• Saturday, 22 February 2025
logo

الفنانة الامازیغیة رقية السميلي ل کوڵان: الدور الذي أعطيه للمرأة هو الدور الذي منحته لها الطبيعة

الفنانة الامازیغیة رقية السميلي ل کوڵان: الدور الذي أعطيه للمرأة هو الدور الذي منحته لها الطبيعة

الفنانة رقية السميلي ولدت بالجنوب المغربي، نشأت في أحضان الثقافة الأمازيغية، وهي ثقافة أصيلة محلية، ارتبطت في طفولتي المبكره بجدتها، التي استقيت منها موروثا ثقافيا غنيا، مليئا بالحكمة، متشربا بالعادات والتقاليد الأمازيغية. بدأت مشوارها الفني قبل 15 سنة.

کان ل گوڵان هذا اللقاء معها.

• ما هو الموضوع الرئيسي السائد في لوحاتك؟
- حين التطرق للموضوع الرئيسي، الذي تدور حوله أعمالي، فإنه يمكن أن أحصره في نقطتين أساسيتين:
- النقطة الأولى وهي التي تخص الثقافة الأمازيغية، التي حاولت ان أعيد لها الاعتبار بعد سنوات من التهميش في الوسط المحلي، وتعاني مع توجهات رسمية تقصيها، ولكنني أردت أن أعطيها مكانتها في الفن، من خلال التعريف بالحرف الأمازيغي، ومن خلال التعريف كذلك بجميع مكونات هذه الثقافة، ألوانا وأزياء وحليا وهندسة عمرانية وأثاثا وأفكارا. وقد عبرت عن ذلك في لوحاتي لفترة من الزمن.
- حينما أحسست أنني استنفذت هذا الدور، انتقلت إلى النقطة الأساسية الثانية، وهي التي تدور حول الانتقال بالثقافة الأمازيغية من مستواها المحلي إلى المستوى العالمي، لكي يتعرف عليها العالم، وعلى خصوصياتها، ويعترف لها بها، ولكي تصبح كذلك مساهمة في تطوير الفكر الإنساني بالتعبير عن الأفكار، ولكي تصبح الألوان والرموز وسيلة لذلك، لا غاية في حد ذاتها، وبطرحها وجعلها رافدا أساسيا من روافد الثقافة الإنسانية، التي تساهم فيها وتغنيها.

• ما الذي تحاولين أن تعبري عنه بلوحاتك؟
- هذا سؤال مهم ووجيه، ولكن لا يمكن أن أستحضر جميع المراحل الفنية، التي مررت بها، والقضايا التي عبرت عنها، وأود أن أركز على المرحلة الأخيرة، اي تلك التي أمارسها حاليا، وهي ترتبط بالدرجة الأولى بالتعبير عن القضايا الفكرية، وتوجهات الإنسان في هذا الجانب، ذلك أن جوهر الإنسان هو محمولات فكرية، يعانيها بصورة يومية، وفي كل تصرف من تصرفاته الحياتية، ويحاول أن يوصلها إلى الآخر، لانه بواسطتها، وعليها، يمكن أن يحقق التفاهم والتكامل الإنسانيين.
ولذلك فإنني أستعمل أصولي الثقافية، ومعرفتي بالواقع المجتمعي، وأحاول أن أتواصل من خلالها مع المجتمعات الإنسانية، أينما كانت، وحيثما هي، لأعبر عن قضايا فكرية تشغلني، منها ما يتعلق مثلا بالأحوال النفسية، وبالتشتت الذهني، وبالتداخل الفكري، وبالتوقف والانقطاع للتأمل في الحياة، والرغبة في تجاوز الحدود الزمنية والمكانية من أجل تحقيق تواصل أفضل مع الإنسان، حيثما كان، وكيفما كان.
فالعمل الإنساني لا يمكن أن يسبر إلا بالتوقف عنده والتأمل فيه ومحاورته واستخلاص جوهره، والمشترك بين كافة البشر مهما كانت أطيافهم وتوجهاتهم وأحلامهم وآمالهم وآلامهم وانشغالاتهم وهمومهم وتطلعاتهم.

