• Monday, 23 December 2024
logo

الخيارات الشاقة امام الصدر: مقاعد معارضة أو حكومة توافق

الخيارات الشاقة امام الصدر: مقاعد معارضة أو حكومة توافق

قدمت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية تحليلا للاحتمالات القائمة أمام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بما في ذلك احتمال جلوسه في مقاعد المعارضة البرلمانية الأكبر في العراق، مرجحة في الوقت نفسه أن يشكل حكومة توافقية جزئية بالتحالف مع "الإطار التنسيقي" ما سيؤدي الى تحقيق الحكومة العراقية الجديدة لأولويات الصدر السياسية والايديولوجية والدولية. 

وبداية ذكّر التقرير الأمريكي بالجلسة البرلمانية التي افضت الى انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان لولاية ثانية، والى حدوث انقسام إضافي في صفوف الشيعة، وهي جلسة كشفت أيضا عن قدرة الصدر على تغيير الديناميكيات السياسية في جميع أنحاء العراق. 

واعتبر التقرير؛ أنه بالإمكان النظر الى انتخاب الحلبوسي على أنه انتصار لكتلة الصدر على "الإطار التنسيقي" الذي هو عبارة عن كتلة متحالفة مع ايران، مشيرا الى أن التمثيل السياسي للطائفة الشيعية ينقسم بشكل واضح الى كتلتين رئيسيتين: الاولى هي التيار الصدري، والثانية هي "الإطار التنسيقي"، وهو عبارة عن ائتلاف فضفاض من القوى الشيعية. 

ولفت التقرير الى ان التيار الصدري، باعتباره أكبر حزب منفرد في البرلمان، فقد صوت لصالح اعادة انتخاب الحلبوسي، فيما قاطع "الإطار التنسيقي" التصويت، في حين وقع انقسام مشابه بين الكورد، ففيما شارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة مسعود بارزاني، في التصويت، فإن الاتحاد الوطني الكوردستاني، انضم الى "الإطار التنسيقي" في مقاطعة التصويت.

وتابع التقرير؛ ان الصدر وصف عملية التصويت بأنها خطوة مهمة نحو تشكيل "حكومة اغلبية وطنية"، لكن التقرير اشار الى انه منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، فإن الصدريين يسعون اما الى محاولة تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" في إطار تحالف مع أحزاب غير شيعية، او الى القبول بلعب دور المعارضة السياسية، في حين أن "الاطار التنسيقي" طرح خيارا وحيدا يتمثل في تشكيل "حكومة توافقية". 

واوضح التقرير؛ انه بالنسبة الى مقتدى الصدر، فان تأليف حكومة اغلبية، يقتضي الاتفاق مع الفائزين الأساسيين داخل المكونين السني والكوردي، واستبعاد القوى الأخرى عبر المشهد السياسي، مضيفا أن "حكومة الأغلبية يمكن أن تكون مسؤولة وفعالة ولديها مهمات ومسؤوليات واضحة". 

لكن التقرير لفت إلى أن هذه الفكرة مرفوضة من جانب "الإطار التنسيقي" وكل حزب رئيسي، بخلاف التيار الصدري.

واعتبر التقرير أن جدية الصدر في تشكيل حكومة اغلبية، من شأنها أن "تشكل تحديا للوضع الراهن القائم في العراق منذ العام 2003"، مشيرا الى ان الصدر يدرك في الوقت نفسه، أنه لا يتوفر لديه دعم مضمون من الاحزاب الاخرى. 

واوضح التقرير؛ انه في حين انضم السنة والحزب الديمقراطي الكوردستاني الى الصدر في التصويت لانتخاب الحلبوسي لرئاسة البرلمان، الا ان انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، يعتبر بمثابة أمر أكثر تعقيدا، مشيرا الى ان التوصل الى حكومة اغلبية وطنية صدرية، مرهون بدعم الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف الجديد بين "تحالف تقدم" و"تحالف العزم"، مضيفا انه اذا نال مقتدى الصدر مقاعد الحزب الكوردي الاخر، اي الاتحاد الوطني الكوردستاني، فإنه سيكون بامكانه ايضا ان يقود حكومة جديدة. 

وبحسب التقرير، فإن بإمكان الصدر ايضا ان يشكل حكومة اغلبية وطنية من خلال تفريق صفوف "الاطار التنسيقي" وكسب دعم تحالفات شيعية من داخلها مثل تحالف الفتح.

و بالإجمال، اعتبر التقرير ان الصدر سيواجه ثلاثة تحديات رئيسية في أي محاولة له من أجل تشكيل تحالف مع الكورد والسنة، اولها انه برغم وجود تفاهم قبل الانتخابات بين الصدر وبارزاني والحلبوسي، الا ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاحزاب السنية ترفض حتى الآن فكرة تشكيل تحالف مع كتلة شيعية واحدة فقط. 

