيد الآن ويتوقع أن يثبت سعر النفط لستة أشهر قادمات، وإذا ثبت سعر النفط على حاله سيتحسن الوضع الاقتصادي العراقي كثيراً.
وعن سبب الخلافات التي تطفو إلى السطح كل سنة عند إعداد قانون الموازنة بين إقليم كوردستان والعراق على موضوع النفط والغاز، قال فؤاد حسين: العراق يعتمد حالياً قانون النفط من عهد صدام حسين وهو لا يتفق مع الدستور. كما أشار إلى أن قانون النفط والغاز هو: التزام، إلتزام قانوني لأن البرلمان صوت على مسودة القانون في السابق، وإصداره مدرج في المنهاج الوزاري، وأن عدم إصداره طوال الفترة الماضية كان لغياب نية إصداره. أما الآن فإن النية قائمة لدى الجانبين "فليس هناك حل آخر، وبغياب هذا القانون ستتكرر المشاكل كل مرة، ليس أمامنا حل إلا بوجود قانون ينظم العلاقة بين إقليم كوردستان وبغداد. مشيراً إلى وجود اتفاق سياسي هذه المرة وكل قادة الأحزاب مشاركون فيه وهو اتفاق مكتوب وموقع عليه، وهذا كان غائباً في المرات السابقة.
وعن التفاؤل بحل المشاكل بين أربيل وبغداد، الذي يبديه أغلب الذين يتوجهون من إقليم كوردستان إلى بغداد ويلتقون برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قال فؤاد حسين: ما يميز هذه الحكومة عن سابقاتها هو وجود منهاج تعرف الحكومة بموجبه على أي أساس تتصرف، والأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة تعرف حدودها، ويوجد عند رئيس الوزراء الحالي خطة، وهي خطة كل الأحزاب، والحكومة حتى الآن ملتزمة ببرنامجها وتمضي قدماً في تطبيقه خطوة فخطوة، وأرى أن العمل مع هذه الحكومة أيسر، فقد شاركت في ثلاث حكومات بصفة وزير، وخطط هذه الحكومة عملية. الأطراف السياسية أيضاً ملتزمة ببرنامج الحكومة لأنها وقعت عليه، ومن يوقع على تعهد عليه الوفاء به.
تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي واحد من المسائل الخلافية بين أربيل وبغداد، وعن ذلك قال فؤاد حسين إنه سيتم تعيين رئيس للجنة المادة 140، فهذا واحد من نقاط الاتفاق السياسي على المنهاج الحكومي، وسيتم تفعيل اللجنة قريباً وستباشر مهامها. سنبدأ بهذا مطلع السنة المقبلة.
وأضاف: هناك اتفاق يجري العمل عليه، يجب أولاً تهيئة المناطق المشمولة بالمادة، وقد أدرجنا في الاتفاق السياسي مادة تقضي بعودة كل القوى السياسية إلى مقراتها، فينشئ من ليس له مقر مقراً، ومن عنده مقر لكن جهة أخرى أخذته عليها أن تعيده. كما يجب أن تشارك القوى السياسية تلك في انتخابات مجالس المحافظات عند إجرائها. فأجواء الانتخابات وترسيخ الديمقراطية في تلك المناطق سيضفي عليها طابعاً يختلف عما هو سائد الآن، وهذه المادة واحدة من نقاط الاتفاق السياسي القائم والذي يمهد السبيل أمام بيئة طبيعية بدرجة أكبر.
ورداً على تساؤل حول ما إذا كان الاتفاق السياسي بين الأطراف المشكلة للحكومة الاتحادية الحالية سيؤدي إلى تطبيع الأوضاع في كركوك وسنجار ومخمور وغيرها، قال فؤاد حسين: الخطة الأولى هي عودة الأحزاب إلى أماكنها وممارسة نشاطها السياسي، فليس معقولاً وجود أحزاب كوردستانية ونشاطها في كل مكان إلا في كركوك، بينما الدستور يضمن لها حرية العمل، وإلى جانب عودة هذه الأحزاب سيكون هناك الإعداد لانتخابات مجالس المحافظات وهذه كلها خطوات باتجاه التطبيع.
وحول "التعريب المنظم" الجاري حالياً في خانقين وكركوك، وما سيتخذ لإيقافه. قال فؤاد حسين: على إقليم كوردستان بعد الفراغ من مسألة الموازنة، أن يوفد وفداً لبحث هذه القضايا، ويكون الوفد معززاً بالبيانات والأرقام والوثائق، فهذه دار شخص ولا يجوز أن يأتي آخر ويحتلها، وأنا اختبرت هذا الألم رمزياً وشعورياً. فالإقامة في مكان تختلف عن الاستيلاء عليه، فبإمكان كوردي أن يقيم في بغداد أو البصرة بوإمكان بصري أن يقيم في كوردستان، وهذا حق دستوري، لكن مفهوم التعريب شيء مختلف. أنا لا أرى أن الحكومة الحالية أو السابقة تبنت سياسة التعريب، ولا أرى أن ممارسة التعريب في مكان ما تدل على سياسة الحكومة فقد يقوم بها مسؤول ما في منطقة ما.
