العراق يحرق يومياً أكثر من مليار قدم مكعب من الغاز.. وخبراء يدعون للاستثمار بدل الهدر
تنتج حقول نفط الشمال والوسط العراقي في اليوم 348 مليون قدم مكعب من الغاز، ويتم هدر 115 مليون قدم مكعب من هذه الكمية عن طريق حرقه مباشرة، أما إنتاج الغاز الطبيعي في البصرة وذي قار وميسان فيبلغ مليارين و531 مليون قدم مكعب في اليوم، يتم هدر مليار و392 مليون قدم مكعب، وذلك بحسب تصريحات وزارة النفط العراقية .
ويأتي حرق وهدر الغاز في العراق بينما ظهرت منذ فترة أزمة غاز في أوروبا، حيث يتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز عالمياً.
ثاني دولة بحرق الغاز
في هذا الصدد، يقول الباحث بالشان السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي في حديث ، إن «العراق ثاني دولة في حرق الغاز المصاحب بعد روسيا، حسب بيانات البنك الدولي».
ويضيف الباحث، أن «معدلات الخسائر السنوية تبلغ ما يقارب ٢ - ٣ مليار دولار، ويستورد العراق الغاز لتغذية محطاته الكهربائية التي يعمل قسم كبير منها على الغاز بمعدل ٣ مليار دولار سنوياً».
ويرى العلي، أنه «من الناحية الاقتصادية، يتوجب على العراق زيادة استثماراته في معالجة الغاز المصاحب والغاز الحر معاً، إذ يمتلك العراق احتياطات من الغاز تقدر بـ ٣.٥ ترليون متر مكعب (١٢٥ ترليون مقمق) يتواجد ٧٠٪ منها على شكل غاز مصاحب للنفط، و٣٠٪ منها على شكل مكامن غاز حرة في مناطق مختلفة من العراق».
وأشار الباحث إلى أنه «ربما نجد بعض المعوقات أمام العراق لاستغلال الغاز، منها تأمين الأموال لاستثمار الغاز المصاحب، أو إمكانية إتاحة الفرصة للشركات النفطية الكبيرة للاستثمار والمشاركة في إنتاج الغاز المصاحب أو الحر، أو حل القضايا المتعلقة بجولات التراخيص التي منحها العراق للشركات العالمية للاستثمار في الحقول النفطية، ومدى إمكانية دخول شركات أخرى ضمن عمل تلك الشركات في الحقول نفسها».
ويستدرك أنه «من الناحية الفنية، قد لا يكون استثمار الغاز المصاحب أمراً يسيراً، خصوصاً وأن الكثير من الحقول الممنوحة بعقود التراخيص أديرت بصورة غير مهنية، مما تسبب بهدر كميات كبيرة من الغاز اعتباراً من عام ٢٠١٣ لصالح الزيادة في الإنتاج النفطي، والذي ساهم أيضا بتغيير تركيبة الغاز الطبيعي الموجود في المكامن النفطية وتغير نسب مكوناته، والتي قد تتطلب مزيداً من الاستثمارات لمعالجته وتنقيته من المواد المضرة، رغم ذلك، يتوجب بذل المزيد من الجهود لتقليل الهدر في هذه الثروة وتوجيهها لصالح اقتصاديات البلد».
وتخمن وزارة النفط العراقية حجم احتياطي البلد من الغاز الطبيعي بـ 124 ترليون قدم مكعب، يشكل الغاز المصاحب لإنتاج النفط 70% من هذه الكمية.
جذب المستثمرين
من جانبها قالت الخبيرة في مجال الاقتصاد مها الزهاوي في حديث إن «العراق يضطر لحرق ضعف كمية الغاز التي يستوردها من إيران، لعدم توفر الإمكانات التجارية للاستفادة من ذلك الغاز».
وترى الزهاوي، أن «العراق يحرق الغاز المنتج لديه دون الاستفادة منه، بينما يستورد الغاز من إيران، وبالرغم من ذلك لا يزال غير قادر على تلبية كامل احتياجاته».
وأكدت الزهاوي، أن «العراق بحاجة لجذب مستثمرين جدد بعد إرساء الثقة والاستقرار وتحسين مناخ الاستثمار بقوانين جديدة».
ويقول رئيس مركز أبحاث استراتيجيات وسياسات الطاقة في تركيا أوغوزهان آق ينر، إن «العراق يمكنه تحقيق تنمية اقتصادية كبيرة، وتجاوز المشاكل التي يعاني منها في الطاقة، بتطوير حقول الغاز الطبيعي لديه بعد إرساء الاستقرار والأمن».
وأكد «إمكانية الوصول إلى مستويات إنتاج 40 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً خلال 10 أعوام، في حال تم تطوير الحقول الواقعة في مناطق إقليم كوردستان فقط، وأن هذه الكميات كافية لتغطية الاحتياج المحلي وتحقيق فائض للتصدير، وهذا سيساعد على تسريع وتيرة التنمية في عموم المنطقة».
وأشار الخبير التركي إلى أن «العراق تمكن من إدخال 3 حقول للغاز الطبيعي فقط من أصل 15 إلى الخدمة، وتركيا قادرة على بناء وتشغيل وتطوير هذه الحقول وخطوط الأنابيب والمنشآت الخاصة بها وتأمينها».
وقال إنه لا يتوقع أن يقوم العراق على المدى القريب بتصدير الغاز إلى تركيا أو أوروبا في ظل أزمة الطاقة الموجودة حالياً.
وأضاف أنه «بالرغم من أن العراق لديه احتياطي غاز طبيعي يقدر بـ 3,5 تريليون متر مكعب، إلا أنه لم يتمكن من جذب استثمارات لتطوير حقول الغاز واستخراجه، لعدم توافر إمكانية نقله من البلاد إلى أي سوق بطريقة آمنة ومستدامة وبتكلفة مناسبة»
وأوضح آق ينر، أن «العراق ينتج ويستهلك حاليا أكثر من 10 مليارات متر مكعب سنوياً، وحوالي 20 مليار متر مكعب يستخرج ويُحرق أثناء استخراج البترول، والبلاد تستورد من إيران 10 مليارات متر مكعب أخرى لتشغيل محطات توليد الكهرباء».
ويعتبر العراق في المرتبة 11 عالمياً والمرتبة الخامسة عربياً من حيث الغنى بالغاز الطبيعي.
باسنيوز