• ما الذي يلهم أو يؤثر على أعمالك الفنية؟
- ما يؤثر على أعمالي، ويكون مبعث إلهام، وداعي إنتاج، أمران أساسيان:
الأول: هو عالمي الداخلي، فحينما أختلي مع نفسي، تنتابني مجموعة من الأفكار والهواجس، التي قد تقلقني أحيانا، وتثير في قلاقل داخلية، تجعلني أراجع نفسي، وأناقش مجموعة من الأفكار والتصورات، التي قد تبدو عادية عند البعض، ولكني لا أستوعبها بسهولة، بل أقف منها مواقف، تصل أحيانا إلى حد الرفض والنبذ، وأحيانا أخرى تصل إلى حد التساهل والتقبل، وقد ترقى إلى الإعجاب. ومن خلال هذه الحركة الداخلية أخلص إلى مجموعة من المواقف، تجعلني تلك التي دخلت إلى الفكرة ليس هي تلك التي خرجت منها، بل بتغيرات واضحة وبينة، وغالبا ما يكون ذلك في زمن الليل، لأنني أراجع نفسي وأحاسبها على مجموعة من الأشياء، التي قد تكون تراكمت خلال أزمنة سابقة، ولكنني اضعها على رف الانتظار من أجل إعادة النظر فيها.
الثاني: هو العالم الواقعي الخارجي، الذي أصطدم به في كل لحظة من لحظاتي الوجودية، ولا أقصد بالعالم الخارجي العالم الضيق القريب، ولكنني أقصد كذلك العالم الإنساني، أو القضايا الإنسانية العامة، فلا يمكن للإنسان أن يرى أمورا لا تسره، فيعيش حياة عادية، او يقبل على الحياة دون أن يأبه بها، وإنما تؤثر فيه ويفكر فيها، ويبدي مواقف قد تؤثر على أعماله، فالحروب والمجاعات والفقر والتغير البيئي والمناخي وتفسخ القيم وسيطرة الآلة والظلم والاستغلال وغيرها لا يمكن أن تفرح من له ذرة إنسانية. كما أنه لا يمكن أن يمر بلحظات جميلة مفرحة دون أن تترك في نفسه أثرا طيبا، قد يكون ملهما له لإنشاء مجموعة من الأعمال، او يكون له انعكاس في العمل الذي هو بصدد إنشائه. فالتقدم العلمي والتضامن والتآخي وتعقيق العدالة والنجاح في الأعمال ولم الشمل كلها أشياء إيجابية وتعطي نفسا إيجابيات لكل من فيه نزعة خيرة بما في ذلك الفنانون.

• هل تعبرين عادةً عن أفكارك ومشاعرك بحرية؟
- الفن والحرية مساران متلازمان، فالفن لم يوجد إلا في ظل الحرية، ولا يمكن أن يثمر بغيرها. ولذلك فالفن تعبير عن أفكار ومشاعر هي جوهر الإنسان، وهما عمليتان داخليتان لا يمكن لأي قوة خارجية الاطلاع عليهما ورصدهما ومراقبتهما وتتبعهما ما لم يرد صاحبهما ذلك، وأحرى التحكم فيهما. وحتى حينما نعبر عنهما فإنه يصعب التحكم فيهما ذلك أن إطلاق العمل الفني حينما يغادر يد صاحبه فإنه يصبح ملكا للمتلقي يوجهه في الاتجاه الذي يختار، يزيد في درجة تأويله بالكم الذي يريد.


• هل تشعرين بأي نوع من الرقابة الذاتية التي قد تمنعك من تنفيذ فكرة معينة فنياً، ولماذا؟
- ليست هناك من سلطة تستطيع أن تلجم الفنان عن التفكير في موضوع ما، ولا عن إلباسه لون معين، ولا السير به في اتجاه محدد، سوى ذاته، التي يكون معها في لحظة الإبداع، تفكيرا وتأملا وإنضاجا للفكرة، وتطويرا لها، والشأن نفسه حين تنفيذها، وهذه الذات هي الموجه الوحيد للفنان، بما يختلجها من أفكار يؤمن بها، وقيم تربى عليها، ومبادئ يلتزم بها، والتزامات ترسم له حدوده، وأهداف يخطها، ورسالات يخلص لها. فيبقى مسيجا بها، حريصا عليها في جميع أعماله، لا يبدلها حين الانتقال من موضوع إلى آخر، لا حين الانتقال من فكرة إلى أخرى، ولا حين تتغير اللوحات، وتتبدل الظروف، ويمر الزمن. فالإيمان بالقضية الأمازيغية، والإدراك الشخصي لجوهرها، والالتزام بقضايا المجتمع، وبقضايا الإنسانية، وبقضايا المحيط، أمور لا تتبدل ولا تتغير في قناعاتي.

