• Sunday, 24 November 2024
logo

هل كانت روسيا على علم بالهجوم الصاروخي على إقليم كوردستان؟

هل كانت روسيا على علم بالهجوم الصاروخي على إقليم كوردستان؟

بهروز جعفر

يقول الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في قصيدة "العصافير تموت في الجليل" والتي غناها مارسيل خليفة، يقول: إنني ارتشف القبلة من حد السكاكين" أي ان بإمكاني ارتشاف القبلات عندما يقطعون شفاهي بسكين، في قمة الألم ومن وراء الم السكين وعندما تمسك بعنان مبتغاك، هو ما قيل عنه منذ القدم، ان "السياسة فن". على المحلل او السياسي المحنك ان يعرف ما موجود خلف الجدران، وما موجود خلف السكين! حتى تعرف الى اين تتجه الاحداث؟ ليست الحكمة في سرد احداث الماضي والحاضر، بل ما هو العمل في المستقبل هي المهمة الصعبة، وإلا فإن بمقدور أي سائق تاكسي، في أي بلد، احاطتك بالوضع الحالي وتحليل الأوضاع بشكل جميل.

اطلاق اثني عشر صاروخاً من ايران على الأراضي العراقية وإصابة عدد من الأهداف والادعاء بانها مراكز إسرائيلية، ليست حتى محل تصديق قيادات الجيش والنخبة السياسية الإيرانية. في الحقيقة إنها مرتبطة مباشرة بمسألة الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان والتغييرات الأخيرة في خط نقل الغاز وعملية التحول الى الكهرباء في حدود البحر الأبيض المتوسط، في الفكر الاستراتيجي لتلك الدول ان نفط وغاز كركوك وإقليم كوردستان يجب ان تكون في متناول دول البحر الأبيض المتوسط وأوروبا. وهذا هو السبب الرئيس وراء اهتمام فرنسا وإيطاليا واليونان بالعراق وإقليم كوردستان في السنوات الأخيرة.

لم تؤد مفاوضات ايران في فيينا ومفاوضاتها مع السعودية الى أي نتيجة وفي العراق لم يستطيعوا ملء الفراغ الذي تركه قاسم سليماني. لقد فشلوا في تحقيق اجندتهم، بل دفعت تلك الاحداث العراق الى ان يتحدث عن انه من الضروري يعتمد على نفسه في المستقبل.

ما تحدثنا عنه سابقاً هو مجرد حقائق والتي يمكن لسائق التاكسي ان يفقهها. ولكن بين كل هذا وذاك يبقى السؤال الأهم هو حول الصواريخ التي اطلقت على أربيل عاصمة إقليم كوردستان الا وهو: هل كانت روسيا وراء الصواريخ التي اطلقت على عاصمة إقليم كوردستان او هل ان ايران اطلقت صواريخها بعلم روسيا؟

حسب قناعتي الشخصية نعم، لأن:

ايران وروسيا حليفان استراتيجيان، لديهما قضية وعدو واحد. يتفق معظم المراقبين ان ما يسمى الهلال الشيعي، في الحقيقة ما هو الّا "الهلال الروسي" في الشرق الأوسط. الا نرى صور بوتين تملأ شوارع دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء؟
مع ابتداء الربيع العربي عام 2011 زارت العديد من الوفود عالية المستوى الكرملين وكان من بين الزائرين الجنرال قاسم سليماني، وطالبت هذه الوفود الجانب الروسي بالخروج من سوريا، وهذا يعني ان روسيا دخلت سوريا واتخذت من ميناء طرطوس مقراً لها اصلاً بطلب إيراني.
نعم، روسيا على علم بتلك الصواريخ، لأن (40٪) من أنبوب نفط كوردستان يدار من قبل مجموعة (كار كروب) الذي يملكه الشيخ باز برزنجي، فيما تعود ملكية (60٪) من الانبوب الى شركة روزنفت الروسية.
الذي شجع ايران على اطلاق صواريخها على أربيل هي سياسات الرئيس الأمريكي بايدن، والذي يريد وبامتياز مواجهة المد الصيني والروسي والوقوف في وجهيهما، وفي نفس الوقت يظهر الليونة امام ايران، انه يريد معاملة ايران بطريقة لا تدفعها الى خلق المزيد من الصداع لها وتتوقف عن التدخل في المنطقة. لهذا رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب وتتوجه نحو رفع الحرس الثوري ايضاً من تلك القائمة.
سوريا هو اخر بلد تقع على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وتحتوي المناطق الشمالية الشرقية، أي المناطق الكوردية فيها على (85٪- 91٪) من مخزونها من النفط والغاز الطبيعي. وتعمل ايران منذ عشرة سنين على تغيير النسيج الاثنوغرافي فيها حيث ان غالبية سكان المنطقة الساحلية هم علويون والاكراد هم العائق امام مد أنابيب النفط والغاز الى البحر الأبيض المتوسط.

في النهاية، أيا كان المدير التنفيذي لمجموعة كار كروب وسواء كان يسكن أربيل او كلار او السليمانية كان سيصبح هدف الهجوم الصاروخي. الملاحظ هو التشويه الحاصل في الداخل الكوردستاني لوسائل الاعلام والرأي العام حيث انه في حال ان المئات من الشركات الروسية والإيرانية والتركية والكندية والاماراتية والهنغارية والهندية تعمل في مجال النفط ومعظمها لا يدفع اية ضرائب للحكومة المحلية وفي نفس الوقت تقوم بتلويث البيئة وتخريب الطرق والشوارع وتقوم بتسجيل شكاوى على حكومة الإقليم بين آونة وأخرى، وبدل ان تطلب وسائل الاعلام هذه بتأسيس المزيد من (كار كروب) في كوردستان وتأسيس شركات نفط معتبرة محلية تعتمد على كادر تقني ودفعها الى سوق العمل، بدل كل ذلك تهاجم وسائل الاعلام المحلية رجال الاعمال الكورد!
اشهر شركات النفط الإماراتية العاملة في مجال الغاز الطبيعي حققت خلال الأشهر الثلاثة الماضية ربحاً يقدر بـ(450٪). ويقدر بان (85٪) من الشركات الفرعية العاملة معها هي شركات تركية وتحقق ارباحاً تقدر بمئات الملايين من الدولارات، هناك شركات تقوم فقط بتصليح وادامة الآلات وتحقق أرباحا بعشرات الملايين من الدولارات ولا يعرف احد حتى اسمائها! هناك اكثر من (300) مصفى نفط في إقليم كوردستان وتم دفع مليارات الدولارات لتصميمها وتم استيرادها الى كوردستان ولا احد يعرف حتى اسمائها، والغريب ان الظاهر هي فقط هو اسم الشركة الكوردية وتتعرض للهجوم عليها من الاعلام الكوردي.

 

 

 

شفق نيوز

Top