اضافة الى ذلك، أشار التقرير إلى تحد آخر يتمثل في ان رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، زعيم "الإطار التنسيقي"، حاول تشكيل تحالفات جديدة في محاولة لزيادة مقاعد "الإطار"، وهو ما خلق توازنا في المقاعد بين الكتلتين السنيتين، مما جعل من الصعب على الحلبوسي ادعاء الزعامة أو التمثيل الوحيد للسنة. 

والتحدي الأخير، كما يشير التقرير، فيتمثل في أنه إذا نجح مقتدى الصدر في الحصول على دعم الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكوردستاني، فإن الصدريين (وهم المكون الشيعي داخل هذا الائتلاف)، لن يكونوا بمثابة الاغلبية، وهو ما يعني انها ستكون المرة الاولى منذ العام 2003 التي لا تكون فيها الحكومة العراقية تحت سيطرة الشيعة. كما يعني ذلك ان هذا الائتلاف سيخوض كفاحا من اجل كسب دعم مكونات المجتمع الشيعي في العراق. 

ولهذا، اعتبر التقرير أن هذه التحديات تعزز من احتمال محاولة الصدر التوصل الى تفاهمات مع القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي" من أجل تشكيل حكومة إجماع بقيادة الصدر. 

كما أن هذه التحديات، قد تجعل الصدريين يفكرون أيضا في القبول بلعب دور المعارضة، وهو خيار قد تكون له بعض الجاذبية للصدر الذي صور نفسه دائما على انه زعيم متمرد يسعى الى فرض المحاسبة على الحكومة، مضيفا أن مؤيدي الصدر الذين لا يثيرون شكوكا في خياراته، قد ينظرون إلى الصدر على انه "زعيم حقيقي ضحى بالسلطة السياسية من أجل الشعب". 

ومع ذلك، اشار التقرير الى انها ليست المرة الاولى التي يهدد فيها الصدر بالخروج من الحكومة والانضمام الى المعارضة، الا انه اضاف ان الحال مختلف اليوم، اذ ان الصدريين يحتلون أكثر من 70 مقعدا برلمانيا، و بامكانهم ان يكسبوا دعم الفصائل الأصغر وذلك من أجل تشكيل كتلة كبيرة للمعارضة، وإن الصدر إذا قرر السير على هذا الطريق، فإنه بذلك "سيخلق أكبر قوة معارضة في النظام السياسي العراقي بعد العام 2003". 

وبرغم هذه التقديرات، الا ان التقرير لفت الى وجود عوائق كبيرة من المحتمل ان تفوق الفوائد المحتملة لتشكيل ائتلاف معارض". واوضح انه "إذا قام الصدر بتشكيل ائتلاف معارض ، فسيكون ذلك فقط لأنه جرى منعه من تأليف حكومة اغلبية، وأنه في ظل التنافس الشخصي بين المالكي والصدر، فسيكون لذلك آثاره الأوسع على صورة الصدر ومصداقيته". 

وتابع التقرير؛ أن "خسارة القدرة على القيام بتعيينات تشمل آلاف المناصب العليا والخاصة في الحكومة العراقية، قد تجعل الصدر مترددا في تشكيل ائتلاف معارض"، موضحا ان "التحكم بإجراء هذه التعيينات، "يسمح للسياسيين بتوجيه السياسة الوطنية وتعزيز مصالحهم السياسية والعرقية - الطائفية والاقتصادية"، وبالتالي فإن التموضع في صفوف المعارضة "سيمنع الصدر من استغلال هذه الفرصة". 

وختم التقرير بالقول إنه "اذا لم يتم إشراك الصدر في الحكومة المقبلة، فان الاطار التنسيقي والميليشيات الموالية له، ستهيمن على العراق، وهو ما سيتيح للميليشيات الاستمرار في عملها من خارج قوات الأمن العراقية ومن دون مواجهة ضغوط من الحكومة". كما أن الحملة لردع السلاح غير القانوني والتي شنها الصدر، لن يتم تطبيقها، وهو ما يعني خيبة للصدر و لآمال المؤيدين الدوليين الذين رأوا في زعيم التيار الصدري، وسيلة للحد من نفوذ القوى المسلحة الموالية لإيران.

وخلص التقرير الى القول انه في ظل كل هذه العوامل، فإن المرجح ان "يتم تشكيل حكومة توافقية جزئية"، مضيفا انه "لا يوجد شيء حول حكومة توافقية، إلا أن الجديد هو أنها قد تكون حكومة توافقية تتبع الأولويات السياسية والايديولوجية والدولية لمقتدى الصدر".

 

 

 

 

 شفق نيوز

Top