بعد 300 يوم من الانسداد.. إعادة الانتخابات أو تغيير النظام أيهما أقرب للعراق؟
تباينت آراء العراقيين حول الدعوات السياسية لحل البرلمان وإعادة الانتخابات، وإجراء تعديلات دستورية، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، فيما يرى آخرون أن الحل يكمن في تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.
وبعد مضي 297 يوماً على عدم اختيار رئيسي الوزراء والجمهورية الجديدين للبلاد، ما تزال الخلافات السياسية تتفاقم خاصة بين الأطراف "الشيعية"، وكان من نتائجها اقتحام آلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مبنى البرلمان، في 27 يوليو/تموز 2022 اعتراضاً على توجه الإطار لتشكيل الحكومة الجديدة بترشيح محمد شياع السوداني حليف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
ودخلت الأزمة السياسية منحنى جديدا بعد تحوّل تظاهرات التيار الصدري إلى اعتصامات مفتوحة، ما اضطر الطرف الآخر (الإطار) إلى إنزال جمهوره أيضا إلى الشارع في تظاهرات للتأكيد على "الشرعية واحترام الدستور".
ولتجنب تصادم الإطار والتيار، طرحت كتلا سياسية فكرة إجراء انتخابات مبكرة، لفك الانسداد السياسي الحاصل، لكن هذا الخيار قد يواجه رفضا من بعض القوى السياسية فضلا عن عدم وجود رغبة شعبية للمشاركة فيها على اعتبار أنها "لن تغير شيئا"، بحسب المواطنة مريم (من بغداد)، التي أشارت إلى أن "الانتخابات السابقة كانت لتغيير الأحزاب الفاسدة ولكن لم يحصل هذا التغيير، فجماهير الأحزاب ستنتخب مرشحيهم مرة أخرى، في ظل حضور خجول للمستقلين داخل الحكومة".
وترى مريم في حديثها أن "الحل يكمن في تغيير نظام الحكم إلى رئاسي"، مطالبة المجتمع الدولي بـ"التدخل لتغيير نظام الحكم وإنهاء الفوضى في العراق منذ 19 سنة".
أمّا المواطن منتظر (من كربلاء)، فيرى أن "عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات السابقة نفع الأحزاب من الإطار التنسيقي والتيار الصدري في حصدهم النسبة الأكبر من الأصوات، وفي حال تمت إعادة الانتخابات سيتكرر السيناريو مجددا".
ويضيف منتظر أن "إنهاء سيطرة الاحزاب يكون عبر المشاركة الفاعلة للمواطنين في الانتخابات"، وفيما يتفق منتظر مع مريم على أهمية تحويل الحكم إلى رئاسي، أعلن عن رفضه لأي تدخل أجنبي داخل البلاد، كونه "يخلق مشاكل داخلية، ولا يبحث عن مصلحة البلد بقدر مصلحته الشخصية".
والدعوة لانتخابات مبكرة ليست بجديدة، حيث طرحت في أوقات سابقة أيضاً، وفي هذا الشأن يذكر النائب المستقل، باسم خشان، "تقدمت بطلب لحل مجلس النواب أكثر من مرة، كذلك طالبت بتعديل قانون الانتخابات الذي ألغت المحكمة الاتحادية عددا من مواده".
ويوضح خشان أن "مبادرة المستقلين أثبتت في ظل الوضع الحالي بأنها كانت حلا لإنهاء الأزمة السياسية"، مشيرا إلى أن الكثير من النواب اختاروا جانب الحياد في الوقت الراهن، وهؤلاء تنقصهم الشجاعة، إذ لا بد أن يكون للنائب رأي في المسائل المهمة".
وفيما يخص التحول إلى النظام الرئاسي فيقول النائب، إن "تغيير النظام الى رئاسي يحتاج إلى تعديل الدستور، وتعديل الأخير مسألة معقدة"، لافتا من جانب آخر إلى أن "دعوة الصدر لتعديل قانون الانتخابات غير حقيقية، فقانون الانتخابات وضعه التيار، لذلك دعوة الصدر لتغيير النظام السياسي والدستور وقانون الانتخابات جميعها دعوات غير حقيقية"، مرجحا أن الصدر سيحاول إنهاء الأزمة ويتراجع عن مواقفه السابقة.
وسحب مقتدى الصدر، الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات تشرين الأول، نوابه البالغ عددهم 74 نائبا من البرلمان في حزيران الماضي، بعدما فشل في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة (الإطار التنسيقي).
وبعد أشهر من المفاوضات، ترك الصدر لخصومه في الإطار، مهمة تشكيل الحكومة بعدما قام بخطوة مفاجئة بسحب نوابه من البرلمان.
ويضم الإطار كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي، وكتل لم تحقق نتائج كبيرة في الانتخابات مثل تيار الحكمة.
ويرى محللون تحدثوا لشفق نيوز، أن إجراء انتخابات مبكرة هو الخيار الأقوى في حال عدم الوصول إلى اتفاق يجمع الإطار مع التيار أو يتنازل أحدهما للآخر عن الحكومة.
ويبين المحلل السياسي، صباح العگيلي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن الانتخابات المبكرة "متعلقة بالحكومة فهل ستبقى حكومة الكاظمي، أم سوف يتم اختيار رئيس حكومة ويعطى له فترة قد تمتد لسنة من أجل الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهذا الطرح قد يناسب العملية السياسية اذا ما وصلنا إلى الانغلاق السياسي".
ومسار حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، يختلف عن تغيير النظام والدستور، بحسب المحلل السياسي، محمد نعناع، الذي يقول إن "تغيير النظام إلى رئاسي أو ممارسة انقلاب على الطبقة السياسية الحالية، بأن يقوم طرف بهذه الخطوات مدعوما بالشعب، مسار غير ديمقراطي، حيث تقوم قوى واطراف معينة خارج السياقات الدستورية والبرلمانية والديمقراطية وتتبنى إعادة بناء الدولة من جديد وفق رؤيتها كما يطرح ذلك أحيانا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر".
أما الدعو إلى حل البرلمان والانتخابات، فيوضح نعناع، خلال حديثه للوكالة، أن "هذا يكون ضمن النظام نفسه الحالي، على اعتبار أن البرلمان الحالي اهتزت شريعته بانسحاب الصدريين منه، والاطراف الحالية لم تستطع أن تشكل حكومة".
ويتابع: "هناك عرف في السياقات البرلمانية بأن الانتخابات اذا لم تستطع تشكيل حكومة خلال مدة أقصاها 60 يوماً، فإنه يتم إجراء انتخابات مبكرة لتصليح الوضع، وبالتالي هناك فرق بين دعوات تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي، وبين دعوات حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة".
وفي ظل هذا التعقيد السياسي، تواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها "تصريف الأعمال اليومية"، وإذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر هذه الحكومة لمرحلة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة.
شفق نيوز