وعن سبب عدم إقدام الحكومة على منع ذلك، قال فؤاد حسين: ولهذا أقول بوجوب البحث في المسألة وعرض البيانات، فهي مهمة، وكما أننا نبحث مسألة الموازنة علينا أن نبحث هذه القضية أيضاً.
أما عن مساندة الجيش العراقي للعرب المستقدمين في الاستيلاء على أراضي الفلاحين الكوردي، فقال فؤاد حسين: لا أرى أن هذا قرار صادر عن بغداد، وإن كان قراراً محلياً فهو غير ممكن ومخالف للدستور وعلينا أن نتصرف وفقاً للدستور، وعلى كل مسؤول في هذا البلد أن يلتزم بالدستور، ولا يجوز الاستمرار على السياسات التي انتهجها صدام فهذا مرفوض.
مؤتمر بغداد الثاني المقرر عقده في الأردن في (20 كانون الأول 2022)، قال عنه نائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية ووزير الخارجية، فؤاد حسين: عندما أثبتنا اسمه قلنا إن اسمه سيظل ثابتاً أينما عقد، لأن الهدف منه هو دعم ومساعدة العراق من النواحي الاقتصادية والسيادية، وأساسه هو بحث أوضاع العراق ومحيطه، والمقصود بمحيطه دول الخليج التي ستشارك فيه وكذلك إيران وتركيا، لكن سوريا لا تستطيع المشاركة بسبب ظروفها، وسيشارك الرئيس الفرنسي ماكرون هذه المرة. سيشارك الاتحاد الأوروبي أيضاً، وستمثل الأمم المتحدة في المؤتمر وكذلك الجامعة العربية وسفراء 20 دولة هي قوى عظمى اقتصادية، وسفراء الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، مع جميع سفراد الدول العربية والإسلامية في الأردن.
الضربات الإيرانية التي توجه لأراضي إقليم كوردستان ووجود أو عدم وجود اتفاق أو حوار مع إيران لإيقافها، قال فؤاد حسين إن هناك محادثات مستمرة: وتم تشكيل وفد كبير، وقد زرت إيران قبل زيارة رئيس الوزراء ثم زرتها معه وبعدها زارنا وفد أمني وسياسي من عندهم، وسيشارك وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر بغداد بالأردن، وسألتقيه هناك، وسنحاول التوصل إلى اتفاق لإنهاء تلك الهجمات، ونحن ملتزمون بالدستور العراقي ولا يجوز أن تتعرض إيران لهجمات تنطلق من الأراضي العراقية. المطالب الإيرانية أعلن عنها رسمياً، وقالوا لن نقبل أن تكون القوى السياسية المتواجدة في كوردستان العراق مسلحة وتشن هجمات على إيران وتجتاز الحدود إلى الداخل، وهناك حالياً لجنة عليا يشارك فيها إقليم كوردستان، هي لجنة أمنية وتفاوضية بين الطرفين. إيران أعلنت رسمياً أنه يجب تجريد القوى (الأحزاب الكوردستانية المعارضة لإيران) المتواجدة هناك من السلاح.
وعن التوغل التركي وإنشاء مواقع عسكرية في عمق أراضي إقليم كوردستان واتخاذ بغداد موقفاً من ذلك، قال فؤاد حسين: هذه مسألة كبيرة في العراق وحساسة، وهذا الموضوع أيضاً واضح، فتركيا تقول علناً إن PKK متواجد في تلك المناطق وهو مسلح ويهاجم منها، هو موجود في سنجار، وليس بمقدوركم السيطرة عليه لذا فإننا نفعل ذلك. نحن أمام مشكلة كبيرة من جهتين، أولاها أن الدستور العراقي لا يسمح بهذا، بوجود قوة مسلحة على أراضينا تهاجم الطرف الآخر. هذا حق تركيا على العراق، وبالمقابل من حق العراق على تركيا أن لا تتوغل في أراضيه. هذه المشاكل يجب حلها بالحوار وتركيا وإيران جارتان مهمتان للعراق، وبينه وبينهما مصالح متبادلة، فمنابع دجلة والفرات تقع في تركيا، والدين والمذهب بجمهان بيننا وبين الدولتين. لذا لا يمكن حل الخلافات بالصواريخ خاصة وأن العراق منفتح على الحوار. نحن الآن ندير الأزمة وعلينا تهدئتها خطوة فخطوة، وأن نبدأ الحوار مع الأتراك من جديد.
روداو