محمد إحسان: لا بد من تدخل مسعود بارزاني لحل الأزمة بالحوار.. والا سنذهب الى اقتتال شيعي شيعي
حذر الخبير بالقانون والسياسة الدولية، البروفيسور محمد إحسان، من اشتعال حرب شيعية شيعية ستكون كارثية على الجميع و"نخسر فيها شبابنا وكفاءاتنا واموال العراق" اذا لم تتوصل الاطراف المتصارعة الى حوار ينقذ البلد من هذه الكارثة"، مشيرا الى ان " اية مبادرة لن تنجح بدون تدخل الرئيس مسعود بارزاني لنزع فتيل الازمة".
وفي حوار لمناقشة"ما بعد قرار المحكمة الاتحادية" بعدم صلاحيتها لحل البرلمان، قال إحسان، وزير حقوق الانسان السابق في حكومة اقليم كوردستان، والرئيس السابق لجامعة اربيل الدولية واستاذ في جامعة لندن بانجلترا: "من وجهة نظري ليس للمحكمة الاتحادية صلاحية لحل مجلس النواب"، مشيرا الى ان "المادة 64 من الدستور العراقي اوضحت الاجراءات الشكلية والعملية لحل البرلمان، والتي تقول يحل البرلمان بطلب من اغلبية اعضاءه او بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية وبتصويت من البرلمان، بالتالي في صلاحيات المحكمة الاتحادية ليست هناك اية فقرة تجيز لها حله، هذه الطرق الدستورية لحل البرلمان، لكن هناك طرق غير دستورية مثلا بانقلاب عسكري او انهيار الدولة، وهذه الطرق موجودة في العالم، لكن الدستور العراقي حدد متى وكيف يحل البرلمان".
وكان مجلس القضاء الأعلى، قد رد أمس على طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، حل مجلس النواب العراقي، بالقول ان المجلس لا يملك الصلاحية لحل مجلس النواب ومهامه محددة بموجب المادة (3) من قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (45) لسنة 2017 والتي بمجملها تتعلق بادارة القضاء فقط وليس من بينها اي صلاحية تجيز للقضاء التدخل بامور السلطتين التشريعية أو التنفيذية.
وقال إحسان:"دعنا نتحدث بصراحة، المحكمة الاتحادية هي جزء من الازمة والاختناق السياسي، لكن من الناحية القانونية ليس من حق طرف معين، التيار الصدري، او جزء من الشيعة او السنة او الكورد لحل البرلمان بهذه الطريقة، برأيي ان يكون هناك نوع من الحوارات والتفاهمات لحل هذا الاختناق السياسي. الدستور عالج الكثير من المشاكل ولكن هناك ثغرات فيه وعلينا ان لا ننسى بان دساتير العالم تتطور باستمرار بما يقتضي المصلحة العامة، هناك آليات لتعديل الدستور وآليات لحل البرلمان واختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتشكيلها، كل هذا موجود في الدستور، ومع احترامي للتيار الصدري، ان يتم تقديم طلبات (عرائض) من قبل جهة معينة لحل البرلمان فهذا ليس من صلاحية المحكمة الاتحادية".
وفيما يتعلق بتفسير المحكمة الاتحادية مفهوم الكتلة الاكبر عام 2010 وفيما اذا يعد ذلك تدخلا في العمل السياسي؟، أوضح: "انا قلت ان المحكمة هي جزء من العقدة وتعرف كيف تستخدم صلاحياتها ضد التيار وضد التحالف الثلاثي (الذي ضم التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والسنة بزعامة محمد الحلبوسي) الذي تشكل قبل 10 اشهر، لهذا قلت هي جزء من الازمة ولديها آليات قانونية لاعاقة الكثير من الامور، لكن اكرر ان حل البرلمان ليس من صلاحياتها. والمادة 64 واضحة في هذا المجال". منبها الى ان "هناك اشكالية اخرى وهي انه ليس من حق رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، تقديم طلب لرئيس الجمهورية لحل البرلمان كون حكومته هي حكومة تصريف اعمال، وحتى اذا من حق 50 نائبا تقديم طلب لحل البرلمان، فيجب ان يصوت مجلس النواب على هذا الطلب .. هناك مأزق دستوري واختناق سياسي في البلد".