• هل تظهر لوحاتك التعاطف والدعم للبيئة؟ كيف يمكن للفن أن يلعب دوراً إيجابياً في الدفاع عن البيئة وحمايتها؟
- كل منا يدرك أن البيئة في وضعها الحالي تعيش في أخطار عظيمة، لا ينحصر التهديد فيها وحدها، بل ويمتد ليطال الوجود الانساني، إذ أن سلامته في سلامتها، وبقاله ببقائها.
غير أن جنون التطور يسير بالعالم في تدمير بيئته، ومكان أمانه، في تخريبه بيده، والجناية على مستقبله واستمراره. ولعل انتشار الأمراض والأوبئة والفيروسات الفتاكة والتغير المناخي كلها ناجمة عن الفساد والاختلاط البيئي، والذي يتهدد الوجود البشري. انطلاقا من هذا فإن إيماني بسلامة البيئة وأهمية الحفاظ عليها قناعتان لا تتزعزعان، ومبدآن راسخان في توجهي الفني، ومحاضرة في أعمالي بقوة من خلال التشبث بالأصالة، والحفاظ على الخصوصية. و لفن دور مهم في حمل هذه الرسالة ونشرها بين الناس لكونها من القضايا التي يمكن أن يحملها، ويتوجه في خدمتها، والدعوة إليها بل إنه ملزم بذلك، لانها رسالة إنسانية نبيلة.


• هل صحيح ان الألوان لديها أهمية اكثر في تشكيل الخطاب الجمالي للوحة؟
- لا جدال في ذلك، فاللون قوة وطاقة ودلالة عامة، ولكن السياق الذي يستعمل فيه هو ما يمنحه العمق والدلالة الخاصة. وهذا السياق يتحدد بموقع تواجده داخل اللوحة والأهمية المعطاة إليه، وما يحيط به من تشابكات لونية؛ كما يتحدد بالفكرة التي يُراد له أن يعبر عنها، والموضوع الذي يخدمه، وتوجه الفنان، ودرجة وعيه بقوة اللون وطاقته، وقدرته على التحكم فيه، وتجسيد ذلك في اللوحة، وخلال الممارسة، وتعميق حضوره، وتساكنه مع جواره، وتكامله وانسجامه.
ولذلك فاللون مادة خام، توجد بين يدي جميع الفنانين بقدر متساو، ولكن الأهمية تكمن في القدرة على إبراز القوة الطاقية للون، وتنويع درجات حضوره، والقدرة على تشكيله، وخلق التناغم بينه وبين الفكرة، أو الجزء منها، التي يراد له توصيلها. فاللون وحده مادة خام يحييها الفنان، ويعطيها صورها الوجودية، ويفعل دورها التواصلي في نقل الأفكار التي يطمح إلى توصيلها، والتعبير عنها، وتجسيدها في صوره اللونية، وأشكالها الصباغية.

• ما حجم الدور الذي تعطينه للمرأة في أعمالك؟

  • ليست لدي أي نظرة تعصبية للمرأة، لأن مجرد حضورها يعبر عن شعور كامن بنقصها. فالمرأة بالنسبة إلي كائن متساوي الكينونة مع أخيه الرجل، لهما من المسؤوليات والأدوار ما يتقاسمانه، وعليهما مثل الذي لهما.
    ولذلك فالدور الذي أعطيه للمرأة هو الدور الذي منحته لها الطبيعة، والذي أثبتت جارتها في القيام به، والأدوات التي شهد لها التاريخ بها في الإسهام بالنهار المجتمع الإنساني وعلى مختلف المراحل التاريخية.
    فالمرأة الأمازيغية امرأة عاملة نشيطة مهتمة بنفسها وبمحيطها العائلي والأسرية مساهمة في خدمات وسطها بانية لمجتمعها معتزة بقدراتها، مبدعة خلاقة.
    هكذا أتصورها، وهكذا أحس في نفسي، وهذا ما تجسده أعمالي، وتعبر عنه، لأن الفن في حياة الفنان انعكاس لعالمه الداخلي ولشخصيته، يقوى بقوته، وينضج بنضجه، ويرتقي بارتقائه

 

 

 

حاورها خليل بلى

الفنانة الامازیغیة رقية السميلي ل کوڵان: الدور الذي أعطيه للمرأة هو الدور الذي منحته لها الطبيعة
الفنانة الامازیغیة رقية السميلي ل کوڵان: الدور الذي أعطيه للمرأة هو الدور الذي منحته لها الطبيعة

Top