وحول مجريات الامور في الشارع العراقي، قال إحسان: "باعتقادي ان هذه الطريقة بادارة الصراع التي استخدمت من قبل الطرفين (التيار الصدري والاطار التنسيقي) اسلوب غير سياسي وشخصنة الامور، فبعد ان تشكل التحالف الثلاثي، ثم تشكل الاطار التنسيقي وعمل جهده لايصال الامور الى هذه النقطة، واعتقد اليوم ان قيام التيار بتحشيد الجماهير في الشارع وبالمقابل يفعل الاطار ذات الشيء فان هذا سيقود الى مواجهة وربما يتطور الى الاقتتال بين الطرفين، ونحن لدينا تجارب سيئة وعشنا الاقتتال الكوردي الكوردي، والاقتتال الشيعي السني، هذا يعني اننا سنخسر شبابا واموالا وطاقات عراقية هائلة". منوها الى ان "الحل الافضل هو الدخول في حوارات وفق مبادرة حقيقية لمصلحة الوطن، مبادرة من اجل ايجاد حل ونزع فتيل الفتنة في البلد وليست على شاكلة المبادرات السابقة.. هناك عدة طرق للحل، منها، تشكيل حكومة جديدة والذهاب الى انتخابات مبكرة وفق اسس جديدة، يجب اولا تعريف من هي الكتلة الاكبر؟ وان يكون هناك ميثاق شرف والطرف الفائز في الانتخابات هو الذي يشكل الحكومة او ان يشكل تحالف سواء قبل الانتخابات او بعدها، لكن هناك من يعارض ذلك، هناك جماعة متشبثين بالسلطة ويريدون اعادة احلامهم بالبقاء فيها من اجل الفساد، وجماعة اخرى كانوا جزءا من الفساد واليوم لا يريدون الاستمرار ويصرون على تشكيل الحكومة، هذا التعنت بالسياسة اراه اختطاف للشعب واختطاف العملية السياسية وحصر الدستور بزاوية حرجة، هذا التصرف يقودنا الى كارثة حقيقية" .
واشار إحسان الى ان "مبادرة هادي العامري يمكن ان تنجح بمساندة الرئيس مسعود بارزاني ، لكن العامري بمفرده لن يحقق ذلك فهو ما يزال جزءا من المشكلة كونه طرف في الاطار التنسيقي، اذا الكورد وجزء من الشيعة الذين هم ليس جزءا من الصراع على السلطة والسنة، تحاوروا يمكن ان تكون هناك مبادرة حقيقية"، محذرا من ان" المشكلة هي ان غالبية الاطراف لا يشعرون بخطورة الاوضاع، الآن هناك العشرات من الاف الشباب معتصمين حول بناية مجلس النواب بهذه الظروف الجوية وارتفاع درجات الحرارة، وهؤلاء لا يمثلون التيار الصدري فقط بل هم من العراقيين الناقمين على الاحزاب السياسية بسبب الفساد وحرمانهم من ابسط احتياجاتهم الطبيعية، وكلنا نتمنى ونعمل على تغيير الاوضاع السياسية وان النظام يجب اصلاحه، وفي الطرف الاخر، قرب الجسر المعلق، هناك جماعات ضد الاولى والجميع يخشى اي احتكاك فيما بينهم واذا حدث ذلك سيقودنا الى التهلكة ولا نعرف نتائجه". مشددا بقوله:" انا على يقين بان الرئيس مسعود بارزاني بامكانه حل فتيل الازمة ومن مصلحة البلد ان نعمل بهذا الاتجاه وانا غير متفائل بما يحدث في العراق، والصراع من وجهة نظري هو ليس من اجل مصلحة البلد بل هو صراع من اجل السلطة وتصفية صراعات قديمة .
واضاف إحسان قائلا:" كانت هناك مبادرة ممتازة في بداية الازمة من قبل رئيس اقليم كوردستان نيجرفان بارزاني، لكن الطبقة الحاكمة تؤمن بنظرية المؤامرة وتشك حتى اذا قلت لهم السلام عليكم، مبادرة الرئيس نيجيرفان بارزاني لم يعتمدوها للاسف ولم يعملوا بها وهناك من حاول القفز على المبادرة ويجيرها باسمه.
اعتقد انه "بوصول العامري واجتماعه مع الرئيس مسعود بارزاني سيكون هناك تحرك باتجاه الحل لان في هذا الصراع ليس هناك اي رابح والجميع خسران خاصة اذا تصاعدت الامور وستكون النتائج كارثية".
وتسائل إحسان قائلا:"لماذا يجب ان يكون رئيس الجمهورية كوردي ورئيس البرلمان سني ورئيس الحكومة شيعي؟ ولماذا لا يكون مثلا رئيس الحكومة او البرلمان من الكورد؟ لقد مضى تقريبا 20 سنة على تغيير النظام والمراحل الانتقالية في العالم لا تتجاوز العشر سنوات، ويجب تغيير هذه الآلية، ونحن في العراق جعلنا من الفترة المؤقتة دائمية بناءا على مصالح الكتل السياسية وهناك من يقول ان ذلك عرف دستوري، لا يوجد شيء اسمه عرف دستوري، نحن نتحدث عن قانون ودستور".
وعن انهاء المحاصصة والتوافقية، قال:" اهداف التحالف الثلاثي بنبذ المحاصصة والتوافقية كانت افضل توجه لانقاذ العراق من المحاصصة، كان هناك بصيص امل لكن الاطار وقفوا بطريقها للاستمرار بالفساد تحت مبررات مثل الالتزام بقررات المرجعية، ومرات تحججوا بالتدخل الاجنبي لصالح هذا الطرف او ذاك، ومرات تستروا بمصلحة المكون (الشيعي) وكل هذا غير صحيح كل همهم كان وما يزال هو استمرار فسادهم الموغل بالبلد وكلهم من عشاق السلطة".
واكد بان "سبب ذلك ايضا يعود لعدم وجود رجال سياسة وطنيين حريصين على البلد والشعب، عندنا في العراق نسبة قليلة من رجال السياسة وهؤلاء منسيون، وفي الواجهة هناك من يمكن وصفهم باقل من المراهقين السياسيين ..نحن حطمنا جميع النظريات السياسية في العالم، واتحدى اي اقتصادي يحلل اليوم الوضع الاقتصادي العراقي ويقول لنا الى اين نحن نمضي اقتصاديا، مثلا".
واوضح إحسان قائلا:"الخطوة القادمة اذا لم تنجح اي مبادرة سواء مبادرة العامري او غيره وبمباركة الرئيس مسعود بارزاني للتدخل بين الاطراف لحل النزاع فنحن ماضون الى قتال شيعي شيعي وهذا سيكون كارثة على العراق وجميع العراقيين". مذكرا بان "الامم المتحدة عملت اكثر مما عليها واعرف ان جنين بلاسخارت نزلت من عقلية الدبلوماسية الى العشائرية من اجل حل النزاعات ولم تنجح واذا لم نصل اليوم الى حل فجميع الاطراف ستندم ولم ينفعها عض اصابعها".
ونفى إحسان ان يكون هناك اي تدخل خارجي لحل الازمة العراقية، وقال:"العراق ليس في اولويات سلم التفكير الاميركي فما يشغل واشنطن اليوم هي الحرب الاوكرانية وروسيا و الصين وتايون والهند وروسيا.. اميركا كانت في العراق وهناك من افتخر باخراجهم فماذا استفدنا منها؟". مشددا على ان حل الازمة العراقية يكمن "بالحوار بين جميع الاطراف، وحتى لو خرج 5 مليون عراقي للشارع لا يحل البرلمان الا بانقلاب او انهيار الدولة او بالحوار".
حاوره: معد فياض- شبكة روداو الأعلامية